23 ديسمبر، 2024 12:11 م

صفحات عراقية من الأمس القريب – 1 / نظام التربية و التعليم

صفحات عراقية من الأمس القريب – 1 / نظام التربية و التعليم

يتأثر التعليم في أي بلد بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية سلبا أو إيجابا، وفي الوقت نفسه له تأثير كبير على تلك الأوضاع، فتطور التعليم يتماشى مع تطور الجوانب الأخرى في المجتمع. وبالرغم من تعدد قنوات التعليم في العراق،فان عدد المتعلمين لم يزد عن 1بالمائة من مجموع السكان عند انتهاء الحرب العالمية الأولى، وهذه النسبة الضئيلة جدا استطاعت نتيجة عوامل داخليه وخارجية ان تكون مع بعض الضباط في مجتمع متخلف، النواة التي تجمعت حولها الحركة العربية القومية في العراق قبيل الحرب العالمية الأولى وفي السنوات اللاحقة بعد تشكيل الحكومة العراقية في 25 تشرين الأول 1920 صار لقضايا التعليم والصحة وزارة واحدة سميت (وزارة المعارف والصحة العمومية).حيث صاحب قيام الحكم الوطني في العراق اهتمام رسمي وشعبي بشؤون التعليم باعتباره الأساس الذي يرتكز عليه الاستقلال الحقيقي للبلاد. وتركزت السياسة التعليمية في هذه الفترة على إيجاد نظام تعليمي جديد يهدف إلى تنمية الروح القومية والوطنية والولاء للدولة الجديدة. وقد اتبعت وزارة المعارف العراقية سياسة للتعليم في العراق استندت إلى عدد من التشريعات ظلت نافذة لغاية عام 1953. إذ كانت شؤون المعارف في العراق تدار بموجب قانون المعارف العام رقم 28 لسنة 1929. ثم في عام 1933 صدر نظام وزارة المعارف رقم 33 لسنة 1934، وفي عام 1940 أصدرت الحكومة قانون المعارف العامة رقم 75 لسنة 1940، وأوجب القانون على وزارة المعارف ان تؤسس معاهد أو صفوف لأعداد المعلمين والمعلمات لمختلف مراحل الدراسية ولم يجز القانون التعيين في التدريس في المدارس الابتدائية إلا من تخرج من دور المعلمين. وشكل في وزارة المعارف عام 1943 مجلس شورى المعارف، يرأس المجلس وزير المعارف او من ينيب عنه وعضوية مدير عام التعليم العالي، ومدير عام التعليم الثانوي والمهني، ومدير عام التعليم الابتدائي، ويكون سكرتير الوزير سكرتيرا له، وكانت مهام المجلس تتعلق بإقرار المناهج والكتب الدراسية، والنظر في ميزانية الوزارة وإقرارها وإقرار شؤون البعثات الدراسية والنظر في سياسة التعليم ومهام فنية أخرى في عام 1945 صدر قانون المعارف رقم 29 لسنة 1945، ولغاية العام الدراسي 1945- 1946، كانت التشكيلات الإدارية الرئيسة لوزارة المعارف بموجب هذا القانون تتألف من مديرية المعارف العامة، ومديرية المعارف العالية، ومديرية الآثار القديمة العامة، ويرتبط بمدير المعارف العام، مدير التعليم الابتدائي، ومدير إعداد المعلمين والبعثات، ومدير التعليم الثانوي، ومدير التعليم المهني، ومدير المباحث الفنية والإحصاء، ومدير التعليم في المدارس الأهلية والأجنبية. وفي شهر آب من عام 1946 صدر نظام جديد لوزارة المعارف رقم 58 لسنة 1946، أما ميزانية التعليم فإنها تعتمد بشكل كامل على التخصيصات المالية في الميزانية العامة للدولة، والوزارة مكلفة بالأنفاق على جميع مؤسسات التعليم الرسمي في البلاد، والتشكيلات الأخرى المرتبطة بالوزارة. وبطبيعة الحال فان ميزانية الوزارة تتأثر كباقي الوزارات الأخرى بالظروف السياسية والاقتصادية التي شهدنها البلاد.وبذلك فان وزارة المعارف مسؤولة بشكل مباشر عن تعليم أبناء الشعب، وان الزيادة التي تحصل في عدد السكان يجعل الوزارة مضطرة إلى التوسع في خدماتها لاستيعاب الزيادة، مما يجعل الدولة تزيد من ميزانية المعارف سنة بعد أخرى  وكان خلال فترة الانتداب البريطاني، حدث تطور في قطاع التعليم من حيث الكميه والنوعية، لذا قامت الحكومة بزيادة تخصيصات وزارة المعارف من  (3) بالمائة في بداية الانتداب إلى( 8) بالمائة في نهايته، وقد أصبح معدل تخصيصات التربية والتعليم حوالي (10) بالمائة من ميزانية الدولة للسنوات بين 1932-1937. وشهدت ميزانية المعارف نمو واضحا في تخصيصاتها المالية في عام 38-1939 لتصبح نسبتها (9/12) بالمائة من الميزانية العامة، وحصل تراجع واضح في ميزانية الوزارة خلال الحرب العالمية الثانية، حيث وصلت نسبتها إلى (6/8) بالمائة في عام 44-1945، وفي عام 45-1946 لم يكن نمو ميزانية المعارف الشئ الكبير حيث وصلت نسبتها من الميزانية العامة (9) بالمائة. ولعل ترجع أسباب هذا النمو في التخصيصات المالية لوزارة المعارف بالإضافة إلى ما ذكر أنفا، من التوسع في انتشار التعليم في كافة المحافظات العراقية، وزيادة وعي العراقيين بأهمية التعليم، إلى عامل سياسي هو ان وزارة المعارف بالإضافة إلى وزارتي الصحة والزراعة كانت تدار بشكل أساسي من قبل العراقيين،بالعكس من الوزارات الأخرى  كالدفاع والداخلية والخارجية والمالية التي كانت تحت إشراف المستشارين البريطانيين حتى الأربعينيات.