قد يكون العنوان مستغربا وغير مألوف ؟ ولكن هذه هي الحقيقة المرة والمرعبة في العراق ؟ فالتعامل مع ألآدوية الطبية هو كالتعامل مع صرافة المال , لآن صرافة المال يعمل فيها من يشاء , وكيف ما شاء بعيدا عن الرقابة , فالبنك المركزي العراقي يكتفي بالتفرج على مشهد غسيل ألآموال العراقية ومركزه عمان ؟
والتحويلات الخارجية بلا ضوابط , والمال العراقي يسرق ويهرب دون وجود رقابة مالية من قبل الشعب وألآقسام المسؤولة في البنك المركزي العراقي , وحتى يعرف المواطن غير المختص كيف أفرغت الخزينة العراقية التي بات الدكتور حيدر العبادي يعلن عدم وجود وفرة مالية , فالواردات لاتكفي لسداد رواتب الموظفين ؟ ومن حق الحكومة في مثل هذه الحالة أن تتخذ أجراءات غير شعبية تصطدم برفض لآن المواطن الموظف سواء كان أستاذا جامعيا أو عاملا في أحدى دوائر الدولة لم يتحسس خطورة الوضع المالي في العراق , ولم يتعامل مع ألآزمة المالية المفتعلة بمسؤولية وشعور وطني ؟
ومثلما تكشف ألآرقام المالية أن العراق أستورد ما قيمته ” 180 ” مليار دولار , ألآ أن كشوفات البنك المركزي العراقي تقول أنه تم تحويل ” 350 ” مليار دولار للخارج ؟ , أي أن تحويل العملة ألآجنبية بالدولار من البنك المركزي العراقي يجب أن تتناسب مع كمية ألآستيراد , وعندما تظهر ألآرقام أن التحويل للخارج هو ضعف ما مطلوب للآستيراد , فيعني أن هناك مشكلة ؟ وطبيعة هذه المشكلة هي في سرقة المال العراقي عبر التحويل الخارجي عن طريق ” الصرافة ” ؟
فلقد سئل مركز صرافة في عمان عن وجود تعامل له مع مركز صرافة أو مصرف محدد ؟ فأجاب بعدم وجود أي علاقة مالية ولا تحويلات بينه وبين ذلك المصرف أو مركز الصرافة , وعندما قامت اللجنة المالية في مجلس النواب بمتابعة سجل التعاملات بين مركز الصرافة في العراق ومركز الصرافة في عمان في نفس الفترة التي أنكر فيها مركز صرافة عمان وجود تعاملات , وجد أن هناك ” 50 ” عملية تحويل قد تمت في الفترة التي أنكر فيها مركز صرافة عمان وجود تبادول معاملات صرافة ؟
وحتى يكون المسؤولون والقراء ومن يهمه شأن ومصير المال العراقي المهرب والمسروق أن لجنة النزاهة تقدمت بخمس دعاوى فقط في هذا الباب , بينما في دول صغيرة ومتخلفة في جنوب شرق أسيا مثلا تقدم ” 150 ” شكوى ودعوى ضد التلاعب بتحويل المال ؟
وما يقال عن صرافة المال العراقي يقال عن الدواء في العراق الذي يتوقف عليه مصير ملايين المرضى العراقيين , فالعمل بألآدوية أصبح كالعمل في الصرافة يدخل عليها من يشاء ومتى يشاء , فالصيدليات أصبحت مليئة بغير الصيادلة ممن يبيعون الدواء كما تباع الخضار دون معرفة ودون تخصص ودون مسؤولية أخلاقية لعدم وجود رادع قانوني ومحاسبة مهنية , فنقابة ألآطباء ونقابة الصيادلة لاوجود لهما سوى وجود مكاتبهما بألآسم فقط , ووزارة الصحة التي أصبحت ميزانيتها توازي ميزانية أحدى دول الجوار , ولكن المواطن العراق مشغول بهموم مرضاه ومعاناتهم فيضطر للذهاب الى الهند وأيران وتركيا ولبنان وألآردن بسبب تسيب العمل الطبي في العراق وتحول المستشفيات الى أماكن عزل وقهر وأذلال المريض الذي لايملك مالا فلا يستطيع الذهاب الى المستشفيات الخاصة والذي تضطره الحاجة للتوجه الى المستشفى الحكومي حيث يعامل بأهمال متعمد من قبل كادر طبي فقد مسؤوليته ألآخلاقية وأصبح عبارة عن تاجر يستغل وضع المريض الحرج وألآضطراري ليفرض عليه ما يريد حتى يضطره للدخول في المستشفى الخاص الذي لايقل في سوء أدارته وخدماته عن المستشفى الحكومي , فألآكراميات في المستشفى الخاص تفرض على ذوي المريض كما تفرض ألآجور في المحلات التجارية ؟
وتظل ظاهرة التسيب في التعاطي مع ألآدوية وأستيرادها في العراق ظاهرة طاغية وشائعة فيها الفوضى وفيها الغش , وفقدان الجودة , ولا يعرف المواطن المريض من هو الدواء الصحيح من غير الصحيح ؟ ومن هو الدواء المنتهي الصلاحية ؟ مثلما أصبح المواطن العراقي لايعرف من هو المسؤول عن الدواء في العراق ؟ فهناك شركة لآستيراد ألآدوية ؟ ولكن من المسؤول فيها وكيف يتم أستيراد الدواء لا أحد يمتلك الجواب ؟ وهناك مديرية عامة للعقود والمراقبة , وهناك مفتش عام في وزارة الصحة ولكنها مجرد عناوين لاتجد فيها من يتحمل المسؤولية ؟ فتصنيف ألآدوية الطبية يخضع لمزاج المسؤولين وليس للمواصفات الطبية ولا لحاجة المرضى الفعلية بناء على أحصاء وفرز ودراسة للحالات المرضية بمختلف أنواعها : المزمن , وغير المزمن , الحاد وألآلتهابي , القلبي والشرياني والصدري الشعبي والهضمي والكلوي والعصبي والجلدي , والعظمي , والنفسي , كتبت دواء ” ألآمينوفلين ” لمريض يعاني من أزمة ربو قصبي شديد , فقال لي الصيدلي : لايوجد لدينا هذا الدواء , ولتسهيل أمر علاج المريض قلت للصيدلي هذا العقار يوسع الشعب القصبية عندك دواء مشابه مثل ” ثايوفلين ” أو ” فينتولين ” أعطه للمريض , قال كذلك لاتوجد لدينا هذه ألآدوية , قلت للصيدلي وهو في مدينة كربلاء المدينة التي يقصدها ملايين الزوار , قلت له : لذلك تضطرون الناس للذهاب للهند من أجل العلاج ؟ وهنا تراجع الصيدلي ووعدني أن يجلب الدواء ؟
أرأيتم كيف تتقارب صرافة المال في العراق مع ما أصبح يسمى ” صرافة ألآدوية” فكل من المال العراقي والدواء العراقي سواء المصنع داخليا أو المستورد يعاني من تلاعب خطير نتيجة مافيات المال وهي مراكز الصيرفة والمصارف ألآهلية , وعلى الدكتور حيدر العبادي أن يبادر فورا لآسترجاع المال العراقي المسروق من البنك المركزي والمهرب للاردن ولبعض دول الجوار أن يستعين بألآتفاقية المقرة من قبل ألآمم المتحدة لآقامة دعوى قضائية بأسترجاع المال العراقي من مركز الصرافة في عمان ومن بعض البنوك والمصارف في عمان , والقيام بمطالبة ألاردن تسليم أعضاء خلية غسيل المال العراقي في عمان وهم معروفون بألآسماء وعلى الدكتور حيدر العبادي أن يعزل المسؤولين عن تحويل العملة وتبادلها في البنك المركزي العراقي الى القضاء ومطالبتهم بكشف مصير هروب المال العراقي أن هذه الخطوات كانت مهمة وضرورية قبل اللجوء الى سلم رواتب الموظفين , كذلك فعلى الدكتور حيدر العبادي أن يحاسب المسؤولين في وزارة الصحة عن حركة شراء الدواء وألآجهزة الفنية التي يهدر بسببها مليارات الدولارات وأن طريقة الوزيرة عديلة حمود بلبس النقاب التنكري حتى تعرف شيئا بسيطا عن نوع الفساد في المؤسسات الصحية هي طريقة غير موفقة تنم عن عدم خبرة ؟ وهي مضيعة للوقت وللجهود وحيتان الفساد في وزارة الصحة موجودون بالقرب من مكتب الوزيرة ؟
هل عرفتم صرافة المال وصرافة ألآدوية في العراق المنكوب بألآرهاب وبالفساد