23 ديسمبر، 2024 6:05 ص

مِنْ ارض العِراق تَحديداً الموصل رسالة يتلوها طفل خرج من بين الانقاض وهشيم الزجاج ورائحة الجثث المهشمه التي تفوح منها رائحة التفسخ .

صوتي يصرخ انقذوا طِفلاً لايَعلم سَبب ولادته حيث كنت أرفس في رَحم أمي منتضراً مخاضها ، وجعها الأزلي كَي أنزلق من رحمها خاضعاً للقانون الالهي الطبيعي ،

شاء قدري ان يحط راسي في مدينة تسمى الموصل على مقربة من ساحل النهر لايبعد كثيراًعن مئذنة الزنكي التي غدت ركاماً ،

الهو وسط دهاليز الازقه اخوض البيوت الشرقيه التي تفوح منها رائحة “الكبة المصلاويه” الشهيرة نلعب مع أولاد الجيره لُعبة شد العيون حيث يُلوحون لنا بأشارات بهلوانيه ونحن نبحث كي نمسك احدهم متسللين بنضرنا من تحت مشد العين لنرمق مكان احدهم، كل شيئ كان ذو رونق وبهاء انذاك حتى آلت الامور لغير مجراها ،

وحمي وطيس الحرب وأشعلت نيرانها ولاجَ مخاضها ودفعت بقذائفها نحو الازقه .

اليكم ماقال :

انه اليوم الثاني عشر على انطلاق الحمله العسكريه على الحي ونحن نرقد في سرداب تعشعشت به البكتيريا جراء الرطوبه ونزيز الماء اذ يخوض ابي في الماء صاعداً الدرج الحاد جالباً موقداً نفطياً من بين وابل من الرصاص الاعمى وصوت المدافع يدوي وصوت الطائرات يجعل اطارات الشبابيك تتراقص على انغام الاهتزازات .

 

هي الحرب التي ابتلعت بتسوناميها الصالح والطالح والتهمت لحوم البشر، فلا عجب لان كل شئ مباح في الحرب حيث تصمت القوانين .

اتذكر مُدرستي العانس حيث وقعت على ورقة امتحان الاملاء احسنت يادكتور ليتها معي الان في هذا السرداب لأُخبرها ان مستقبلي دق جرس الانذار ،

فيلم دراماتيكي يمر على ذاكرتي ينبشها يقلبها كجندي باحث عن قطعه سلاح ليبيعها خفيه ،

هنا في هذا المكان نرقد كعائله رباعيه العدد حيث الساعة الثالثه صباحاً على سرير ” قريوله” ، فجأة سمعنا صوت طائرة يصحبها وحيف يعلو فيعلو ، اذا اطلقت الطائرة صاروخاً جعلني اسقط من السرير على الماء متراجفاً يصحب الانفجار صوت عويل امي التي بدت يائسه نحيله اذ لطمت خدها ، وصاحت “الله اكبر” ماذا حدث

•لاتخافوا اجاب ابي يبدو انه البيت المجاور لنا .

حتى انسلخ الصبح من الليل خرج والدي ممداً برأسه متلصصاً ليرى اشلاء بنت جيراني دعاء مهشمه يرقد جنبها والدها اذا اطلقت الطائرة صاوخاً عليهم بعد خروجهم من المنزل جراء فقدان دعاء وعيها بسبب الهلع قاصدا والدها بيت ابو احمد المضمد الذي اصبح كمشفى بعد ان استحال الوصول للمستشفيات التي غدت ركام ومسرحاً للعمليات العسكريه .

قُتلت جارتي ووالدها، وامي تندب حالها حتى هَل اليوم الثاني بعد وفاة دعاء

سمعنا صوت اليات عسكريه ونحن نتربص قدومها ، نسمع صوت سرفة الدبابة وهي تطحن الرصيف نترقبها حتى نلوح لهم بعلامة النصر ونرشقهم بقطع من الحلوى المدخره التي غدت متحجرة ونحن نطرب على طنين الخوده جراء رشقهم بوابل الحلوى المتطاير ونحن نرقص على صوت الابرامز ، وزغاريد الامهات اذ يلوح فجر الحريه معلناً نهاية حقبة ظلامية من المدينة .

 

انتهت الحرب قتل من قتل ومات من مات جلهم تحولوا الى ارقام فقط ، جراء ايديولوجيات سياسيه ممنهجة هدفها تحطيم قدرة البلاد وحصاد اهلها بمنجل الحرب وشاء لنا القدر ان نبدأ من جديد من على الانقاض نتأمل السماء داعين الله “الحمد لله الذي اخرجنا سالمين ورحم الله دعاء ووالدها “.

أستميحكم عذراً ان حلم حياتي هو ان ياتي طفلا ويسأل أمه ماهي الحرب .