23 ديسمبر، 2024 6:53 ص

صفحات من دفتر النكبة العراقية (10):التحليل والتشخيص

صفحات من دفتر النكبة العراقية (10):التحليل والتشخيص

1 الإستقلال والإرادة : لم يعد العراق دولة مستقلة بعد احتلاله عام 2003 قادر بسلطته الحاكمة على اتخاذ القرار الوطني المستقل ولم يعد شعبه المنقسم على نفسه والمتشظي بمكوناته طائفيا وإثنيا وعرقيا قادر على ان يختار بشكل حر ونزيه السلطة التي تمثله،  وبالتالي اصبح الطاقم السياسي الذي يحكمه هو الموروث المفروض عليه شاء أم أبى لانه شعب اخضع لأزمات ومحن ومغريات وارادات وثقافات وشدائد اخنعته وأشغلته ولم يجد في غير الهجرة والنزوح والتشبث في الحياة على تعسها خوفا من الموت و العنف والسجن والتعذيب والعقاب . العراق بلد يستعمره فاسدون روّج لهم من اهله وحاقدون من جيرانه فتح لهم الاحتلال حدوده فاصبح ضحية لتخطيط امريكي صهيوني إيراني تتقصد في اذلاله واضعافه وتقسيمه .
2.الدستور : كُتبَ الدستور بعد الاحتلال وفي ظل هيمنته وضغوطه  وتم استخدام الضغوط والتزوير لتمريره باقتراع وفق نصوص احتواها وهو مليئ بنصوص عديدة ومواد كثيرة اتضح من خلال سير العملية السياسية ان كل منها كان لغما ساهم في تفجير أزمات متعاقبة طائفية وعرقية وإثنية تمخضت عنها النكبة العراقية .
3.استهداف المواطنة :حينما يطول الحرمان والتهميش والاقصاء مكونات معينة وتتفاقم المحن وتنهار بنى العيش الآمن ومستلزمات الحياة الكريمة ، يفقد المواطن مواطنته وينحصر جلّ تفكيره بالخلاص بنفسه دون التفكير بغيره ، فيصبح الوطن محنة ودمار والغربة وطن ونجاة ، وكل ما يعود للدولة حينما لا يحضى المواطن  بنصيب منه ليس جزء منه بل يحسبه ملك لمن يتسلط فيه ويحرمه منه ، فالمواطن لم يعد يحرص على مصلحة الوطن وان كان منخرط في وظائفه ومواقعه ، تنهار ثقافة المواطن بالتصاعد من الوضائف الدنيا الى المواقع العليا حينما لا توفر له الدولة الادارة والقدوة والنزاهة فينهار فيها الجاهل والعامل والمزارع انتهاء الى العالم والقاضي والطبيب والنزيه والكفوء حين لا يجد له منفذا ينجو فيه بقيمه وموروثه من هذاء الداء القاتل والوبيل .
4. الانقسام المجتمعي والطائفي : عندما يفقد العراقيون ثقتهم بالسلطة كمؤسسة ويضعف عامل المواطنة لديهم ، سيجدوا انفسهم متشبثين بعرى وملاذات اقل شمولية من المواطنة ممكن ان تكون ارحم بهم واقرب اليهم في زمن النكبة ، تجدهم اكثر تشبثا بالقدرية وبالمناطقية والعشائرية والإثنية والمذهبية والعرقية وبالتالي فحدوث الانقسام والتشبث بالتشضي امر مفروض منه ، وهنا تنشب الصراعات والانقسامات ليس فقط على حساب الوطن ، بل حتى فقدان اي احساس بهذا الوطن !.
5. العنف والإرهاب : حينما تنشط في ظل نظام تحاصصي طائفي وعرقي كتل واحزاب مختلفة في الرؤى والانتماء ،من المؤكد انها تتصارع على السلطة وتتسابق في ان يحقق ساسة واتباع  كل مذهب وطائفة وقومية انتصارا وتفوقا على الآخر. وهكذا حصل الصراع الطائفي والعرقي واستغلال السلطة وغياب الرقابة والنزاهة والكفاءة ،فتستغل الانتخابات وتتسلط الاحزاب وتعم الانتقامات والثأرات على حساب غياب الديمقراطية والحرية والعدالة .
6. إقصاء الكفاءات والخبرات والمهارات واستهداف العلماء والاكاديميين ،وهجرة العقول ورجال الاعمال وراس المال الخاص والقطاع الصناعي والتجاري الخاص وانحطاط البنى التحتية  ، كلها ألقت بثقلها على كاهل الاقتصاد والكفاءة والخدمات الصحية والتعليمية بشكل خطير .
 7.استشراء الفساد والرشى والتزوير كان تنيجة حتمية لظواهر الإرهاب والعنف والاقصاء والتهميش والتي ساهمت اسهاما كبيرا في إفلاس العراق من ثروة موارده ونفطه وتسبب في فشل إدامة واعادة البنية التحتية وبناء قوات أمنية  وجيش مهني وحرفي كفوء ومؤسسات تخطيط واستثمار وتنمية حقيقية والاعتماد الكامل على موارد النفط
8. الموروث السياسي الفاسد الذي تشكل بعد الاحتلال والذي تمرس واستفاد واستغل كل المظاهر المتعددة أعلاه وكأن قيادات هذا الطاقم اصبحت تشكل أقفال لحلقات سلسلة النكبة المتكاملة المغلقة والمعقدة بسبب صعوبة  تفكيكها . ولهذا اصبح هذا الطاقم السياسي جزء من المشكلة وليس له في حل المشكلة من شأن ، لايهمه الا الاستمرار بجني الامتيازات والثروات .
9. لم يسلم القضاء  في ظل مسيرة النكبة من مظاهر التفرد والتسييس والفساد ، فاتخذت قرارات قضائية زائفة وقاسية وتشريعات مسيسة استهدفت الفكر واجتثته وسعت لإثارة روح الانتقام والثأرات ، وفي حقيقة الأمر ان جميع الاحزاب والكتل السياسية التي حكمت وتنفذت في العراق وبدون استثناء ارتكبت أخطاء جسيمة وشهدت انقسامات واختلافات في كيانتها كبيرة ومتعددة مما يدلل على خلفية هذه الاخطاء ، ولعل الاحزاب الاسلامية الطائفية التي تحمل فكر الاسلام السياسي كانت من أشد وأخطر الأحزاب ارتكابا للأخطاء والجرائم .
10. وباستثناء جيش الدمج والجيش الفضائي والقوات الأمنية المسيسة  والقيادات الفاسدة والعقود الوهمية والخاسرة ، غابت الحرفية والمهنية والكفاءة والعقيدة الوطنية في صفوف ما يسمى بالجيش والقوات الأمنيةالتي فاق تعدادها المليون فردا ، والتي لم تحقق أمنا للمواطن ولم تحقق سلما في المدن ، وانتهت بتسليم تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) اكثر من ثلث مساحة العراق دون قتال يذكر ، لتكتمل حلقات النكبة بكل أثقالها على عراق أصبح مستقبله  مجهول وامكانية بقاءه كدولة على الأرض مهدد ، ما الحلول ؟ .