22 نوفمبر، 2024 11:27 ص
Search
Close this search box.

صفقات-سرقات القرن العراقية..مطابق للمواصفات العالمية

صفقات-سرقات القرن العراقية..مطابق للمواصفات العالمية

يابان العرب تحولت الى مهزلة بعد 2003,فالسقوف العالية في التفاؤل والامنيات تأخذ الناس الى متاهات مظلمة وخيالات بوهيمية معلقة في الهواء,لكن بالفعل كانت هناك مقومات للنهضة والتقدم,فالطاقات الابداعية والموارد ومصادر الثروة قادرة للسيربهذا البلد كما سارت عليه دول نمور اسيا على الاقل الى التقدم والازدهار,انما الذي حدث كان صادما للامريكان(لانهم ارادوا صناعة منجما للذهب الاسود الامن لهم لفترة استعمارية طويلة) وللنخب الواعية(المغتربة على الاقل),فحجم الدمار الذي خلفه الحصار الاقتصادي الجائر,ووحشية النظام البعثي الفاسد,تركت شعب مفكك تائه لايملك اية منظومة قيمية سليمة,ولايستند او يقف على ارض وطنية صالحة(ثقافيا ولا اخلاقيا),كان منزوي مقهور ومتقوقع حد الانغلاق والتحجر على انتماءاته العشائرية او الطائفية والاثنية,
ولعل الخطة الامريكية للادارة الانتقالية بعد 2003 عبر صناعة نموذج تمزيق الدولة والمجتمع(مجلس الحكم المكوناتي),تعطي انطباع سر تمسكهم بالبقاء في هذا البلد,فهم اهل الاستراتيجيات والخطط والتجارب والنماذج الامبريالية العالمية الحديثة في الهيمنة واحكام القبضة على الدول ومواردها,بعد ان وجدت شخصيات ضعيفة متعطشة للمناصب والاموال والحكم,غزلت غزلها الامبريالي الا انه تعثر بعقبات وضعتها الدول الطامعة الاخرى الاقليمية والقارية(ايران وتركيا روسيا والصين..الخ.)….
عندما تنهار منظومة القيم الاجتماعية والسياسية والثقافية عند الشعوب المسلمة تحديدا, تفرغ الساحة للحركات الاسلامية المتطرفة,فهي لاتحتاج الى فكر او ايديولوجيا عميقة لتمريرها بين الناس,لانها متواجدة عندهم وبينهم,(فالناس بالطبع مسلمين),تضعف وتقوى او تتصاعد وتيرتها وفقا للظروف والبيئة الحاضنة لهم,ولكن قد تمرر اجندات خاصة ,غايتها التدمير ونشر الفوضى والعنف من اجل الاركاع والاخضاع للاطماع الخارجية(كما حصل في افريقيا وامريكا اللاتينية مع الفارق ان الحركات الارهابية في تلك الدول هي عصابات الجريمة المنظمة وهي تعمل تحت امرة الدول الامبريالية),ولان الاسلام السياسي حديث العهد بالسياسة ,ولايملك اية رؤية او نموذج او حتى تجربة واقعية حديثة, يمكن ان يستندون ويرجعون اليها للتطبيق(غير النموذج الايراني الذي لازال يمسك بالحكم والديمقراطية عبر عباءة وعمامة ولي الفقيه والحرس الثوري),فهم في العراق على سبيل المثال لا الحصر قبل التغيير قالوا لانؤمن بالديمقراطية,وبعده اصبحوا من عشاق الحكم ورفاهيته وطغيانه احيانا,بل وبدأت كل ملامح التدين تغيب شيئا فشيئا بالتدريج,حتى اغلقت المرجعية الدينية ابوابها بوجههم,بعد ان كانت الداعم الاساس لهم في اول دورة برلمانية انتقالية للحكم,وهي من اصدر فتوى الجهاد الكفائي الذي اسس للحشد الشعبي لمحاربة الارهاب الداعشي المتوحش…
الفساد والفشل السياسي اذا تم البناء والتأسيس عليه, واعتباره قاعدة للبناء الاكبر, تعني ببساطة انك تمشي الى الوراء ,والعالم يتقدم للامام,هكذا هي سنة وصيرورة الحياة والتكوين,وسيرى الناس ظواهر غريبة عجيبة صعبة وقاسية في بعض الاحيان ,تدفع بهم الى الاستسلام امام الانهيار والضياع والانحطاط, وكذلك تجعل منهم حجر كبير صامت امام حالات الفرهود الشاملة لثروات الشعب..
ثمة عوامل اخرى تعمل على محاربة وهدم اي مشروع نخبوي تنويري يعمل على انقاذ الشعب من المتاهات التي ادخل فيها عنوة(او طواعية في بعض المجالات),فعادت لغة الاسلاميين الشيعة المتشددة (القريبة من لغة الاخوانيات الاسلامية المتقهقرة والمتراجعة حاليا)الى ماكانت عليه ثقافتهم في اواسط القرن الماضي,بمواجهتهم للفكر الماركسي والحزب الشيوعي سابقا, الذي ادى الى صعود الحركات القومية المستبدة الى الحكم,
الا ان الاختلاف الوحيد بين المرحلتين او العصرين هي لعبة المصطلحات(كانت الشيوعية كفروالحاد,والمدني علماني ايضا يوضع بالنتيجة في موضع الالحاد),والحقيقة ان الكثير ممن يطلق عليهم بالمدنيين هم من النخب المسلمة الملتزمة بالثوابت الدينية والاكثر نزاهة في المجتمع,
بينما تحوم شبهات الفساد فوق اغلب الرؤوس المعممة والمكشوفة الاسلامية(وماشعار ثوار تشرين بأسم الدين باكونا-سرقونا الحرامية الا اشارة واضحة لانهيار صورة القدوة),
فهم يتحدثون بكل شيء الا الفساد المالي(دع عنك بعض الاصوات المحاربة التي تهاجم وتواجه الطبقة الحاكمة الفاسدة ,وهي لاتملك اي قرار للتغير بل تكون في بعض الاحيان الشماعة التي يرد بها الاسلاميين وحواشي المرجعية الدينية على الاتهامات الموجهة لهم,من انهم لايسكتون عن الفساد),يقفزون هنا وهناك بالدفاع عن كل شيء يصرف انظار العامة عن قضاياهم المصيرية
(عيد الغدير,الشعائر والطقوس,تعديل قانون الاحوال الشخصية المثير للجدل,الخ.),فهذه الدوامة الكبيرة قادرة على ان تجعل اي شعب او امة تدور حول نفسها كالدرويش دون ان تصل الى نتيجة تخرجهم منها الى بر الاستقرار والامان حتى المؤقت منه….
صفقة القرن التي جاء بها الامريكان الى منظقة الشرق الاوسط الجديد,من اجل التطبيع مع اسرائيل,واصبحت ترند سياسي عراقي(كانت التهم ترمى جزافا على بعض الاطراف) على حد التعابير المشهورة في بلادنا,سبقته صفقات عديدة في هذا القرن في بلادنا,
اذ لم يسبق ان تتفق العديد من الاحزاب والتيارات والحركات (التي من المفترض انها سياسية),مع بعض شيوخ العشائر والشخصيات الدينية والاجتماعية المهزوزة على نهب ثروات هذا الشعب بحجج مختلفة,
منها كانت تتم تحت عناوين التنمية والاعمار,كالمشاريع الوهمية او المتلكئة والفاشلة, واغلبها عبارة عن عمليات غسيل الاموال ,رواتب ومنافع عالية ووظائف عليا زائدة من مستشارين وحمايات وعجلات حديثة,
حتى اصبح عدد الاثرياء في بلادنا تفوق اعداد اثرياء امراء البترول,اذ يقال ان نسبة من عبرت ثرواته المليار دولار,تجاوز الثلاثين شخصا ,واخرين يقولون اكثر من هذا العدد بكثير,
ولك ان تتصور ان اجرة بعض الاعلاميين العاملين في عدد من القنوات المأجورة المبتزة ,هي اعلى من اجور الكثير من الاعلاميين المشهورين العرب لمجرد تقديم برنامج لايتجاوز الساعة تقريبا,يظهر فيه احيانا اصحاب النهب والابتزاز المنظم(حيث اصبح بعضهم يملك ثروة طائلة وسيارات فارهة,حتى فتيات الاعلان والشهرة لهن نصيب في حصة الفرهود),فالترويج للمخاوف من قرب احتمالية الوقوع في فخ التطبيع, والذهاب طواعية الى المشروع الامريكي العربي الاسرائيلي,كان يغطي على سرقات القرن المتشعبة والمتعددة في بلادنا,والتي بدأت تطفح وتطفوا رائحتها بعد ابعاد الحلبوسي عن رئاسة البرلمان, وتعثر الاتفاق على اختيار البديل,في تكرار واستنساخ غريب لمايحدث في لبنان ,هناك ايضا وصلت المحاصصة لنفس النتيجة,عجزت المحاصصة عن اختيار رئيس للجمهورية اللبنانية,وفي بلادنا عجزت الطبقة الحاكمة عن انتخاب رئيس للبرلمان…
صفقات القرن للفساد في العراق,جاءت كنتيجة حتمية للمحاصصة الفاسدة وللتركيبة او الخلطة العطارية العشوائية للعملية السياسية,فما كان يطلق عليه فسيفساء تجميع المكونات,انتهت الى طرق مسدودة, لاتفتح الا عبر نافذة العودة الى مطالب الشعب السابقة عبر اجراء تعديلات دستورية جذرية, لانقاذ البلاد من الانهيار, فمايريده البعض محليا استجابة لرغبات الدول الاقليمية الخبيثة, لمحاولات اقلمة العراق (كالدعوات المشبوهة في المناطق الغربية),للشروع بمرحلة تقسيم وتفكيك البلاد,وماوصلت اليه الامور من تراجع امني وسياسي واقتصادي,وغياب الرغبة الحكومية بفتح ملفات الفساد الكبيرة(اذ ذكر احد نواب البرلمان, قوله ان ملفات سرقة القرن تدين رئيس الوزراء السابق الكاظمي,وان القضاء اصدر او كان في طور اصدار امر قضائي بالقبض عليه,ولكن الطبقة السياسية الحاكمة اتخذت بدعة غير مسبوقة في تاريخ الانظمة الديمقراطية,وهي اعطاء حصانة للمسؤول التنفيذي الاول في البلاد ,ضد اي ملف فساد هو ظالع فيه ,حتى لاتعمم الحالة على السابقين والقادمين!),وانتشار لغة المهاترات والمواجهات ونشر الفضائح بين الطبقة السياسية الحاكمة عبر الاعلام والجيوش الالكترونية(كانت فضيحة تجسس بعض المحسوبين على مكتب رئيس الوزراء الحالي على نواب البرلمان والقيادة السياسية
اخر ماتم الكشف عنه مؤخرا عن تلك الصراعات,اضافة الى قضية فروقات جداول الموازنة البالغة 8ترليون تقريبا, المكتشفة حاليا بين رئاسة البرلمان المؤقتة والحكومة ,وقد يظهر المزيد في المستقبل القريب),هذه الامور ليست بمعزل عن مايجري في المحيط العربي والاقليمي,او ماوصلت اليه الامور في المواجهة العسكرية غير المتكافئة بين مايسمى محور ايران -الجماعات المقاومة واسرائيل من جهة,وكذلك نتائج الحرب الروسية الاوكرانية من جهة ثانية,وعدم وجود رغبة امريكية-اوربية بايقاف الحرب في غزة,وان مؤشرات ضعف الرد الايراني-محور المقاومة شجع اسرائيل على الاستمرار بالحرب,مع عودة عسكرية امريكية اوربية كبيرة للشرق الاوسط,لايعرف تحديدا هل هي موجهة لاعادة ترتيب اوضاع هذه المنطقة المتوترة,ام هي رسائل تحذيرية استعراضية اكثرمما هي مرحلة متقدمة من التصعيد العالمي لمواجهة روسيا والصين والاصطدام بهما,ام هي محاولات بائسة لاعادة بسط النفوذ الشامل للقرن الامريكي من جديد في العالم..
اكثر مصطلح تداولته الطبقة السياسية الحاكمة في بلادنا,وشركائهم من مقاولي الديمقراطية هو عبارة نفذ بمواصفات عالمية(شركات للمقاولات والتجارة المحلية تم تأسيسها بعد 2003,فقيرة لابسط مقومات التجارة والخبرة والعمل,
لاتملك اي سجلات كفاءة ومشاريع سابقة, كالعديد من الجامعات الاهلية الحديثة العهد بالدراسة الجامعية,والتي هي بمستوى كلية كما صرح بذلك احد نواب البرلمان,) ,فلا المقرنص صمد,ولا اسفلت الشوارع ولا بعض الجسور او المجسرات,ولا الابنية الحكومية التي من المفترض انها ان لم تكن قريبة من ابنية اليابان, تكون بمستوى الدول المجاورة,
وكأن العملية تشبه سرقات العديد من المحافظات المستمرة, التي يبحث سراقها عن مشاريع تضيع فيها الاموال(كمداخل المدن اي البوابات,تعبيد واعادة تعبيد الطرق والارصفة,وانارة الشوارع ,والكورنيش,الحدائق والساحات اومايطلق عليه بالمتنفس للعائلة الخ.),هذه المواصفات في الحقيقة هي لغة مبتكرة للتغطية على حجم الفساد والفشل في البلاد,والترويج لمصطلح الاستثمار وهو عكس ذلك تماما,فالارض عراقية وكذلك الاموال ,والمستثمر غالبا هو اما قفاص(كما في الدارج الشعبي), او سمسار وراشي ومرتشي,
وكل مايحدث من اعمار حقيقي سواء كان عبر منح اجازات الاستثمار للابنية والمجمعات السكنية العمودية في العاصمة بغداد, وغيرها من المدن,او وجود مصافي ومعامل ومصانع للقطاع الخاص الناجحة والعملاقة هي ايضا خاضعة للمراجعة وطرح الاشكالات حول مصادر التمويل,وطرق منح الاجازات الاستثمارية بالاخص صاحبة الاستثناءات المشبوهة,لملف معطل لايرغب احد بتقديمه للتشريع والاقرار ,ومنذ عقود هو من اين لك هذا؟..
فالبنوك والمصارف الاهلية التي فجأة انتشرت بعد التغيير,ومزاد العملة الصعبة تبقى جميعها تحت طائلة التشكيك بنزاهتها, مالم تثبت العكس,
فالعراق قبل 2003بلد اشتراكي شمولي لا ثروات طائلة فيه, غير التي بيد هرم السلطة الفاسدة,والعراقيين المعارضين والمغتربين اغلبهم لاجئين لايوجد بينهم اثرياء, الا بعدد اصابع اليد الواحدة(وليس من اهل المليارات),فمن اين خرجت تلك الثروات الانفجارية!
ان مايحدث في العراق من فساد كبير تجاوز فساد القرون السابقة والحالية ,والتي ستأتي بعدهم,
فالحكمة الحضارية العالمية التي قدمت نماذج كثيرة لدول عالمية ناجحة,هو ان الثروات تصنع دولة امنة ثرية لايحتاج افرادها في الوقت الحالي ولا مستقبلا للسرقة ونهب ثروات الشعب,لان ماكنة وعجلة التنمية تتصاعد بوتيرة عالية كما تتصاعد التكنولوجيا الحديثة,فالتطور التقني الالكتروني الفائق يحتاج الى اقتصاد ناجح وشعب متفائل بالحياة وبالمستقبل,يعمل بشغف وحب وتفاني ليس من اجل نفسه فقط ,انما من اجل الجميع,لاجل المجتمع والاجيال القادمة والماكنة الذكية التي بين يديه ,فأن توقف عن متابعة ذكاء العقل الالكتروني, توقف عقله ,وفقد عمله,بهذه الاسس والمقدمات العقلانية العلمية تتقدم الامم والشعوب بخطوات ثابتة الى الحضارة الانسانية القادمة,
لا بالخرافات والموروثات والطقوس والعقد والامراض النفسية الاجتماعية والدينية الشعبية,
فكل مايتحرك على هذه الارض, وتلك السماء هي بأمر الله عزوجل, فكيف يريد المتخلف والجاهل ايقاف عجلة وحركة الحياة ,تارة باسم الدين ,وتارة باسم المحافظة على العادات والتقاليد ,محاولا سحب الناس الى الصحراء القاحلة, التي لاينبت بها حتى الشوك ,ولاتخمد الرمال فيها لحظة واحدة,
فالاصالة والهوية والموروث والعادات والتقاليد والاديان نفسها ان لم تؤمن بان الله عزوجل هو من يقود العالم الارضي نحو الابداع والحضارة الالكترونية –الفضائية, لايمكن لهم فهم فلسفة الدين والحياة مطلقا,
فعليها ان تسير دائما وابدا مع العقل والعلم والمنطق,
لا ان تذوب في الحضارات العلمانية المنحرفة(فهناك حضارة علمانية عقلانية علمية تحترم الفطرة الانسانية ,واخرى عكس ذلكتؤمن بان الانحراف جزء منها),ولا ان ترجع الى الخلف كما قلنا,
انما عليها ان تساهم بانتاج حضارة علمية مدنية ملتزمة بجميع الاعمال الانسانية الصالحة في كل زمان ومكان….
صفقات القرن المحلية …سرقات بمواصفات عالمية.. لانها محلية لكنها عابرة للحدود ايضا!؟

أحدث المقالات