لم يعد السكوت على سلوكيات داعش امرا له ما يبرره سوى التواطؤ والتأييد المبطن لتلك السلوكيات الشاذة خاصة وان من لاذوا بالصمت المدقع هم انفسهم من اكثر المهرجين والمتباكين على الوطن والمواطن .
فبالأمس القريب كانت هنالك اصوات ما برحت تعلو وتهرج في الفضائيات المأجورة والصحف الصفراء لأي سبب كان ما دام الامر يمكن استغلاله للتشهير بالحكومة ورئيسها السيد المالكي .
واليوم تنكشف عورة هؤلاء الناعقين ويتضح زيف ادعاءاتهم وتتعرى نواياهم عندما لم ينبسوا بكلمة ادانة واحدة تجاه العمل الجبان والغادر والبعيد كل البعد عن الانسانية والرجولة والمتمثل بقيام عناصر داعش الارهابية بقطع المياه عن محافظات الوسط والجنوب .
فقد شاهدنا ان اعلى سلطة في البرلمان تصاب السنتها بالشلل التام ولم يستطيعوا الاتفاق على توجيه كلمة ادانة واحدة ، كما شاهدنا اختفاء اصوات بعض السياسيين الذين تميزوا بإعلانهم الاعتزال بين فترة وأخرى .
ولكنهم يعدلون عن الاعتزال لكي يقولوا ما في جوفهم من تخرصات تجاه الحكومة والمذهب والطائفة ثم يعودوا الى جحورهم ولا يخرجوا منها الا بأمر من السلطان السعودي او القطري او العثماني.
ولم يعد الكلام تجاه الصامتين يجدي نفعا لأنك اصبحت تنادي من لا حياة له ولهذا فان كلامنا سوف لا يأتي بما نرجوه لكونه اصبح كلام من البشر مع الحجر.
ولكن دعونا نتفحص التكتيك الجديد لداعش والمتمثل بقطع المياه عن محافظات الفرات والجنوب وهل هو تكتيك داعشي ام تكتيك بعثي ؟؟.
مما لا شك فيه ان ازلام البعث هم اكثر الاشخاص انتماءا وارتباطا بالقاعدة ودليلنا على ذلك ان الذراع الايمن لزعيم داعش ابو بكر البغدادي هو عقيد من الجيش السابق واحد ازلام النظام البعثي ويدعى ( حجي بكر ) والذي قتل في سوريا قبل مدة ليست بطويلة.
كما حصل بعض ضباط النظام السابق على مواقع مهمة في تنظيم داعش وشكلوا اذرع ضاربة لحماية التنظيم وزعيمه وكانوا من اصحاب المشورة والرأي فيه.
وهذا التسلل والزحف في المناصب داخل تنظيم القاعدة من قبل البعثيين مرده ان هؤلاء هم من عشاق المناصب ومن اصحاب الولاءات لمن يعطيهم حتى ولو صفة رمزية تجعلهم يحلمون بأنهم ذات سلطة وجاه وهذه هي مشكلة وعقدة البعثيين النفسية .
وبالعودة الى تكتيك قطع المياه وتتبع مفاصل تنفيذه سنجد انه تكتيك بعثي بامتياز لأننا نستطيع بسهولة ان نربط بين قطع المياه من قبل بعثيي داعش عن محافظاتنا بقطع المياه عن الاهوار وتجفيفها من قبل زعيم البعث الملعون صدام.
فقد تعرضت الاهوار للتجفيف في التسعينيات من القرن الماضي وتحديدا بعد انتفاضة عام 1991 والتي سميت بــالانتفاضة الشعبانية، عقابا لسكان الأهوار الذين تمردوا على نظام البعث الصدامي ولم يتبقى سوى 4% من اجمالي مساحتها بعد تجفيف 96% منها .
يقول (كافن يونك) صاحب كتاب (العودة الى الأهوار) (اذا اردت الجنة فهي موجودة هناك بين دجلة والفرات كما ان بين النهرين عالما جميلا ورائعا وأناسا طيبين) .
قد حاول الطغاة في العصور السابقة تجفيف هذه البقعة الحضارية والقضاء عليها وقد باءت محاولاتهم بالفشل كمحاولة الحجاج بن يوسف الثقفي ولكن ارهابي البعث الداعشيين المعاصرين والذين هم الأمتداد الطاغوتي للحجاج استطاعوا ان ينفذوا جريمتهم البشعة بقطع المياه عن محافظات الفرات والجنوب واغراق مدن الانبار.
وهو ما يدعونا للتأكيد على ان من وضع خطة قطع المياه عن محافظاتنا هم انفسهم من وضعوا خطة تجفيف الاهوار لأنهم ذوات خبرة وإطلاع بهكذا تكتيكات .
ولعل تكتيك قطع المياه قد كشف عن حجم الارتباط التآمري لبعض الشركاء في العملية السياسية .
فقد اعلن قائد عمليات الانبار الفريق رشيد فليح عن حصولهم على تسجيل صوتي بين بعثي داعشي واحد قادتها يخبر فيه الاخير صاحبه البعثي عن مخاوفه من كون قطع المياه قد يسبب حرجا لبعض اصدقائهم في البرلمان .
وهذا التسجيل يثبت بما لا يقبل الشك ما اكدناه سابقا من قولنا بان للقاعدة حواضن في البرلمان وهم واضحين وضوح الشمس ولكن لعنة الله على المحاصصة والحصانة .
ان تمادي داعش ومن معهم من البعثيين في سلوكياتهم القذرة وإلحاقهم لمختلف انواع الاذى بالشعب العراقي ما كان له ليحصل لولا الغطاء الذي يوفره لها بعض المتنفذين في السلطة ممن اتت داعش بهم لمناصبهم نتيجة المحاصصة اللعينة ،
وتراخي بعض رؤساء الكتل المعروفة باستماتتها للحصول على المناصب حتى لو تطلب الامر التنازل للشياطين والتملق لهم مقابل حصولهم على بعض الامتيازات والمناصب التي يبغون الحصول عليها لغايات في انفسهم .
لقد اصبحت التحديات كبيرة وأصبح الواجب يحتم على الحكومة والأجهزة الامنية التصرف بحكمة وبسرعة لتوجيه ضربة قاضية للمجاميع الارهابية من داعش والبعث ليتم بعدها الانتقال الى احالة المتعاونين والمتواطئين مع الارهابيين وإحالتهم للقضاء بالجرم المشهود .
ولكن ما يجب التاكيد عليه هو ان تكتيك داعش تكتيك مكشوف يسهل على قواتنا التعامل معه وافشاله بمساندة الشعب والخيرين من ابناء الانبار الاصلاء.
خاصة وان الحكومة تمتلك الامكانيات العسكرية واللوجستية لإنهاء هذا التنظيم الارهابي ولكن ذلك يتم من خلال تكتيك يتمثل بأبعاد انسانية وأخلاقية وخطة محكمة يتم من خلالها تجميع العناصر الارهابية في مكان محدد ليتم ابادتهم بسهولة وهذا الامر سيتحقق قريبا بعون الله .