9 أبريل، 2024 2:23 ص
Search
Close this search box.

صفقة البوكمال وزيارة الشاهرودي ومحاولة عدم فرط التحالف الشيعي

Facebook
Twitter
LinkedIn

ذكرنا في مقال سابق ان الوضع العراقي سوف يكون اخطر مما كان قبل تحرير الموصل ، وان السطور القادمة سوف تحمل معلومات كانت تحت اليد ، غير ان الوقت لم يكن مناسبا لطرحها، الان وبعد تسارع الاحداث ارى من الضروري اعلانها، ولو بشكل غير مكتمل .
ان الخطورة التي نتحدث بشأنها لا تتضمن القتال ضد التنظيم الارهابي (داعش) او مهما كانت تسميته ، بل ان الخطورة تكمن في التحالفات السياسية الجديدة وسقوط الاوراق المنتهية الصلاحية، وتاثير ذلك على الواقع العراقي والشعب بشكل خاص، حيث خبرنا من السنوات الماضية ان أي صراع سياسي بين زعماء الاحزاب والكتل ينعكس سلبا على الشارع من زيادة الهجمات الارهابية والاغتيالات والتي اغلبها اذا لم يكن جلها تاتي من اروقة الساسة.
فبعد انسحاب الحكيم من المجلس الاعلى وخروج الصدر من العبأة الايرانية كان لابد لايران ان تتخذ اسلوب (التأديب) تجاه الحكيم والصدر، والحرب الكلامية المعلنة بين الطرفين لا تخفى على الجميع ، فمنذ زيارة زعيم الخط الصدري الى السعودية ، وهو الامر الذي هدم الجليد بين العراق (وطن وشعب وحكومة) والمحيط العربي ، حتى توالت الهجمات الكلامية والتسقيط الاعلامي، اما الحكيم الذي رفض سيطرة الرعيل الاول على مقاليد وقرارت المجلس ، وانسلخ منه ، الامر الذي رفع المظلة عن الكثير من رجالات المجلس ، واول من سقط هي ورقة النصيراوي (محافظ البصرة السابق)، هذه الضربة التي وجهها الحكيم لقيادة المجلس الجديدة لم تمر بدون عقاب ، حيث تم استبعاد مرشح الحكيم لمفوضية الانتخابات وكذلك تنحية ممثله في لجنة الخبراء التي تختار المفوضية الجديدة.
وتستمر المواجهات ، غير ان الصدر وجه ضربة اخرى لايران وحلفائها بزيارة الامارات العربية ولقاءه مع ولي العهد وهو الشخص المشرف على جميع النشاطات الاقتصادية الاماراتية ، الامر الذي احرج احزاب التحالف الوطني وجعلهم بين المطرقة والسندان ، مطرقة الاوامر الامريكية بالانفتاح على المحيط العربي والسندان الايراني الذي تدين الاحزاب الشيعية بوجودها للمظلة الايرانية .
الا ان ايران ارادت (وهو امر مخطط له من مطلع هذا العام) ان تقلل من اهمية تحرير الاراضي العراقية من سيطرة داعش وبالنتيجة تصور للعالم بشكل عام وللشعب العراقي ان الجيش العراقي والعراقيين بشكل عام لا يمتلكون القدرة على محاربة داعش وهم بحاجة الى الدعم الايراني ، وهو امر استراتيجي مخطط له الى المراحل القادمة في حرب السيطرة على منطقة الشرق الاوسط.
حيث تم طرح خطة تدعة (حدوة الحصان) قبل عمليات تحرير الانبار ، أي قبل اكثر من سنة ونصف، التي تقضي بعقد صفقات مع قادة داعش بخروجهم الى الصحراء ، وليس فقط في الانبار بل وفي صلاح الدين ونينوى ، وبعد ان يتم تجمعهم هناك يتم محاصرتهم من على 3 محاور ، الحدود العراقية-السورية، الحدود العراقية الاردنية ، والحدود السورية – الاردنية، غير ان ايران وسوريا رفضتا هذه الخطة ، بحجة انهم لا يعقدون أي صفقات مع القتلة والارهابيين .
من جانب اخر فان الضغوط التي تمارس على مرجعية النجف الاشرف من قبل ايران وسوريا وحتى من روسيا لحث المرجعية على اصدار فتوى (الجهاد الابتدائي) وليس الكفائي، والجهاد الابتدائي هو محاربة الاعداء ابتداءا حتى وان لم يبادروا بالحرب او حتى وان كانو بعيدين عن ارض الوطن، الامر الذي رفضته المرجعية بشدة ، وكانت عازمة على تعليق فتوى الجهاد الكفائي لولا التهديدات باحراق العراق مرة اخرى (وليعلم الجميع اني هنا انقل الوقائع كما هي من دون تحيز او ما شابه بالرغم من مواقفي الثابته تجاه الشخوص والعناوين التي ذكرت هنا)، اقول ان مرجعية السيستاني تتعرض لضغوط شديدة من قبل اللوبي (الايراني-السوري) في العراق المتمثل ببعض احزاب وتيارات التحالف وبعض فصائل الحشد.
ومن ثم فأن الانتصارات المتلاحقة للقوات العراقية ومركزية القرار ادت الى ان ايران وسوريا تشعران بفقدان النفوذ في صناعة القرار العراقي، والى هنا فان الجانب العراقي المتمثل بالحكومة العراقية وبعض الشخصيات السياسية تتوقع من اللاعب الايراني والسوري دعم ومساندة في الحرب ضد الارهاب .
الا ان ايران وسوريا وردا على الضربات المتتالية والخوف من خروج العراق من السطوة والنفوذ نفذا المخطط الموضوع منذ مطلع العام الحالي وكما ذكرات سابقا.
ان اضطلاع حزب الله بالتفاوض مع تنظيم داعش الارهابي والوصول الى صفقة تقضي بخروج افراد التنظيم مع (الاسلحة الخفيفة والمتوسطة) الى الحدود العراقية – السورية، العدد وصل وحسب تقارير خاصة الى اكثر من 700 عنصر ، مع التحاق عددا منهم من كردستان العراق بالتنسيق مع قيادة البرزاني لمعاقبة الحكومة العراقية بسبب تاجيل الاستفتاء والخروج من هذه اللعبة بخسارة ، اضافة الى تامين خروج قيادات داعش من تلعفر وتوفير الحماية من قبل الاسايش في اربيل ، وبعد ان يتم تجمعهم في اربيل يتم ارسالهم الى الحويجة الواقعة في كركوك لتهديد الحكومة العراقية بهم ، ومن ثم فرض مشاركة القوات الكردية بتحرير الحويجة ومصادرتها وضمها الى كردستان كما هو الحال بالنسبة الى سنجار.
الذي لم تتوقعة الاوساط ومصانع القرار في ايران وسوريا ولبنان ان تكون ردة الفعل حادة وشديدة ، الامر الذي اربك قيادة حزب الله وجعل الامين العام السيد نصر الله من اصدار بيان ومن ثم خطاب متلفز .
ولقراءة هذا الامر من نصر الله ، نرى ضرورة الوقوف وتمعن هذا الامر، المعروف عن نصرالله قلة خروجه للاعلام ، الا في الضرورات ، ما الذي دفعه الى اصدار بيان (توضيح) وبعد ان شاهد ان هذا البيان لم يجد اذان صاغية في العراق (الاوساط الشيعية خاصة) ، اضطر (اشدد على اضطر) الى الخروج بخطاب متلفز محاولا امتصاص النقمة الشديدة في الشارع العراقي.
عندها ادركت دوائر صنع القرار في المنطقة وعلى كلا الجانبين ، المعسكر الايراني والمعسكر السعودي ان الشارع العراقي صعب السيطرة عليه ، وليس بتلك السذاجة ، لذا راجعت تلك الدوائر الحسابات ، وتداركا للامر تم ارسال الهاشمي الشاهرودي.
والشهرودي الذي لا يعلم عنه (وللمزيد مراجعة كتابنا البعد الدولي لاغتيال العراق/1) هو من القيادات البديلة التي اعدها السيد محمد باقر الصدر في حال تم تصفيته واجرى اختبار لهذه القيادة مطلع عام 1980 عندما اعتقل بمديرية امن النجف ، فرت هذه القيادة الى ايران وتركته وحيدا وهذه القيادة هي (محمد باقر الحكيم ، كاظم الحائري، محمود الهاشمي الشاهرودي)، وعلى اثر هذا (الخذلان والاحباط والخيانة) اصدر السيد باقر الصدر فتوى (حرمة الانتماء لحزب الدعوة) وانسحب من الحزب (المزيد مدون في كتابنا الذي ذكرته).
اقول ان وصول شخصية (مهمة) وصانع قرار في ايران الى العراق بمثل هذا التوقيت له معاني كبيرة ، اجمعها تشير الى :
1. تذكير قيادة الاحزاب الشيعية بمرجعيتها الى ايران.
2. اصدار امر بوقف أي حملات ضد صفقة حزب الله مع داعش.
3. توجيهات بخصوص الانتخابات القادمة.
4. محاولة التفاهم مع الصدر والحكيم وتهديدهما بالعقوبة في حال استمرار هذا النهج.
من جانب اخر فان اللاعب السعودي والخليجي بشكل عام غير غائب عن الساحة العراقية ، فالفرصة مواتية للعب دور في العراق ما بعد داعش ، ولنا وقفة اخرى مع الدور العربي-الخليجي القادم في العراق في مناسبات اخرى … اذا بقيت في الحياة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب