22 أبريل، 2024 9:50 ص
Search
Close this search box.

صفاء فتحي

Facebook
Twitter
LinkedIn

بالرغم من إنني لم أتعرف على الشاعرة  المصرية صفاء فتحي شخصيا طوال إقامتي الطويلة في القاهرة إلا إنني ازعم بأنني من المتابعين لها منذ زمن طويل فهي فتاة اختارت فرنسا منقلبا حياتيا ومعرفيا لها واستطاعت أن تحقق نجاحات هادفة في مسيرتها الشعرية والإبداعية وكانت من جلاس حلقات جاك دريدا في باريس لسنوات طويلة ولعل سبب توقفي عند هذه الموهبة الشعرية والإبداعية اللافتة بالرغم من  إن الوقفة لا تحتاج غالبا إلى سبب دخيل يكفي التأمل مرجعا ومع ذلك فصفاء فتحي  شكلت حضورا بذاتها وعبرت عن نفسها بنوع خاص من الكتابة الشعرية غالبا ما كنت أتمناه وأتطلع إليه لأن الشعر بالرغم من دلالاته المجانية التي تتخذ غالبا منحى التعريف الزائد عن الحد لشعرية تند عن التحديد مسبقا وبعديا، لأن الشعر هو فعل في اللغة الأولى اللغة المصفاة من المعقولية الدخيلة ومن هنا يلعب الفعل الشعري كونه تورطا بالزمني والعرضي كما تراه صفاء فتحي وهي تقول من مجتزأ مقابلة معها أجراها نائل الطوخي (كأن المرء شاهد حاضر علي ما شهد عليه في زمن* غاب عن الحضور*.)وذلك لأن الغياب هو فعل أيضا هو نشاط يتم بمعزل عنا على مسافة مناسبة بين الوجود والعدم ،بين الحضور والغياب ،بين الذات والذكرى وبين الشعر والشاعر توجد طفرة استباق إلى الإمام أو إلى الخلف الذي هو أكثر سبقا لأي اتجاه مستقيم ممكن ،ترى كيف يمكن التخلص من التتابع في الأثر أو من القرصنة الفريدة التي توفرها لنا الكتابة بوصفها اتساع للحضور أو تمديد وهمي للغياب ،لعل صفاء فتحي تدرك الشعر بوصفه أكثر مما تستطيع قوله اللغة فيما لو عرفت “إي اللغة “ما تقول ،حلول نسبي ومضيعة وقت الكائن في تحصيل ارتداد لغوي إلى ذاته المنسابة من بين يديه سوى تحرك أو بقي ساكنا لا فرق ،بينما يكون الشعر حسب ما يراه فهما متقدما للحرف والصوت والكلمة: هو نوع مضاعف من البحث عن الخامة الأولى للوجود –الإنساني-أو الذي أصبح إنسانيا بفعل إرادة تاريخية قائمة على الإيمان الأعمى، بأن ثمة قوة حقيقية للانجاز الصوتي للكائن المتكرر بالوجود والمجتمع واللغة التي تحيطهما بعناية سرية غير مسبوقة،من هنا فن تفعيل فعل الشعرية هو بالتناص الجمالي –ألتفكيكي –مع دريدا هو فك حدود الدوائر والمغاليق التي يتعلق فيها الكائن لكي ينسى جنونه الأصلي وعرضيته الكبرى وانعدام سببيته المنطقية في هذا العالم من هنا عملت صفاء فتحي على تمتين لغتها الخاصة من ذاتية وحشية أصيلة لا تقبل أن تستسلم لانسيابية ما هو لغوي أو من الاعتداد بالتراث العيني للمخطوط البشري الكبير التي أرادت الكتابة أن تثبته لنا تراثا حقيقا لاشك فيه ،إن العناية بأعمال صفاء فتحي تفتح آفاقا مهمة للتساؤل الأنطلوجي حول كينونة المكتوب والمنطوق والمستعاد صوريا عملت وقرأت صفاء فتحي طويلا لتجارب جاك دريدا إلا إني قرأت أشعارها بمعزل عن هذا التأثير كما ازعم لاسيما في شذراتها ومرآها عن الشعر وصار ممكنا الحصول على شاعرة تبهرنا وتقودنا إلى مجاهيل متاحة للتعبير ناشطة وذكية كما أرى ومشبعة معرفيا ما يجعلها بمنأى عن التأثر السلبي بالآخر أو الاعتداد به كما يجب أو  كما أرى أو كما رأيت .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب