18 ديسمبر، 2024 8:36 م

صفير الشعب لخيل الحكومة

صفير الشعب لخيل الحكومة

 حاجة الإنسان في متطلبات الحياة، أجبرته على إتباع أساليب سلوكية واضب على ممارستها تسهيلاً لقضاء حاجاته، فمنها مابقي سلوكاً فردياً، ومنها ماتحول موروثاً جمعياً، مثل نداء الحوت، فحينما يصاب القمر بالخسوف، يحمل الأطفال صفائحهم وطبولهم يقرعون عليها وهم يرددون (ياحوته يامنحوسة – هدّي كَمرنا العالي) .
ولأن قمر العراق،بات كابياً ومبتلعاً من حيتان كثيرة، فقد قرع بعض النواب على طبول أصواتهم حتى تقرّحت، وهم يصرخون بالحكومة أن تطلق قمر الخدمات وتضيء ليل الفساد كي ينكشف الفاسدون،وتظاهر الناس في الشوارع لعل أحد يسمع ، لكن أولئك (البعض) لم يفعل سوى (تحليل رواتبه) كما فعل ذلك الشرطي الذي كان يضرب المتهم كلّ يوم، لالشيء الا (لتحليل راتبه).
أما (صفائح) ضيوف الفضائيات وأقلام كتّاب الصحف، فقد ملأت بضجيجها السماء والنجوم ورددها الطير والبوم،منهم من يهاجم الحكومة ومالكيها ، ومنهم من يدافع عن المالكي والمالكية ،
 لكن بلا فائدة، إذ بقيت حوت السياسيين تبتلع قمر الشعب، وهكذا استمرت ليال العراق تغرق في الظلام .
لكن هناك ما هو جدير بالإنتباه في سلوك الكائنات، إن الإنسان (إذ كثرت عليه الصوايح) أي الملامة والتأنيب، فإنه يزداد ارتباكا وبالتالي ارتكاباً للأخطاء، أما الخيول، فإنها تحرد أحياناً فلا تشرب الماء، لذا يقوم السقاة بإطلاق صفير نغمي، تشجيعاً لها على الارتواء كي تنتعش من ثم وتواصل الجري بخفة ونشاط .
مشكلتنا مع خيول السياسيين بنوابهم وحكومتهم، إنها لم تتعب جرّاء ركضها نحو هدف تدّعي إنها تروم إيصالنا إليه، كي نطعمها ونسقيها، ولاهي عجزت عن الترافس والتصاهل، كي نستبدلها بغيرها ونستريح، لكنها تدور في أماكنها هانئة شبعة، من دون أن تقدم مايشفع لها أو (يحلل) ما تناله، لا صهيلاً مجدياً ولا جرياً نحو هدف .
لم يبق لدينا الكثير لنفعله سوى أن نأخذ خيول السياسيين إلى السقي، فنصفّر لها ونشجّعها ونطبطب على أعناقها ونقول لها كما قال ذلك الرجل لفرسه العجوز : إمشي معي إمشي معي، ما أتركك لا تفزعي، فلعلنا ننجح بحملها على الجري نحو هدف نافع .