23 ديسمبر، 2024 4:35 ص

صفحات من ملحمة الطف / أبو تحسين

صفحات من ملحمة الطف / أبو تحسين

الطف مدرسة متجددة, تمر الأعوام فتزداد تألقا, ملاحم كثيرة نخرها الدهر وجعلها نسيا منسيا, ومدارس إنطفأت شعلتها بمجرد موت مؤسسها, إلا مدرسة سيد الشهداء تزداد شموخا كل عام, بل وحتى كل ثورات العالم, تستمد امتدادها من تلك الثورة العظيمة, ولا يمكن لأي ثائر النجاح ما لم يلتصق بركب الحسين ويجلس تلميذا في صفوف مدرسته, لينهل منها علوم الثورة وأخلاقها وكيفيتها, وفي صفحات التاريخ شواهد على ذلك.

الطف أعطانا صفحة جديدة اليوم, بطلها فارس مغوار, لا يشق له غبار, أمن بالحسين عليه السلام كما آمن بأبيه أمير المؤمنين من قبله, هذا الفارس إنتدبه الحسين لجلب الماء مع العباس عليه السلام, فإقتحم الفرات وملأ القرب عنوة وبحد السيف وليعود منتصرا مزهوا بانجاز ما كلف به, فارس كان راميا بالسهم مشهورا باصابة الهدف,وفي ساعة الشدة جلس على ركبتيه بين يدي الامام وبدأ يرمي بسهامه ليصيب رجال القوم فما أخطا منهم احد والحسين يدعوا له.

كان رضوان الله عليه, يرمي بنباله وهو يرتجز ويقول:”إني أنا الجملي, أنا على دين علي”, وعندما نفدت نباله, جرد سيفه يضرب أعداء الله ويشتت الجمع, فما كان منهم الا استخدموا الحيلة والمكر, فأمطروه بالنبال والحجارة واثخنوه بالجراح واخذوه اسيرا, وارادوا اذلاله فازداد زهوا, فقاموا بقتله, إنه نافع بن هلال الجملي, البطل الكوفي, قارىء القران, ذو الحسب الشريف والسيد المطاع, من أصحاب الامام علي عليه السلام, والمقاتل معه في حروبه الثلاث.

الطف مدرسة متجددة, بالامس كان نافع, يضع النبل في قوسه ويصطاد أعداء الله وكأنه يميزهم بمنظار حراري كما يقال في عصرنا الحديث, أو أنه ضمن سلاح القناصة الذين لا يهدرون طلقة واحدة, بل يضعوها في موضعها الصحيح, رأس الداعشي, اليوم وفي جهادنا الكفائي, قدمنا شهيد بطل إسمه أبو تحسين قناص الدواعش, الذي قتل اكثر من ثلاثمئة داعشي, إستشهد أبو تحسين ومضى ليجد نافع الجملي بانتظاره, ينعمان بجنان الخلد.