13 أبريل، 2024 2:03 م
Search
Close this search box.

صفقات علنية لبيع أراض ومياه العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

فوجئ الشعب العراقي قبل أيام وبمناسبة دخول الجيش العراقي الى الكويت عام 1990بمؤتمر صحفي لوزيري الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره الكويتي سالم عبدالله الجابر للاحتفاء بإبرام صفقة جديدة تتنازل فيها حكومة محمد شياع السوداني عن القرية العراقية ام قصر التي تصل مساحتها الي 475 كيلومتر ويتجاوز عدد سكانها خمسين الف نسمة. ووفق تصريح الوزير الكويتي فأن بيوت القرية ستزال وسيتم استلام المنطقة بالكامل بعد أيام وهو ما امر به رئيس الوزراء محمد شياع السوداني محافظ البصرة اسعد العيداني الذي نشرت له بصمة يقول فيها ان ام قصر كويتية وقد انقضى الامر. تسليم ام قصر هي صفقة أخرى في سلسلة صفقات عديدة عقدت مع الكويت منذ غزو العراق ولن تتوقف شملت خور عبدالله وميناء مبارك واستحقاق العراق من المياه الدولية ومياه المنطقة الاقتصادية ووضع المنصات والملاحة وغيرها من استحقاقات فنية تناولها كبار الاختصاصيين العراقيين الفنيين والقانونيين الذين يعرفون ملفات الحدود بكل تفاصيلها وخرائطها وبشكل دقيق ليس مع الكويت فحسب بل مع ايران وتركيا والسعودية. ورغم ان ترسيم الحدود بأنواعها برية وبحرية وجوية لها ثلاثة معايير منها السياسي والقانوني والفني المدني والعسكري ، فأن نظرة على صفقات حكومات الاحتلال المتعاقبة نرى انها قد استغنت صفقة بعد أخرى وشيئا فشيئا عن الكوادر القانونية والفنية ، اذ كان بعض أعضاء وفود المفاوضات يخرج عند كتابة البيان الختامي ويعود بعد ان اتصل بمن يهمه الامر ليغير صيغ البيان ويبدل جملا معينة وصياغات غير مرغوب بها ليفرضها على الفنيين والقانونيين الذين هم غالبا ما يكونون اقلية في الوفود التي يطغي عليها أعضاء من الأحزاب السياسية التي ترتبط بعلاقات مادية متينة بالجانب الكويتي وهذا الامر يطرح بشكل علني وليس سرا اذ ان بعض أعضاء الأحزاب قد كشف عن المليارات التي قبضتها هذه الشخصية او تلك وهناك فديو بالصوت والصورة نشر وبدون أي مانع يذكر يظهر استلام شخصيات سياسية من الرئاسات حقائب الأموال من الحكومة الكويتية ويطرح في الاعلام الحكومي بشكل منتظم سواء من الإعلاميين او من نواب استلام وزراء بعينهم لبضعة مليارات مقابل تسهيل هذه الصفقات وابرامها. وهذا ما يشجع ان تشكل الوفود بغالبية سياسية وبالأخص من وزارة الخارجية لتضييق الخناق وعزل القانونيين والفنيين والعسكريين وهو ما حصل في الصفقات قبل الأخيرة ويحصل اليوم اذ ان المنتفعين من هذه الصفقات عمدوا الى الوشاية بالعميد الركن جمال الحلبوسي ، أهم شخصية عسكرية وفنية متمرسة في ملفات الحدود منذ اكثر من ثلاثين عاما أولا لدى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ومحاولة سجنه واعتباره من كوادر النظام السابق لإسكات صوته ومنعه من التعبير عن الحقائق والوقائع المتعلقة بمشاكل الحدود مع الكويت بالوثائق والحجج والخرائط التي تحفظ حق العراق في حدوده ومياهه وارضه. لقد وصل الامر الى دفع هذه الشخصية للتقاعد وملاحقته ومنعه من الكلام في الاعلام لبيان الحقائق ويبدو حسب تصريح له ان السلطات الكويتية قد اوصلت للعراقيين انزعاجها منه. ورغم تفضيله التقاعد على الخدمة حيث تتم مضايقته وملاحقته فأن الإدارات العراقية المعنية ترفض طلباته بالحصول على ارشيفه للوثائق العراقية التي صدرت خلال مشاركته في مفاوضاتها وهي كثيرة جدا وأكثر من مشاركة أي شخصية جاءت بها أحزاب الاحتلال ممن لا كفاءة لهم ولا تخصص ولا تاريخ. كما قامت الجهات الحكومية بتهميش الوزير الكفوء عامر عبد الجبار وزير النقل السابق ورئيس لجنة النقل في البرلمان والمتخصص أيضا فنيا بملف ترسيم الحدود والذي عمل في اكثر من مائة شركة عالمية حول العالم وابعاده عن ملف الكويت لمنعه من أي مشاركة في أي مفاوضات بسبب خبرته ورصانة إدارة التفاوض والدفاع عن حقوق العراق وعدم بيعه والتفريط بارضه ومياهه وهذا ما دفعه أيضا للاستقالة للاستمرار في التعبير الحر والوطني والمهني الحقيقي الذي تفتقده حكومات المنطقة الخضراء وبرلمانها الذي اختفى بالكامل ولم يعد العراقيون يسمعون له صوتا حول ما يجري بينما كانت أصواتهم تعلو وصراخهم يضج في قاعة البرلمان وهم يهتفون نعم نعم لإيران ! يقول الأستاذ عامر عبد الجبار في احدى مقابلاته الأخيرة ان البرلمان يحوي على من هو مع ايران وضدها ومع تركيا وضدها ومع السعودية وضدها ومع أمريكا وضدها لكن هناك برلمانيون مع الكويت وليس هناك احد ضدها بدليل ما أورده الاعلام العراقي من ان السفير الكويتي هو من اختار أعضاء الوفد العراقي المفاوض وذهبت أول اشاداته في المؤتمر الصحفي الى محافظ البصرة “المنفذ النجيب” اسعد العيداني الموهوب بتغيير أقوله ومواقفه حسب الطلب ، المتحمس لإجلاء وترحيل سكان ام قصر بسرعة فائقة ليحصل على الجائزة كأفضل صديق لخطط الكويت ضد العراق ويتهم النظام السابق بالقول انهم طبقوا كحكومة قانون الأمم المتحدة الذي وقع عليه العراق قبل الغزو فقط ولم يبيعوا ام قصر كما يتهمهم الشعب؟ اما الشخصية الثالثة التي تم ابعادها فهو القاضي وائل عبد اللطيف الذي آثار وبحق احدى اهم النقاط في ملف ترسيم الحدود حيث انسحب اهم عضو في وفد الأمم المتحدة وهو الاندنوسي السيد المختار بعد طلب الكويت واصدقائها في الوفد ترسيم الحدود الا انه رفض لانه غير مكلف ولا من اختصاصه القيام بهذه المهمة التي ضغطت الكويت للحصول عليها. يقول القاضي عبد اللطيف ان ترسيم الحدود ليس من اختصاص الأمم المتحدة لكنها فعلت ذلك مع الكويت بعد انسحاب مندوب العراق والمندوب المختار.
إذا كان النظام كما تدعون كذبا وتنشرون ذلك للتشويش على جرائمكم هو من باع أراض العراق ومياهه في خيمة سفوان وبحسب قرار مجلس الامن 833 فما عليكم وقد أصبح الحكم بأيديكم الا تصحيح اخطاءه وإعادة الحق لنصابه بالتفاوض المهني وبالاستعانة بالخبرات والاخصائيين؟ لماذا ابعدتم كل هؤلاء ولماذا تهددون كل من يدافع عن حقوق العراق وتسكتون الأصوات الوطنية والكفاءات العراقية وتبعدوهم عن الوفود المفاوضة؟ ام ان ما تقومون به خفية مقابل عروض مغرية هو ما يدفعكم لإبعاد هذه الشخصيات التي لا تتسامح مع بيع العراق؟ ان الخرائط والوقائع التاريخية لا تنسخها صفقات العار والبيع والمتاجرة والسمسرة وسياسة الامر الواقع وما هو للعراق سيبقى له ما دام هناك تاريخ ووثائق ومعاهدات دولية!
ان دولة الاحتلال الولايات المتحدة الامريكية هي المسؤولة قانونيا عن حدود العراق وصيانة وحدته وكذلك إيران. لولا هاتين الدولتين اللتين تمعنان بتدمير العراق وخنقه وتعتقدان انه ما يزال هناك درب طويل في مخطط تدميره لما سمحتا للكويت وغير الكويت بوضع اليد على ارضه ومياهه وآبار نفطه. ولهذا السبب فان الولايات المتحدة ما تزال تضع العراق في البند السادس الذي يعتبر أسوأ من البند السابع الذي عانى منه العراقيون لمدة ثلاثة عشر عاما وتبقيه محبوسا في قفص مطالبها للإبقاء على منبع المليارات التي يتزود بها الفدرالي الأمريكي المحشور بأزماته المتكررة ومطالب الكويت التعجيزية عمدا.
ان صفقات حكومات الاحتلال لبيع ارض العراق ومياهه هي صفحة من صفحات الحرب المستمرة التي بدأت مع بدء سرقة النفط قبل عام 1990 واستمرت وما تزال، وما خروج الاحتجاجات في عدة محافظات وذهابها الى البصرة للتعبير عن رفضها لهذه القرارات الا سببا آخر للمطالبة بتغيير جذري للعملية السياسية وتأسيس نظام وطني يحافظ على العراق ويلبي مطالب شعبه في الحرية والديمقراطية والمواطنة وهي مطالب ثوار تشرين التي ما يزال العراقيون يطالبون بها.
ولاء سعيد السامرائي

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب