23 ديسمبر، 2024 4:46 م

صرخة في اذن رئيس الوزراء … نوابك ووزراءك جواسيس

صرخة في اذن رئيس الوزراء … نوابك ووزراءك جواسيس

من صفات العقلاء الاتعاظ من القيم السلوكية عند غيرهم بما فيها من عوامل قوتها أو العزيمة فيها ، وتقدير اهمية الزمن وعدم التفريط فيه. وتوجيه تلك القيم لما فيه تحقيق المصلحة العامة  سواء للوطن او المواطنين اوصحة النظام الاداري في الدولة لمن كان في موقع المسئولية بتعزيز دوره كمواطن وإنسانا صالحا اولا ، قبل ان يكون سياسيا من خلال تلك القيم السلوكية مع مزيج  المهارات وخصائص استشعار الصعوبات والانحراف قبل وبعد حدوثها لاتخاذ الاجراءات التصويبية التي تعزز هيبة الدولة ومكانتها والحفاظ على مقومات القوة فيها . لان افضل موقف مع المشاكل هو مواجهتها حالما تنشب وقبل ان تسخن وتتفاقم وعدم تجاهلها بحجة انها مشكلة بسيطة وتافهة لان المشكلة كالنار تأتي من مستصغر الشرر .
    ولما قام به رئيس وزراء احدى الدول عبرة لكل لبيب . و الذي شعر بارتباك السلوك الاداري في الدولة ، الذي انعكس سلبا على اداء عمل الوزارات في تقديم الخدمات العامة . ونظرا لمعرفته بشخصيات الوزراء وسلوكهم لعملهم معه لفترة طويلة ، استبعد الشك في قدرتهم على ادارة الوزارات . ولكن انطلاقا من مسئوليته سواء الرسمية أوالادبية في تحقيق المصلحة العامة للوطن والموطنين قرر متابعة هؤلاء الوزراء عن كثب وطلب تقارير عن نشاط عملهم . واتضح من هذه التقارير عدم وجود ما يوحي بضعف في ادارة الوزارات ومن ثم ادارة المؤسسات التابعة لها وفقا للبيانات والمعلومات والأرقام التي تضمنتها تلك التقارير والتي ركن اليها في التعامل مع الموقف .لكن وضوح ارتباك عمل الدولة دعاه للسعي لمعرفة السبب الكامن وراء ذلك . عاد لمراجعة تلك التقارير فوجد عنصرا مشتركا بينها هو تقاطع وتشابك القرارات . دون عبارة ( تقاطع وتشابك القرارات ) على ورقة ووضع تحتها خط احمر ، وحشد طاقته في البحث عن اجابة لتسائل خطه تحت العبارة ( لماذا ظهرت هذه الحالة) ؟ بدأ الضغط النفسي والذهني يزداد عليه باتجاه تحديد المشكلة قبل ان تتحول الى ازمة قد تؤدي الى كارثة من خلال العودة الى دراسة التقارير وبينما هو عاكف على وصف البيانات والمعلومات وتحليلها، خطرت في ذهنه فكرة قرر تنفيذها على الفور . رفع  سماعة الهاتف ليطلب حضور رئيس المخابرات فورا. عند حضوره وجهه لدراسة سيرة الوزراء ومتابعة طبيعة علاقاتهم واعتبار هذا الموضوع هدفا يجب انجازه لان هناك خطرا حقيقيا يهدد الدولة .قام رئيس المخابرات بإعداد الجهاز اللازم لانجاز الهدف وتوزيع الواجبات بين اعضاءه  بدرجة كبيرة من التنسيق والتي تستدعيها ضرورة الانجاز . ابتداء من تحديد العلاقات وأنماط الاتصال بين الاجهزة المختلفة ضمن نشاط الوزارات . ولم يستهلك الامر وقتا طويلا ليتصل رئيس المخابرات برئيس الوزراء عند منتصف احدى الليالي ليطلب مقابلته لأمر لا يحتمل التأخير عند وصوله بدى عليه الوجوم والاستياء .
  قال له رئيس الوزراء :- بلا مقدمات ، ما لذي توصلت اليه ؟
  اجابه رئيس المخابرات :- بين الوزراء جاسوس .وهو وزير لوزارة سيادية وذكر له اسم الوزير .وقدم ملفا لرئيس الوزراء الذي طلب منه المغادرة . اخذ يتصفح الملف ليتصل بعد الاطلاع عليه بالوزير المعني ، ليطلب منه الحضور فورا لأمر يتعلق بالعمل .
 قال له رئيس الوزراء :- لقد اقسمت بشرفك ان تعمل على صيانة النظام العام وإدارة نشاط الوزارة بأمانة وبما يحقق المصلحة العامة …. لماذا اصبحت جاسوسا؟
  اطرق الوزير برأسه وهو ينضح عرقا وقد بانت على وجهه اثار الاعياء والخجل .
  قال رئيس الوزراء :- ان رد الفعل المناسب لخجلك وإعياءك والذي سيكون فيه راحة لضميرك هو الاعتراف لكي نتدارك خطرا حقيقيا يهدد الدولة .
  قال الوزير :- سأعترف بكل شئ …. نعم كنت جاسوسا ، لكني لم ازود المخابرات التي عملت لحسابها بمعلومات عسكرية أو سياسية أو معلوماتية أو أمنيه تهدد امن الوطن وسلامة ابناءه ، لقد رفضت ذلك رفضا قاطعا .
 قال رئيس ألوزراء:- اذن ما نوع التجسس الذي كنت تمارسه لصالح مخابرات تلك الدولة؟
 قال الوزير :- كان التوجيه لي من قبلهم هو ان اقوم بتجاوز التخصص في العمل من خلال وضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب . ولكني لم ادرك ان في هذا تهديم للبنى التحتية للدولة اثر الارتباك والفوضى اللذان حصلا في العمل مما اثر سلبا على تحقيق المصلحة العامة .
  نظر اليه رئيس الوزراء نظرة تكفي وحدها ان تصيبه بمقتل وهو في حالة الندم تلك . وغادر المكتب تاركا مسدس على الطاولة امام الوزير الذي ظل جالسا وقد نكس رأسه وكأنه تدلى على صدره . سمع رئيس الوزراء صوت اطلاقة مصدرها مكتبه . وجه بعض الافراد بالدخول الى المكتب لإخراج جثة الوزير .
  تلك وزارة واحدة عملت بهذا النهج كادت ان تطيح بدولة لولا حكمة رئيس الوزراء وحرصه على امن وطنه وسلامة مواطنيه وتحقيق المصلحة العامة .
 فكيف بحكومة كل وزراءها يعملون بهذا النهج الذي يتمخض عنه التهرب من المسئولية وارتباك العمل والفوضى أثر القرارات المتقاطعة والمتشابكة في مجال ادارة الدولة ؟