العدالة ترتكز على الإنصاف والمساواة والحقوق الفردية والمباديء المجردة والتطبيق الذي يوائمها، فالإنصاف يكون باحترام النصوص والحكم طبقا للقانون حيث لا ينتج عن هذا الحكم ظلم لطرف دون آخر ، وإذا ما أنتج ظلم على طرف فإنه سيكون تأثيره عليه قوياً فيشعر بالظلم والتعسف ، من طرف القضاء والعدالة المفترض فيهما الحفاظ على حقوق الملتجىء إليهما ، ويمكننا هنا أن نستحضر واقعة الحكم الجائر باستبعاد الشيخ صباح الساعدي والعفو عن مشعان الجبوري شيئان متناقضان ولم يسبق للقضاء العراقي ان يقع في فخ السياسة التافهة ، وتحويل المحاكم إلى بورصات للمتاجرة في العدالة باستبعاد الشرفاء والدفاع عن الفاسدين , وتصبح خطوط الهاتف تحمل التعليمات القاتلة التي تبيع وتشتري في مصائر الناس , ومكائد ضد الأشخاص والجماعات المناؤئة للحاكم , بشكل يجعل الإستقرار عملة نادرة سواء على مستوى الدولة أو القضاة أنفسهم والذين يجب أن يحذروا من لعب أدوار ليست لهم أو خوض معارك سياسية بالنيابة عن جهات غير قادرة على خوض المواجهة بشكل مباشر ، انكشف أمر “الخوفقراطية” حاليا وأضحى الجميع يعرفها ولم يتصدى لها باعتبارها أحد ركائز منظومة ونهج تدبير وتسيير لامور العراق، وعلى رأسها القضاء ، خلافا لما كان سائدا بالأمس ، إذ كانت “الخوفقراطية” تحتم السكوت على بعض أشكال وتمظهرات الظلم والجور ، في عراقنا الجديد يشبه العراق البائد لا اعتبار لطبيعة الدستور ولا حجم ومساحة السلطات الموضوعة بين يدي الحاكم ، لأن إمكانية مساءلة رئيس الحكومة معدومة قانونا وعرفا وسياسة ، بل الأدهى من ذلك أن نجد بين المحكومين من يبررون – جهلا أو خوفا أو مصلحةً – هذا الوضع الذي يؤبد التخلف ويرسخ الاستبداد ويُبقي على واقعنا المأزوم .
يعيش الناس حياة كريمة في الدول الغربية المتقدمة وينال كل ذي حق حقه، بفضل تطبيق القانون وحده ومؤسساته لولاه لما كان بينهم وبين نظرائهم في الدول المتخلفة أي فرق، حيث تهضم فيها حقوق الناس في كل يوم، وتعيش الأغلبية حياة مليئة بالبؤس والظلم والذل، بل حتى من طرف من انتخبوهم من الرؤساء المتنفذين الذين تمارس غالبيتهم الفساد بأشكاله المختلفة ، ويترقون بفضل ذاك الفساد واللصوصية إلى مناصب عليا، فيصبح بعضهم قادة سياسيين يخططون لمصير شعب ووطن بدلاً من أن يكونوا في السجون ما وسع من دائرة الفئات الانتهازية التي تسّلقت السلم الاجتماعي، وتحظى دون وجه حق بالمناصب القيادية التي تؤهلها للمشاركة في صنع القرار، مما أدى إلى شيوع مظاهر الإحباط واللامبالاة في أوساط الأكفاء، والمجِّدين والمخلصين، مما جعل أجواء العيش خانقة مضجرة تنهك عجلة الحياة، وتعيد المجتمع برمتّه للوراء، بمعنى أنه على من احتكروا السياسة وعطايا السلطة واقتسموا الوطن ككعكة كما عبرت عنها احدى نائبات دولة القانون عليهم أن يفهموا ويدركوا ويتقبلوا بالكف عن التهريج ، نريد تغييرا حقيقيا، وليس شكليا لا يضمن لنفس الوجوه الفرصة كي لا تكمل مشوارها الجاد في سحب الوطن نحو الحضيض .
خلال الأيام االماضية امتحن قضاؤنا بطريقة تعاطيه مع ملف استبعاد المرشحين وكانت طريقة التعامل لم يكن لها سابقة قضائية ، ومن المعيب تكرار الكلام واجتراره والعزف على إيقاع حول دولة حق او دولة قانون ، وناسف على ماوصل اليه قضاءنا ؟ لمن نلتجا ؟؟؟ كما قلت بأننا لسنا في دولة القانون ولا في دولة الحق، اننا كعراقييون ليسوا متساوين أمام القانون، أي نحن درجات، منهم أصحاب المال وأصحاب النفوذ وأصحاب السلطة ، فأغلبية هؤلاء معفيون من المساءلة والعقاب وكما هو واضح بالقرارات القضائية ، ثم هناك عدد كبير من الأشخاص المرتبطين بمراكز القرار السياسي والأمني والذين يكرسون ممارسة لابشع الجرائم ولا يسري عليهم القانون كما باقي الناس .
*[email protected]