أن المصاهرات بين بني هاشم وبني أمية كانت مشهورة قبل الأسلام ، فهذان البيتان هما أبناء عمومة من جد واحد. وأستمرت هذه الزواجات بعد الأسلام ولكن يتنكر الكثير لصلة القرابة والمصاهرة بين النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وبين الصحابة وأبنائهم لأسباب ليست من موضوع هذا المقال. ويحصر بعض الناس هذه المصاهرات بأثنين أو ثلاثة فقط أما جهلاً أو تعمداً ويرجعونها الى أنها كانت خارجة عن أرادة أهل البيت أو أنها تمت وأنتهت بالطلاق كما يدعون. ولكن هذه القرابة والتقرب بين آل البيت والصحابة كانت أوسع مما يظنه البعض وأخذت أشكالاً متعددة منها التزاوج وتسمية الأبناء وأسناد المناصب لبعضهم البعض ومدح بعضهم البعض في العلن ومن على المنابر الى آخره، مما يدل على أن لهذه الصلة جذور نابعة من المحبة والأحترام. ولكن يأتي البعض ليطعن بمثل هذه القرابة ويطعن بمن كان يتقرب الى أهل البيت، وهذا موضوع طويل.

ولنعرف أولاً من هم آل بيت النبي (ص)؟ ولغرض توضيح هذا المصطلح لغوياً وقرآنياً نورد الاسنادات التالية. فأهل البيت – وفي بعض الأحيان تسمى آل البيت- هو مصطلح مركب من “أهل أو آل” و”البيت”. فما معنى أهل وما معنى البيت؟ يقول أبن منظور في لسان العرب”: وآل أصلها أهل، ثم أبدلت الهاء همزة، فصار في التقدير أأل، فلما توالت الهمزتان أبدلتا ألفاً ممدودة.

وقال الجوهري في صحاحه: أهَلَ فلان أي تزوج.. و أهلُ الرجل زوجته، وأهل فلان امرأته يأهل أذا تزوجها فهي مأهولة، والتأهل التزوج وتأهل الرجل إذا تزوج وفي باب الدعاء “آهلك الله في الجنة” أي زوجك فيها، وأدخلكها.

وقال عز وجل: [إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين] سورة البقرة آية 33، وقال: [وإذا فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون] سورة البقرة آية 50. وطبعاً آسيا أمرأة فرعون ليست ممن أصابها العذاب.

وقد ذكر القرآن تسمية أهل أو أهل البيت في عدة مواضع منها:

 وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها….  سورة طه الأية 132. وهنا المقصود بها زوجاتك

كما وردت لفظة أهل في ذكر قصة أبراهيم عليه السلام لما جاءت رسل الله إبراهيم بالبشرى:  وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب * قالت يا ويلتى ءألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إنّ هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد [سورة هود الآية71، 72، 73]. فاستعمل الله عز وجل هذه اللفظة بلسان ملائكته في زوجة إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه لا غير.

وعندما امر الله تعالى لوطاً عليه السلام بلسان الملائكة [قالوا يالوط فاسرِ بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد الاّ امرأتك أنه مصيبها ما أصابهم أن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب] سورة هود الآية 81. فأهل لوط هم أتباعه وبناته لأن امرأته لم تكن مشمولة بالسير معه.

وقال الله عز وجل في قصة موسى عليه السلام:  فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور ناراً قال لأهله امكثوا إني آنست ناراً [سورة القصص الآية 30]. كذلك في سورة النمل في قوله تعالى:  وإذ قال موسى لأهله وأيضاً تحت قوله تعالى: سار بأهله. فالمراد من الأهل في هذه الأيات زوجة موسى عليه السلام لأنه لم يكن مع موسى غيرأمرأته بنت شعيب.

كذلك في سياق ذكر الله تعالى لزوجات النبي في سورة الأحزاب الآية33، 34:  ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطِعن الله ورسوله * إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً * واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً .  المراد بكلمة أهل هنا زوجات النبي، حيث وقعت كلمة أهل بين آيتين المخاطب فيهما زوجاته عليه الصلاة والسلام كلهن، هكذا فسرها المفسرون. أما كلمة البيت في هذه الآيات فالمراد بها بيت النبي (ص) ومساكن زوجاته لقوله تعالى:  واذكرن ما يتلى في بيوتكن.

وفي الحديث “أن النبي (ص) أعطى الآهل حظين والعزب حظاً”، والآهل الذي له زوجة والعزب من لا زوجة له.

وقيل إن أهل كل نبي أمته وأهل ملته ومنه قوله تعالى:  وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا سورة مريم رقم الآية 55  . وأهل المذهب هم من يتبعونه، وأهل الأمر ولات الأمر، وأهل الرجل هم أخص الناس به وأقربهم اليه.

ويظهر من هذا كله أن أهل البيت أو آل البيت تطلق خاصة على الأزواج ، ثم تستعمل في الأولاد والأقارب والأتباع تجاوزاً، وهذا ما أثبتاه من القرآن الكريم. فأهل بيت النبي (ص) هم زوجاته جميعا أولاً، ثم بناته الأربعة وأصهاره وأولادهم وأقرب الناس اليه. لقد استعمل البعض كلمة أهل البيت بمفهوم ضيق وحصروها خطأ أو عمداً بسلالة النبي من السيدة فاطمة رضي الله عنها وبصورة أخص بسلالة الحسين رضي الله عنه، وهذا يناقض ما ورد في القرآن.

بعد أن عرفنا معنى أهل البيت نأتي الى ذكر المصاهرات والقرابة بين النبي صلوات الله عليه وسلامه وأهل بيته من جهة والصحابة وأولادهم من جهة أخرى.

– زوجات النبي عليه الصلاة والسلام: ومنهن عائشة بنت أبي بكر الصديق وحفصة بنت عمر بن الخطاب وأم حبيبة ورملة  بنتا ابي سفيان بن حرب. ولم يطلقهن حتى توفي عليه الصلاة والسلام.

– بنات النبي (ص): وهن السيدات فاطمة زوجة علي بن أبي طالب، وأم كلثوم ورقية زوجتا عثمان بن عفان وولدت له رقية عبدالله بن عثمان، وبذلك سمي بذي النورين، وزينب زوجة أبي العاص بن ربيعه. والمعروف أن عثمان وابن العاص ليسا من بني هاشم.

– زوجات علي بن أبي طالب: بعد وفاة فاطمة الزهراء تزوج علي من أسماء بنت عميس فولدت له يحيى، وكانت بنت عميس زوجة ابي بكر قبل أن يتزوجهاعلي وأبنها محمد بن أبي بكر كان ربيب عليّ ، وولاه على مصر في خلافته.

– بنات علي بن أبي طالب:
ومنهن أم كلثوم تزوجها عمر بن الخطاب حتى مات وولدت له زيد ورقية.
رملة بنت علي تزوجها معاوية بن مروان بن الحكم
خديجة وكانت متزوجة من عبد الرحمن بن عامر الأموي. وكان أبوه عامر بن كريز الأموي أميراً على البصرة من قبل معاوية وشريكاً في حرب الجمل مع طلحة والزبير ضد علي “رضوان الله عليهم جميعاً “

– بنات الحسن بن علي (رض): أم القاسم بنت الحسن تزوجت من مروان بن أبان بن عثمان بن عفان. وزينب بنت الحسن المثنى ونفيسة بنت زيد بن الحسن بن علي تزوجهما الوليد بن عبد الملك بن مروان.

– زوجات الحسين بن علي: من زوجات الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر. وأم أسحاق بنت طلحة بن عبيد الله ولدت للحسين فاطمة بنت الحسين. وطلحة أشترك في معركة الجمل.
– بنات الحسين: فاطمة بنت الحسين كانت متزوجة من حفيد عثمان بن عفان وهو عبدالله بن عمرو بن عثمان. وسكينة بنت الحسين تزوجت مصعب بن الزبير وبعده تزوجت من زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان

– محمد بن جعفر الطيار: أبنته رملة تزوجها سليمان بن هشام بن عبدالملك
عبد الله بن جعفر الطيار: أبنته أم كلثوم تزوجت من أبان بن عثمان بن عفان

– جعفر الصادق أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولهذا كان الصادق عليه السلام يقول: ولدني أبو بكر مرتين.

– علي الرضا بن موسى بن جعفر: زوجته أم حبيب بنت المأمون بن هارون الرشيد وجعل المأمون ولاية العهد بالرضا وسك له الدراهم الا أنه مات في الطوس قبل أن يموت المأمون.

– محمد الجواد بن علي بن موسى: زوجته أم الفضل بنت المأمون الثانية.

والقائمة تطول.

أما تسمية أبناء أهل البيت بأسماء الخلفاء الرشدين فهي شائعة جداً ونذكر هنا بعض الأمثلة.

– علي بن أبي طالب: اولاده أبو بكر الأكبر وأبو بكر الأصغر  وعمر الأكبر وعمر الأصغر وعثمان الأكبر وعثمان الأصغر.

– الحسن بن علي: سمى اولاده أبو بكر وعمر وعمر الأشرف وطلحة أخوان الحسن المثنى.

– الحسين بن علي: سمى أبناءه أبو بكر وعمر الذي قتل معه في كربلاء.

– علي زين العابدين: سمى أبنته عائشة وأبنه أبو بكر فكني بأبي بكر.

– موسى بن جعفر: سمى أبناءه أبو بكر وعمر وعائشة.

– علي بن محمد الهادي: سمى أبنته عائشة.
والقائمة تطول

ومن هنا فأن الصحابة وأولادهم والأمويين والعباسيين زوجوا أبناءهم وبناتهم من أهل البيت والعكس صحيح، كما ان أهل البيت سموا أولادهم وبناتهم بأسماء الصحابة وأولادهم. هذا وإن الأمام علي بن أبي طالب هو أول بني هاشم من سمى ولده أبي بكر. مما يدحض القول أن مثل هذه الأسماء هي مجرد أسماء عربية ليست حكراً على أحد ويسميها من يشاء، وهل يسمي الأب أحبابه وفلذات أكباده بأسماء أعدائه أو يتزوج منهم ويزوجهم؟ هذا وقد ذكرت هذه المصاهرات والأسماء في كتب الشيعة والسنة على السواء. أما المديح والتولية بين الصحابة وأهل البيت فهي كثيرة لا يسع المجال لذكرها.

وأخيراً نذكر أسماء الرجال الذين نقلوا للشيعة أحاديث عن الرسول (ص)، ونقلوا أقوال أهل البيت، ومنهم :
المفضل بن عمر، أحمد بن عمر الحلبي، عمر بن أبان، عمر بن أذينة، عمر بن عبد العزيز، أبراهيم بن عمر، عمر بن حنظلة، موسى بن عمر، والعباس بن عمر. وكما نرى فأن المشترك بين هذه الأسماء هو اسم عمر! سواء كان اسم الراوي أو اسم أبيه.

ويتبادر الى الذهن سؤال: أذا كان أهل البيت والرواة الذين نقلوا الأحاديث عنهم يتسمون بأسماء الخلفاء الراشدين الثلاثة فلماذا لا نرى مثل هذه الأسماء شائعة في الأوساط الشيعية بل لماذا قتلت المليشيات من كان يحمل هذه الأسماء بالذات، ولا نعتقد أنهم عملوا ذلك بدون فتوى؟ وأذا كانت مثل هذه القرابة والصلة بين الصحابة وأهل البيت فلماذا يدعي البعض بأن الصحابة سلبوا حق أهل البيت بالحكم وتآمروا عليهم. قد يقول قائل للتمويه أن هذا مذكور في الكتب القديمة فقط وهي ليست رأي العلماء في الوقت الحاضر ولكن هناك العديد من هذه الكتب لا مجال لذكرها هنا. نرجو أن تكون هذه المعلومات دافعا لأعادة التفكير في الكثير من المسلمات عند البعض.