تتجلى قناعات الناخب.. متكاثفة في شخص المرشح، من حيث التوجه الفكري والاداء الميداني… تلك هي الصلة الواجب مدها بين قطاعات الشعب ونوابه.
فالديمقراطي والليبرالي والعلماني والمدني والشيوعي، وأية تسمية إصطلاحية أخرى، يتكاملون مع الدين وعموم المعتقدات الغيبية من حيث الهدف الاسمى، وهو عيش كريم للفرد وسط مجتمع متحضر، يتمتع بثرواته الى أقصى غايات الرفاه البريء الذي يسعد الناس ويرضي الرب.
تتضافر الاحزاب مع الدين، في سبيل تسوية الهنات… بل الكوارث الخدمية والامنية والاجتماعية التي وقع فيها شعبنا منذ 2003 الى الآن.. “لكل ضعفا ولكن لا تشعرون”.
منذ 2003 والمواطن العراقي “يحوم حول السور مستجديا.. تنهشه مخالب الموت.. حتى إذا ما اليأس أودى به.. صاح من الأعماق: يا أنتِ” ولا من مجيب!
هذه التراكمات جعلت الناخب العراقي، يحن الى ما قبل الانهيار، شاعرا بأن ملاحظاته المثبتة على السابقين أخف بكثير مما جره عليه اللاحقون؛ لذلك يرفض النواب المجربين والمجرب لا يجرب، وهو لا يثق بالمرشحين الجدد… لذا نحاول إيجاد وسائل عملية لتفتيت العقد النابعة من واقع الشعب، الذي يجب ان يسند مرشحين عازمين على تقديم المساعدة، من خلال برنامج سياسي جديد يواكب مرحلة الانفتاح على العالم ونشر ثقافة النزاهة والسلام، بعد نظافة العراق من آفة “داعش” وتأمين أركانه من لوثة الارهاب.
نحاول تغيير الواقع المرير، وتحويل العراق الى جنة وارفة الظلال.. “ريح وريحان وطيب مقام”.
واجهتني فئات اجتماعية متنوعة، من مستويات تعليمية متعددة، بقرار مقاطعة الانتخابات، وبهذا ستصاب العملية السياسية بتجلط، يوجب على المواطن توسيع عروق البلد ليتدفق الدم النقي وليس الفاسد!
اما الخضوع لعقدة اليأس والمكوث تحت هيمنتها؛ ففرصة يتمناها مزورو الانتخابات المستعدين قبل بدء العملية؛ لانهم سيستفيدون من الفراغ الانتخابي، وفشل العملية الديمقراطية في العراق، بإملاء شروطهم وتمرير أغراضهم.
لا تزاح العوائق الديمقراطية عن سبيل انسيابية السلطة نحو تحقيق الرفاه للمواطن وتكريس ثروات العراق لإسعاد شعبه، الا بمساندة الناخب للمرشحين الجادين ونشر الوعي الانتخابي بالوجهات الميدانية التي يهدف الحقيقيون الى إرسائها، فمقاطعة الانتخابات لن تقطع الطريق على المزورين، بل تخلي الساحة لنهازي الفرص، المتربصين بأية سانحة؛ يستغلونها للقفز على العملية السياسية، آخذين شرعيتهم من الفراغ الناتج عن المقاطعة.
طفق على الشارع طفح من ثراء أغنياء يريدون الجلوس على مقاعد مجلس النواب وجاهة وإستعراضا إجتماعيا، يحجزون بطاقات الناخبين مقابل 500 ألف دينار، أصلا إقتطعوها من المال العام، ثالمين في معيشة الفقير، الذي يبتزونه وهو لا يدري بان الـ 500 الف تنفق في بضعة شهور اما النائب فيستولي على ثروات البلد اربع سنوات.
اتمنى على الناخب حسن القرار بالمشاركة وحسن الاختيار بالتمييز بين من هو قادم لخدمة المواطن والقادم لخدمة نفسه وعائلته وتغذية إنتمائه الفئوي بتعميق الهوة الطائفية.
عليه المشاركة واختيار العقليات المتجددة.. الوثابة عمليا، القلقة على مأكل الفقير ومشرب المعدم وملبس الطالبة الجامعية ومطبخ ربة البيت و”مسواك ابو العيال”.
لن نتخلى عن حقنا الديمقراطي في الانتخاب، لكننا نقوِّم العملية على سكك مسالكها السديدة التهديف نحو تفتيت العقد العالقة التي تغضن غلافها متكيسة تحت ضمائر الساسة توهن كاهل المواطن وتبهظ حياته بإرهاق ثقيل.. هذه المرة هي الفاصلة بين السكون المستسلم للفساد وبين سبيل النجاة الى شاطئ النزاهة، في عراق عابر للطائفية ويعتمد الكفاءات بديلا عن المحاصصة؛ فثروات العراق تتسع لشعبه كافة.. بالتساوي، من دون ان تستحوذ عليها طغمة متسلطة…
لكن ذلك بحاجة لاعادة صياغة الدستور وفق منهج ميداني نابع من معاناة الفرد والمجتمع، وليس مجاملة لفئات طائفية وقومية، وهذا لا يتحقق الا بمشاركة فعالة من الناخب في حسن الاختيار.