23 ديسمبر، 2024 9:48 م

صمود الثورة العراقية… ضرورة وجودية لتلافي الماسأة السورية

صمود الثورة العراقية… ضرورة وجودية لتلافي الماسأة السورية

يملك الحراك السني في العراق حظوظاً قوية وفرصاً كثيرة للانتصار ونيل المطالب العادلة ، ولا ينقصه سوى القليل من الصبر والمطاولة والثبات في وجه التحديات القائمة والمنتظرة.
لقد مهدت الثورة السورية الطريق أمام ثورة العراقيين السنة لأنها لم تنتفض على النظام العلوي فحسب وإنما زعزعت سياسة النظام الإيراني الذي أحكم قبضته على المنطقة عبر أنظمته ومليشياته وعملائه ، والسوريون اليوم يواجهون العدوان الإيراني بالنيابة عن الأمة ولا ينقصهم سوى من يستثمر انتفاضتهم وينهض معهم للثورة على حلفاء إيران في كل مكان .
بعد مرور عامين على الثورة السورية الأموية بإمكاننا القول إن زمن الهيمنة الايرانية قد ولى الى غير رجعة بإذن تعالى وأن زمن الصحوة السنية قد أقبل ، والعاقل النبيه من يستفيد من تجارب الآخرين ويستثمر انجازاتهم ويبنى عليهما مكملاً ومطوراً.
أعلن السوريون الثورة على إيران وحلفائها ، ودفعوا ضريبة لذلك دماء كثيرة وتضحيات لا تقدر بثمن ، وما على أهل العراق اليوم إلا استثمار الانجاز السوري ومواصلة التظاهر والحراك الشعبي حتى لا يعيدوا التجربة السورية المرة.
فالمشهد الدموي في سوريا لم يكن إلا نتاج السكوت والصمت الشعبي عن المجازر التي ارتكبها العلويون خاصة خلال الفترة (1980-1982 ) وكانت عاقبة هذا الصمت هو زيادة الاستبداد العلوي لتتحول سوريا العروبة ومعقل الأموية إلى حاضنة للمذهب الشيعي ومعقلاً للأحزاب والمليشيات الجعفرية ( حزب الله ، حزب الدعوة ، الحرس الثوري الإيراني ، مراجع الدين والحوزات).
لقد مرّ أهل السنة  بمثل المحنة التي تعصف بالشام هذه الأيام ، فلا ينبغي أن نعود إليها بأنفسنا بقعودنا عن التظاهر أو بفتور الهمة والركون الى وعود السياسيين  وكلامهم.
إن الحراك السني اليوم يرهب كل الأطراف الشيعية ، فلا شيء يقف بوجه الحركة الشعبية والانتفاضة الأهلية ، وقد رأينا كيف أصيب النظام الأمني في سوريا بهلع ورعب من خروج التظاهرات السلمية وهو الذي عُرف بقبضته الحديدية وبطشه المخابراتي بأي حركة معارضة ، ولا شك بأن قوة المالكي ومليشياته وحلفائه لا ترقى إلى عشر ما عند النظام السوري من قوة وأدوات وأجهزة للقمع ، فدكتاتورية المالكي ما زالت حديثة ناشئة بينما الدكتاتورية العلوية في سوريا تقترب من عقدها الخامس.
إن استمرار المقاومة الشعبية السنية والحراك الأهلي السلمي يحقق لأهل السنة مكسبين أساسيين :
1-الحفاظ على الوجود والهوية والكيان
فالسياسة الشيعية منذ عام 2003 لم تهدف إلى الاستئثار والإقصاء والاستبداد فحسب وإنما إلى اجتثاث المقابل وسحقه والقضاء على وجوده وإكراهه على القبول بالتشيع سياسة وثقافة ومرجعية ، وقد سلكوا في سبيل تحقيق ذلك كل الوسائل نذكر منها
-تشريع القوانين العنصرية ( اجتثاث البعث ثم المساءلة والعدالة ، قانون مكافحة الإرهاب، المخبر السري)
-بناء الجيش والأجهزة الأمنية على أساس شيعي مليشياوي
-الحرب الاجتثاثية التي قادتها جيش المهدي (2006-2007) والسيطرة على العاصمة ، وتغيير ديمغرافية بعض المدن ، وتهجير الآلاف من أبناء العرب السنة داخل وخارج العراق.
-السيطرة على الأوقاف السنية
-الاستقواء بالمحتل الأمريكي لضرب المدن السنية وذلك في الفترة (2003-2009)
-حملات الاعتقال والإذلال داخل السجون التي تسفر عن إيداع الآلاف من أبناء السنة في السجون والمعتقلات الرسمية والسرية.
-فرض الثقافة الشيعية عبر الطقوس والمناسبات الدينية ( عاشوراء ، الغدير ، الأربعينية وغيرها ) التي هي استعراض لقوة المذهب الحاكم وتعبير عن نشوة الانتصار الشيعية

2-تجنب تكرار التجربة الدموية السورية
كما أسلفنا فإن دكتاتورية المالكي ما زالت غضة طرية ، لكنها في طريقها الى أن تكون كدكتاتورية العلويين في سوريا في حال توقفت المظاهرات ورضي العرب السنة بـ”حكم “دولة القانون” و”حزب الدعوة” والوحدة الوطنية ونبذ مشاريع التقسيم !!.
لقد حاول السُنة في سوريا التمرد على الحكم العلوي في الثمانينات من القرن الماضي لكنهم لم ينجحوا وقعدوا بعد ذلك بعد أن تحملوا فاتورة باهظة ، لكن ثمن القعود وعدم مواصلة الثورة كان أكبر من ثمن الدماء التي سُفكت في حماة وإدلب وحلب خلال الأعوام (1980-1982) ، لأن تلك المجازر قد تكررت على نحو أشد عنفاً بعد 3 عقود في الأعوام ( 2011-2012) .
والعرب السنة في العراق قد تعرضوا لمحنة القتل والتعذيب والاجتثاث الشامل خلال الأعوام (2005-2007) و قد حانت الفرصة الذهبية لتفادى تكرار التجربة المرة للشعب السوري ، ومنع المالكي من مواصلة نهجه الدكتاتوري والسير على خطى حافظ الأسد.
إن المنطقة في طريقها نحو التحرر من القبضة الشيعية فقد تزعزع كيان العلويين في سوريا وتضعضعت سلطتهم في لبنان ، وما على سُنة العراق إلا أن يكونوا جزءاً من إعادة المنطقة إلى سنيتها وهويتها وروحها.
إن أكبر الخسران أن يتحرر السوريون من القبضة الشيعية ، ويرضى العراقيون بحكم حزب الدعوة لتكون بلادهم مركزاً لتقويض الحكم السني في سوريا ، فعلى عقلاء أهل السنة أن يستعدوا ليكونوا عوناً وظهيراً للحكم القادم وأن لا يوطئوا ظهورهم للمالكي وقاسم سليماني ومقتدر الصدر.