23 ديسمبر، 2024 5:01 ص

صرامة التعليم ومخرجاته

صرامة التعليم ومخرجاته

استوقفني يوم 1/8/2021 عدد من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تتكلم عن صعوبة اسئلة الصف الثالث المتوسط بعد قرار وزارة التربية بخضوع الطلبة للامتحانات الحضورية وليس الالكترونية , وتذكرت التعليم ايامنا عندما ادينا ثلاثة امتحانات عامة او كما تسمى بكالوريا في الابتدائية والمتوسطة والاعدادية وفي وفي وقتها كان من المعيب لابل من الاستحالة ان يلجا طالب الى مدرس او معلم خصوصي لكفاءة اداء المعلم والمدرس , واذكر لحد فترة الحصار في تسعينيات القرن الماضي كانت الاعداديات التي تحقق نسبة نجاح عالية وكذلك المدرس الذي يحقق نسبة نجاح كاملة في مادته يكرم بسيارة صالون من القيادة واعرف مدرس رياضيات واخر للفيزياء حصلوا على اكثر من سيارة نتيجة تفوق طلبتهم وتحقيقي نسبة نجاح 100% واتكلم هنا عن محافظتي نينوى التي اكملت فيها جزء من دراستي الابتدائية والمتوسطة والاعدادية والحمد لله كنت في المرحلتين الاخيرتين من المتفوقين وبعد انتقالنا للدراسة الجامعية التي اعدها من المراحل الانتقالية والتكوينية لشخصية الانسان او هكذا اظنها كان اساتذتنا جلهم ممن اكملوا دراساتهم العليا خارج العراق ومنهم مخضرمين عاصروا اكثر من جيل بحيث اصبح لهم زملاء كانوا طلبة لديهم ويتمتع اغلبهم بالشدة والصرامة مع العلمية وطرق الالقاء المتميزة واعطاء كل طالب استحقاقه ولذلك كان قلة من الطلبة من يحصل على الدرجات الكاملة او القريبة من الكمال عكس ما نجده في الوقت الراهن (دك الامتيازات بفلس) حسب التعبير الدارج واذكر في مثل هذه الايام سنة 1985 بلغت بالحضور لحفل تخرج جامعة بغداد في الجادرية وببطاقة دعوى مطبوعة وكانت اسم دورتنا لتلك السنة دورة تاج المعارك وبعد استعراض الطلبة وكذلك اداء قسم التخرج بدا المناداة على الطلبة الاوائل لغرض تكريمهم وكنت الثاني على كلية القانون ومعدلي العام للسنتين الاخيرتين جيد جدا فقط والطالب الاول ايضا جيد جدا ولم نصل او نحصل على درجة الامتياز رغم جهودنا ومثابرتنا .
التعامل بين الاساتذة وطلابهم:
اما كيفية التعامل بين اساتذتنا وطلبتهم اذكر لكم حادثة مشهورة في وقتنا وظلت متداولة لفترة ليست بالقصيرة ملخصها , كان في اكثر الكليات الانسانية دراسات مسائية ومن ضمنها كليتنا القانون والسياسة اما طلبة الدراسة المسائية كان اكثرهم من الموظفين ذكورا واناثا ونسبة كبيرة منهم يعملون في الاجهزة الامنية مخابرات وامن وشرطة فضلا عن ضباط الجيش العراقي الذين يحرصون على الانتساب للدراسة المسائية متمتعين بإجازات قد تصل الى 15 يوم لأداء امتحانات الكلية وبالتالي فرصة ايضا للتخلص من مخاطر جبهات القتال ولو لفترة مؤقته وكان احد ضباط الجيش في الصف الثاني قانون ويعد الصف الثاني بالنسبة لدارسي القانون من اصعب المراحل لوجود مواد مهمة وصعبة اهمها القانون المدني والقانون الاداري حتى قيل (الناجح من الصف الثاني اخلي الشهادة بجيبا) وكان مدرس مادة القانون المدني استاذنا المرحوم عبد الغني حسون طه هذا الاستاذ عندما يذكر اسمه بين الطلبة يرعب لشخصيته وعمليته والاهم حديته في الدرجات وكانت نسبة الرسوب والاعادة عنده كثيرة وذات يوم حضر احد طلاب المسائي وكان ضابطا في الجيش وفي ذلك الوقت من يستطيع ان يتكلم مع ضابط يقاتل في جبهات القتال والتوجيهات توجب تذليل كل الصعاب امام منتسبي الجيش فكيف اذا كان ضابطا او قائدا المهم هذا الضابط تكرر رسوبه في ماد القانون المدني فلجا الى الدكتور غني حسون لمساعدته وبهذه العبارة دكتور اريد اساعدني ويكررها عدة مرات والدكتور يجيب كيف اساعدك وهو يلح بطلب المساعدة عندها انهى الدكتور غني الحوار بطريقة غريبة عجيبة قام بمد يده في جيبه واخرج عملة معدنية كانت سائدة في ذلك الوقت ولها قيمتها من فئة الدرهم او الخمسين فلس ونوالها للضابط فأصاب الضابط الحرج والاستغراب وقال ما هذا دكتور والذي اجابه ببرود (انت اتريد مساعدة وهذه مساعدتي لك) . وانهى الدكتور الحاح الضابط بهذه الطريقة .
هكذا كان التعليم العالي وضمن مقاييس الجودة المعتمدة عالميا ومن قبل اليونسكو والا ما فائدة المتخرج من كليات القانون الحالية ويصبح محاميا او موظفا حقوقيا او قاضيا او وزيرا وعندما يتكلم او يدون لائحة او قرارا قضائيا مملوء بالأخطاء الاملائية والنحوية وكذلك الحال بالنسبة للمهندس او الطبيب , روى لي احد تدرسي كلية الهندسة قائلا ان التربية تخرج طلبة اميين وترسلهم الينا ولما سالته عن السبب اجاب , من خلال تصليح اجابات طلبة كلية الهندسة اجد الكثير من الاخطاء الاملائية علما ان كلية الهندسة تقبل المعدلات العليا بعد الطبية ويفترض بطلبتها تمكنهم من اللغة العربية .
واخيرا اقول يبدو ان العملية التربوية والتعليمية برمتها تحتاج الى اعادة هيكلة وتنظيم وبخلافه سيتولى امرنا وحكمنا الجهلة وهذا ما نخشاه .