أيها الظل الذي تسرحهُ نظرات واحدة لها رقة الغزال في مشي الغيمة المبحرة من السماوة إلى الصين ، هناك تركنا العقيد جلجامش يكتب ذكرياته عن الحمص والميثولوجيا وملح الصحراء ، تركناه ودخلنا في نفق الدمعة نبحث عن ذات لاتدري ما الذي يحدث بالضبط ، فكل الذي نعرفه ، إن الرسام بيكاسو هو أبن عمنا وان المدعو جيفارا هو أخونا بالتبني ، وغير ذلك فهذا المساء بعض الرجال المسلحين سيحرقون مبنى المحافظة وبعضهم سيطالب بشرف العروبة التي نامت بين أسنان الدبابة وقبعة مكسيكي جاء بطائرة الفانتوم يزرع الشعير في هور الجبايش…
ونحن تزرعنا تواريخ صراعنا الفلسجي وبعضا من رقاد البطالة وفصول الإخوة العداء ، نحن الذين أصبحنا مثل القوس والنشاب ، بين وتر وآخر تهتز مشاعرنا ، فترقص واحدة فينا ، خلاخيلها أساطير جداتنا في شتاء الجوع اللذيذ :
كان يامكان ..وطن لاينام إلا في أحضان عشيقته …فكيف إذا عشيقته اليوم خواطر الهجرة وأبناء أبن لادن وصانع السجاد الشيرازي ..والمريخي الذي قبل أن يطلق الرصاص على ركاب الحافلة المدنية يسمع في MB3 أغنية السيدة مادونا القائلة : من سنجار إلى العشار ، صدري حديقة سومرية ، لكن قاطف الورد فيها من أهل بيرو…
كيف وأنت تخبئين النظرة السر والتساؤل المخفي عن الذي يحدث دون أن يمر ظلال الخجل تحت أجفاننا ، فما نراه لا يراه حتى الذي يزرع الموز في الصومال والذي يستظل بخيمة الزنوج في دارفور ، ما نراه حتما لا يراه أيضا ثري من أهل دبي يفكر بشراء نادي نيو كاسل بعد أن رفض المجلس البلدي في محافظة ( أورانوس ) أن يبني لنا مشفى للأطفال ، وقلنا بحمية حاتم طي : بترولنا يغطي أعناق عمارتهم وأبراجهم وصهوات خيولهم ، والى الساعة لم نبني لأطفالنا كوخاً طينياً واحداً ، ولم نجلب لهم الفرقة السيمفونية النمساوية لنسمعهم موسيقى باخ وشوبان والولاة العميان وبنادق حرب عبدان.
كل حياتي عشتها في قارورة حلم ، هذه عبارة كل سومري قبل إغفاءته الأخيرة.
أجد هذه العبارة مثل مثوى المكان الذي يعتبره هواة الجمال نقطة الرؤيا لتغيير مصائرنا نحو جهة الحدائق ، وليس نحو جهة جبهات الحروب. فالسومري كان وما زال يعطي أهمية لموته أكثر مما يعطيه للمعاش من حياته ، فهو بسبب الذعر من سيف السلطان يدفن ذائقته في أمل أن تكون الآخرة هي السعادة الأزلية و لا شأن لنا بما يحدث الآن من نقص في مستلزمات الحياة ليتحول عمود الكهرباء المعطل إلى مقصلة يذبح عليها النهار القائظ أمنيات الدمى والأطفال وارتعاشه نهود الصغيرات وهن يستذكرن في العرس ظل شجرة السدر وكتابات العشق والرغبة باستضافة المونليزا إلى مائدة الخبز الأسمر ، أما الرجال فهم جنود كل مرحلة ولهم ماشاءوا من نعوش وقصائد وروايات بفصول عشر.
مرة كتب عمنا الأسطوري شعلان أبو الجون هذه العبارة الفخمة ( الإنكليز ليسوا سوى كعك مثلج في أفران البوظا .ولهذا هزيمتهم تبدوا سهلة مثل ناقوط الحُب على شفاه لم يزرها احمر الشفاه بعد.)..
يجد علماء ناسا في هذه العبارة أثارة لجدل وجود الشعوب . الشعوب التي تشتري شهادات البورد من أرصفة أسواق هرج ، إنها سريالية تفضح الظل وشمسه ،وعليه فالذي يفكر في جنته عليه أن يتناول هذا الأيس الانكليزي بفم من نار ، ولتكن ألف جنة في انتظاره مادامت حياتنا القديمة لم تعد ممكنة وأهل الشارقة يبنون كل يوم متحفا ونحن نفقد في كل يوم متحفاً من خلال معاول السُراق وفقهاء القول : إن مافي جوف الأرض هو لجوف الفقراء ، ولكن السومريات من رُقم وألواح ودمى لآلهة عذبهن عريَّ التراب وملح النهر والقرون الطويلة .وغير ذلك هو ملكٌ لم أعطاه الرب صك الغفران ومنبر الخطاب وربطة عنق رامسفيلد.
هكذا نختصر المشهد ، وعلى القارئ والصديق وعضو مجلس النواب أن يدرك عن الأفق مفتوح والى الأبد إلى الرغبة التي تسكننا بالرغم من كآبة المشهد ، فهم سيقولون مثل مسيح جزعتْ منه أصلبة البغاة .ليس بالإسفلت وحده يحيا الإنسان وليس بوردة الحديقة ومصباح إديسون والحذاءالفان هاوزن .
الإنسان الحقيقي من يحيا بموته .تلك عبارة شون لاي اشتراها رجل من أهل قرية ( الواوية ) وباعها على المساكين من أهل عفك ، وفيها عاشوا سنين الصمت الذي لن يطول ولم يطول فهناك كما يقول نيلسون مانديلا صرخة في نهاية طريق الصمت.