استمعت قبل ايام الى السيد نوري المالكي وهو يقول من على شاشات التلفزيون والجهامة بادية على وجهه ، كماعودنا دوما ، ان وراء نقل مباريات خليجي 21 من العراق الى البحرين ارادة سياسية من اقطار الخليج هدفها اضعاف العراق والتأمر عليه ، وليس بسبب السرقة والتزوير والفساد الهائل وذهاب نصف مليار دولار ادراج الرياح في انجاز مشروع المدينة الرياضية في البصرة والذي يبدو حاليا كأطلال تصفر فيها الرياح ويعلوها التراب .
لاندري كيف فاتته هذه المرة ان لا ينسب فعل تغيير مكان مباريات خليجي 12 الى حزب البعث ايضا والبعثيين من الصداميين وغير الصداميين ليقول مخاطبا وملامسا وجدان الشيعة البسطاء من اهل البصرة والذين ضاعت عليهم فرص العمل الكبيرة ، ان البعثيين تأمروا مع الدول الخليجية وغيروا مكان انعقاد تلك المباريات .
وعلى غرار سلوكية من تساقطوا و يتساقطون حاليا في الدول العربية ، لم يعترف السيد المالكي ولا مرة واحدة بأنه اخطأ في سياسته او في ادارته لشؤون الدولة التي يمسها فقط بأطراف اصابعه ، لم يقل ولا مرة ان سبب الفشل والخذلان والتخلف والسرقة وهدر المال في هذا البلد سببه الاداء السيء لحكومته الفسيفسائية و حكوماته التي سبقتها وكذلك سياستة الخارجية البعيدة عن ابسط مفاهيم الدبلوماسية المتحضرة والتي لا تتواكب مفاهيمها مع العصر الحديث ، لم يقف ولا مرة كرجل دولة ليخاطب الشعب العراقي ويقول له الحقائق مجردة من التبريرات والاعذار فالسيد المالكي ، واقولها بحق ، خبير لايدانيه احد بتعليق اخطائة على شماعة الاخرين .
يتوهم السيد رئيس الوزراء بأن الشعب ينسى الاحداث طالما لا تذكر في اجهزة الاعلام ، ولكنه على خطأ ، فمن منا لا يتذكر اداءه السياسي والاعلامي السيء ازاء الاحداث التي وقعت في البحرين قبل اشهر … لقد وقف مع ايران ضد جميع الدول العربية والاجنبية وادلى بالتصريحات الطائفية الواحدة تلو الاخرى تجاه الاحداث في البحرين وساند قلب حكومتها فيما لم بنبس ببنت شفة ، بل وساند ويساند حاليا الحكومة السورية في محاولاتها قمع وقتل وتشريد المتظاهرين السوريين ضد حكومتهم ونظام بلدهم ” البعثي !! وهنا الطامة الكبرى” وبذلك اثبت ، مرة اخرى ، كم هو طائفي وكم هو يكيل بمكيالين .
نعم ، لقد كانت هناك ارادة خليجية لنقل مباريات خليجي 21 الى مكان اخر اذ لايمكن لمن يمتلك ذرة من العقل ان يعتقد بأمكانية اقامتها في دولة حكومتها تعادي دول الخليج ولاسيما البحرين التي اوقفت حتى الرحلات الجوية مع بغداد ، ولكنها، والشكر لها ، لم تطرد العراقيين العاملين هناك.. لقد اضاف السيد رئيس الوزراء الى اخطاءه خطأ جديدا باعتقاده ان الدول الخليجية نسيت ما قاله وفعله اثناء الازمة في البحرين كما ان سكوته طوال الفترة الماضية وعدم اخذ المبادرة في هذا الموضوع بتصحيح العلاقات مع دول الخليج يدلل على عدم الادارك وقصر نظر بالعلاقات الدولية وكيفية التعامل مع مستجداتها ، وهكذا استبقت الدول الخليجية اي تحرك عراقي فوجهت صفعتها ليس بنقل مباريات خليجي 21 قبل سنتين من موعدها خارج العراق فحسب بل وتنظيمها في مملكة البحرين موصلة بهذا الفعل رسالة يفهمها حتى غير اللبيب تدلل على انزعاج وعدم رضى دول الخليج من سياسة العراق ومواقفه تجاههم وليس كما ادعى رئيس وزراءنا بأنه تأمر على العراق ومحاولة اضعافه وكأنه هو اقوى الاقوياء .
ان هذه الصفعة لم تكلف العراق سمعته الرياضية فحسب بل وايضا ضياع 500 مليون دولار صرفت على منشاءات لم تكتمل وسوف لن يتم الاستفادة منها وهنا يبرز سؤال ملح الم يكن من الافضل ان تبني فيها مدارس والشتاء على الابواب واولادنا يشكون من قلتها وقلة الرحلات والاساتذة الكفوئين والمتطلبات المدرسية الاخرى ؟؟ ..
ولأن الشيء بالشيء يذكر ، ولأن هذا الموسم هو موسم الصفعات ، نقول ان كان نقل مباريات خليجي 21 هو صفعة خليجية بأمتياز على خد السيد رئيس الوزراء الايسر و كلفت 500 مبلغ مليون دولار من اموال الشعب العراقي ، فان صفعة عربية كانت قد وجهت له قبل ذلك على خده الايمن بالذات وهي رفض عقد القمة العربية في بغداد حيث كلفت العراق 850 مليون دولار من اموال الشعب العراقي وليس من امواله الخاصة .
الحديث عن انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد يدعو الى الغضب والاسف ، ففي احدى اجتماعات الجامعة العربية العام المنصرم اصر الوفد العراقي الذكي جدا على احتضان القمة في بغداد رغم ان الكثير من الوفود العربية حاولت ثني الوفد عن اصراره لان هناك الكثير من الاسباب تمنع ذلك وتجعل الوفود العربية لا تشارك او تشارك بمستويات جد متدنية مما يجعل المؤتمر باهتا ولكن الوفد العراقي الصنديد بقي على عناده فتمت الموافقة وفقا للحروف الابجدية التي تقضي بعقد القمة كل عام في بلد عربي . سارع السيد المالكي بتخصيص مبلغ 850 مليون دولار مستثنيا ذلك من موافقة مجلس الوزراء لتأهيل العاصمة العراقية للقمة المنتظرة ومنها ترميم اربعة فنادق في بغداد بمبلغ 350 مليون دولار علما بأن هذا المبلغ كان يكفي لبناء خمسة فنادق جديدة وفقا للمواصفات العالمية الحديثة .. الغريب في الامر ان عروض الشركات المتقدمة للعمل في تأهيل الفنادق قبلت بدون اية شروط لانجاز العمل في خمسة اشهر ، كما خصص مبلغ 180 مليون دولار لتجميل طريق المطار الذي لازال مهملا لغاية اليوم حيث زرعت اغلى اشجار النخيل وهي حاليا تلفظ انفاسها الاخيرة لعدم العناية بها بين اكوام الاتربة والحفر والقاذورات . اما المبلغ المتبقي والبالغ 320 مليون دولار فقد خصص لبناء فلل لرؤساء الوفود العربية وتهيئة صالة المؤتمر في بناية القصر الجمهوري في كرادة مريم وتجميل العاصمة ( كذا !! ) .
وبالرغم من ظهور علامات لرفض الدول العربية عقد القمة في بغداد لعدم وجود حكومة تمثل مجموع الشعب العراقي ، مما كان يستدعي من حكومة المالكي التريث في صرف الملايين واعادة النظر في الخطة بأكملها الا ان الملايين من الدولارات كانت تصرف بسخاء لما سمي بأعمار العاصمة بغداد وفنادقها مترافقة طبعا مع بروز اساليب متطورة للسرقة ونهب المال العام وتزوير يعجز عن اداء امثالها حتى رجال المافيات في صقلية ومهربي المخدرات في امريكا اللاتينية .
في حديث للنائب بهاء الاعرجي رئيس لجنة النزاهة بمجلس النواب في 24 تشرين اول لوكالة اخبار العراق ( العراق نيوز) اشار الى ان تأهيل فندق الشيراتون ببغداد منح لمقاول كردي قريب من السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية بكلفة 50 مليون دولار دون اية مناقصة في حين افتت شركة بريطانية متخصصة بتصليح الفنادق وتأهيلها في شهادة لها للجنة النزاهة البرلمانية ان مثل هذا العمل لايكلف اكثر من 18 مليون دولار وهذا يعني ( ان السرقة ونهب المال العام هو 200% مما صرف فعلا على تأهيل الفندق اى 32 مليون دولار ذهبت الى جيزب التماسيح) هذا مع الاشارة وكما قال الاعرجي بان ذات المقاول الكردي حصل على عقد استثمار الفندق لمدة 25 عاما ويدفع بدل ايجار مقداره 100 الف دولار فقط ، نعم فقط ، لهذا الفندق الهائل بمساحاته وغرفه ال180 ومطاعمه الكبيرة وحدائقه ومواقفه وصالاته .
واتهم الاعرجي امانة العاصمة ، التي تعتبر الاكثر دوائر العراق فسادا ورشوة ، ووزارة الخارجية التي ما ان تهدأ موجة فساد عن وزيرها السيد هوشيار زيباري حتى تثار اخرى علما بأن مبلغ ال 850 مليون دولار كان قد سلم بيد هذه الوزارة التي اصبحت وكرا للكثير من اللصوص ، كما اتهم الاعرجي الامانة العامة لمجلس الوزراء والذي اصبح امينها السيد علي العلاق وعضو حزب الدعوة الحاكم بأمره في كل مرافق الدولة . هذا ” الامين جدا ” كان قد اشترى بناية من سبعة طوابق في شارع سان كاترين بمونتريال – كندا بمبلغ 16 مليون دولار وهو ذات الشارع الذي كان قد استأجر فيه قبل عام 2003 محلا لبيع لعب الاطفال وقد تساءل الكثير من العراقيين في مونتريال عن السر السماوي الذي يجعل محل بيع لعب الاطفال يدر ربحا بهذا المقدار من المال خلال فترة قصيرة ويمكن صاحبه من شراء هكذا عقارات وفي شارع تجاري مرموق في كندا .
في الختام نشير ان الغباء السياسي وسوء التقدير بالاضافة الى الاستهانة بالشعب قاد سلطة المنطقة الخضراء القابعة على صدور العراقيين الى اهدار مبلغ مليار و 350 الف دولار بسبب تقديرات خاطئة فذهب جل المبلغ الى جيوب كواسر وحيتان النظام القائم ، اما الشعب العراقي ،الذي يحتاج الى عقول تتعالى على ما يبت له في الكهوف المظلمة ، فسيظل جائعا ومتخلفا طالما يوجد هكذا طاقم على سدة الحكم .