المقومات الفنية والدلالية التي تدخلني في عالمي الذي عملت عليه وفي ظل الظروف الصعبة التي مررنا بها ومنذ نعومة أظافري ، ومن خلال منظومة المسرح الجمالي التي أوجدها مجموعة من خيرة علماء الجمال على مد العصور ، وهؤلاء برعوا في نقلها إلى ذائقة المتلقي ، ونحن بدورنا تربينا عليها من بعض الأسماء التي عملنا معهم قبل وبعد ان درسنا الفنون بشكل اكاديمي ،و بوصف المسرح لا علاقه له بالدين أو الوطن أو الهوية المحلية ، بل هو نتاج إنساني وإبداع كوني ، ويمكن فهم لغته مهما تنوعت أو أختلفت ، وما نعانيه اليوم من شللية مقوماتها الفشل والخذلان ، الذي يلازمها أينما حلت بفعل عوامل عديدة ومنها التخصص والتحصيل العلمي الذي لم يحصداه بفعل الكسل المرتبط بذهنيتهم العفنة والتي تكلست بعدم القراءة والبحث عن المعرفة في هذا العالم التنويري ، وما طرأ علينا من ثورة تكنلوجية فتحت لنا آفاق الدخول في عالم البحث والقراءة ،وهؤلاء يسوقون ذرائع شتى بفعل ممارساتهم الخبيثة التي تربوا عليها ، والمشكلة يقطنون بجوارنا ، وهم ثلة فاسدة في هذه الارض ، وهم بعيدون كل البعد عن مكنوناتي الذاتية ، وهم شبيهون ب ” داعش ” الأرهابية المنتشرة في الشام والعراق ، و من الواضح عليهم أنهم لا يعرفون السلام هنا أبدا ً ،وها أنا أقول ” لا سلام هنا ، ولا راحة ، في منفانا الأخطبوطي المليء بالقاذورات المتفسخة والمنتشرة على أرض المنفى ، وما نعانيه الان من جراء شخوص هلامية دخلت في عالم” الفيس بوك” وتحولت بفعل قدرة قادر إلى أبطال ، وهم لا يظهرون اسماءهم الحقيقية وكأنهم ” الوطواط الخشبي ” ويقودهم ذلك المتصحر الذي ينهل من تاريخه المتعفن ” بالقبور والاموات ” أن جازت التسمية ويبدو على هؤلاء كمن يدخل حربا ً أبدية وقتالا ً أزليا ً بلا غاية وبلا هدف ، وأنما الكل يعذب بعضهم البعض بحكم طبائعهم التي تحتوي الدجل ، المكر ، الشر ، الأختلاس والسرقة ، والاحتيال ، والإيذاء ، وهذا ما يجعلني أعود الى الكاتب المصري الذي قرأنا كل كتبه في فترة المراهقة ، وهذه المرة بروايته الشهيرة ” المسيخ الدجال ” الصادرة عن دار المعارف ، وهي من القطع المتوسط وتقع في 123صفحة ، يقول فيها ” في ختام الزمان عاد العالم كافرا ، كما بدأ كافرا ، ورفع الله الرحمة من الصدور ، ورفع القران من القلوب ، وبلغت الأرض غاية زخرفها ، وظن أهلها أنهم قادرون عليها ، ولو تدخل باطن الرواية وتتفحص مفرداتها تجد كثيرا ً مما طرحها الكاتب من إستشراف لملمح الواقع الجديد ينطبق كلياً على ما مايجري اليوم من خلال عالمه الخيالي الذي بناه المؤلف عبر مسيرة ذاتية متفردة وهو من الذين أخلصوا للقلم ، فأثرى ساحة الفكر والعلم ، وكان السارد الذي أدخلنا في فضاءات الجنة والنار عبر الفن والخيال ، وهو كما يقول في مقدمته ” هذه الرواية كوميديا سياسية تستخدم هذا الإطار الفانتازي ، لتنتقد شخصيات واراء ومذاهب ، ولتخوف من مصير الظلم والظالمين ، ولتورد العبرة والحكمة والعظة ولنلتمس لها مداخل سهلة إلى القلب ، ص3 ،وهذه الرواية أجد فيها الكثير من المتع بوصف القراءة متعة فكرية وكذلك وحدة الحبكة وهي الخاصية المميزة لها ومجموعة الأحداث التي سطرها الكاتب هي بحد ذاتها التي نسجها ضمن بؤرة مركزية اتسعت في اشتغالاتها لتشكل كيانا ً متكاملاً ، و التي كتبت مفرداتها وحرك شخوصها بمهارة ، وهذه الشخوص برمزيتها الدلالية التي تتحرك أمامنا إلى يومنا هذا بأشكال مختلفة وذلك بسردية مليئة بحورات إنسانية وهويدخلك في عالمنا الذي نعيشه ويختار الحافز للشخصية أو العاطفة وأعيد وأكرر يبني حبكته بعناية بحيث تكون كل حادثة تصويراً لذلك الحافز ” الرجل + إبليس ” ولهذا نجد ” لقاء ا ً مع الشيطان ، أو صياد الحقائق ، صاحب الجلالة الموت ، وغيرها
يا سادة يا كرام
أغلى شىء في الدنيا العلم
والإنسان لا يتعلم مجاناً
وإنما يستخلص المعرفة بالألم والمعاناة ص98
هذه الرواية التي أقتطعها المؤلف ” مصطفى محمود ” من حياته ، وقدمها إلينا كشريط سينمائي ، وأن يعطي القارئ ملاحظاته حول الآخره وكذلك الحياة التي يراها دون أن يلزمهم ، خذ مثلاً نموذجَ شاه ايران وملايينه وهو الذي كان يملك سبعة الآف مليون جنيه ويعيش مع حاشية من الحرس في عدة قصور وراء أسوار عالية في جزر الباهاما ،وهو يستعيد من صور الحياة كي يعيش المرء في الخيال مدة من الزمن تترواح بين قرون أو اللحظة التي هو يعيشها ، وهنا نتذكر قول الدكتور جونسن ” تصور مر السنين كمر الساعات ، فنحن يسهل علينا أن ندرك بالفكر الزمن الذي يستغرقه الفعل الحقيقي .وعلى القابعين في المنطقة الخضراء أن يعوا الدرس الذي يقدمه لنا ” مصطفى محمود “