23 ديسمبر، 2024 12:38 م

( صراع جبابرة )….أم تصحيح للديمقراطية المشوهة ؟

( صراع جبابرة )….أم تصحيح للديمقراطية المشوهة ؟

خلال المباحثات التي سبقت اتفاق اربيل للخروج من ألازمه المستعصية الخاصة بتشكيل الحكومة اثر التقارب الكبير بين أصوات المتنافسين على السلطه.. العراقية ودوله القانون  مثل  الاخيره شخصيه مقربه من المالكي من خارج حزب الدعوة((( وهو أمر يدعو للحيره!!!) و مثل علاوي  احد أقاربه وهو شخصيه معروفه بورعها الديني… ووسط إصرار  الجانب المقابل  وتمسكه بترشيح  الملاكي لمنصب رئيس الوزراء اشتط القيادي في العراقية غضبا في تلك الجلسة المغلقة وقال والشرر يتطاير من عينيه : إذا بقيتم مصرين على المالكي فسنقوم باغتياله لحل المشكلة !!!

 لعل من اكبر الخطايا في تلك المرحلة هو اتفاق اربيل الذي (عقد قرانا) غير شرعي بين (أخوه في الرضاعة )عدوين لدودين أخفا بنادقهما بعد حرب طاحنه  أنهكتهما معا ولا يمكن الجمع بينهما تحت أي سقف او أي مبرر وتم ذلك برعاية (الأخ الكبير) واشنطن … ومثل اتفاق الاضطرار القسري في حينها محاوله للإبقاء على حاله التوافق المعاكس لآليات الديمقراطية التي جرى تزييفها في العراق بحجه التعددية الاثنيه والمذهبية التي كان أول الخاسرين فيها هم الأقليات العرقية الأخرى وخاصة التركمان والمسيحيين وغيرهم .
 وهي وان كانت مقبولة في مرحله 2003-2009 فإنها لم تعد تلقى لدى الشارع العراقي على الأقل الواعي أي استجابة أو قبول بعد انحسار مخاطر الاقتتال الطائفي  وما كشفه الفساد والقبضة السلطوية الطائفيه من زيف الكثير من شعاراتها ومبرراتها في بلد لم يعرف يوما التخندق ألاثني او حروبه التي مزقت أوروبا وافريقيا.

لعبه الانتخابات في ذهنيه الكثيرين كانت تعني فقط الوصول الى السلطة بأي ثمن كان  والتمتع بامتيازاتها في وقت أحست فيه ألقائمه العراقية أنها الأحق بتشكيل الحكومة رغم الخليط غير المتجانس لإضلاعها  ومكوناتها المتحالفة الذي بشر في البداية بمشروع غير طائفي تهشم في أول اختبار جدي و ازمه نحو محاور جديدة أعادت البيادق الى مربعاتها وهوياتها ألضيقه بسبب ازمه القيادة وتعدد الرؤؤس واختلاف التوجهات والنوايا بحيث ظهر ان الحديث عن اللبراليه والتغريد خارج سرب ألطائفه في هذه المرحلة  التي لم تخرج من طفح الاحتقان والاقتتال الأهلي هو نوع من العبث والمغامرة  السياسية في ظل ظرف تاريخي غابت عنه القيادة الوطنية  القادرة على التعبير عن هويه الجميع دون استثناء على غرار شخصيه الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم .
 والأمر الأخر ان نتائج الانتخابات في الجانب الأخر وهو التحالف الوطني اظهر قدره المالكي البراغماتيه على القفز من سفينة التحالف التي شبهها عام 2007( بسفينه النجاه) والعودة الاضطرارية إليها عندما تهب العاصفه فقط تحت ضغط الحاجة للفوز على خصومه  وما أكثرهم!!! وهو الذي اضعف حلفاءه كثيرا وبعضهم دفع ثمنا باهضا  في مرحله تطهير الشارع العراقي من المليشيات التي أقنعت الكثيرين من ألسنه بحياديته ونزاهته  وساعدت على خلق نوع من المهنية الوطنية في صفوف القوات الامنيه في تعاملها مع الفلتان الامني ودور الصحوات في الحرب التي لولاها لما تم سحق أهم حواضن القاعدة وركائزها .
كان يفترض بإحدى القائمتين أن تقبل بلعب دور المعارضة في البرلمان لتعزيز واغناء التجربة الديمقراطية وهذا ما حذرنا منه مرارا لأنه بدون موجه وناصح ورقيب وحكومة ظل  لا يمكن لطرف هام كالعراقية  ان يكون شريكا في الحكومة ومعارضا لها في ذات الوقت غير ان كل طرف كان مدفوعا بالسعي نحو المكاسب ( وجاهر او اسر انها مكاسب للطائفه) في ذات الوقت الذي لا يضمر فيه نوايا صادقه لخصمه الأخر الشريك بعد سنوات من لعبه مزدوجة استبطن فيها كل شريك سيناريوهات غير حقيقية  تتعلق بإرث الماضي والاحتراب الطائفي والتحالف مع هذا الطرف الإقليمي ضد الأخر .
  هذا التداخل في الخنادق أججه اللجوء الى التصفيات بين المتصارعين أضافه الى الصراع( السني –السني) و(الشيعي-الشيعي)  دون الخوض بتفاصيل الدور الخطير للمناور الكردي  الذي سعى الى التظاهر بلعب دور صمام الأمان   بحنكه وذكاء مفرطين وخطيرين في ذات الوقت بينما مكاسبه الحقيقيه اختزلت في الأرض الحرام أحيانا ومن خلال  تقديم نفسه كطرف محايد  واستخدام مفردات الطائفتين بدل الحديث عن وطن واحد وشعب واحد او محاوله انتزاع اعترافات بكركوك او خانقين من العراقية باستغلال مأزقها وهرب طارق الهاشمي للإقليم  في دوله لابد ان يكون القانون حاكما للجميع دون استثناء للإقليم او غيره… وبدون ذلك فنحن أمام كونفدراليه وليست فدراليه  والا بماذا نفسر اليوم بحث اربيل عن مكاسب سياسيه في خضم ألازمه ألراهنه بين العراقية.. ودوله القانون نعم انها لعبه السياسة التي لا تعني ايضا استغلال مصائب الشعب وأزماته ؟؟؟؟

لست مع هذا الطرف او ذاك او من المتأثرين بتصريحات( الملا-الدملوجي ) او صقور دوله القانون التي صبت الزيت على النار و انجرت أحيانا إلى لعبه التصعيد والدفاع بلا خط او نهج تكتيكي بينما الأمر يتطلب ألحكمه والروية بين الأشقاء غير اني توقفت مليا لقراءة مابين مفردات تصريحات الدكتور محمود عثمان البراغماتيه التي  لابد على النخب العربية الشابة التعلم منها ومن ميكافيليتها وما تحويه من إيقاع ولغة  خطيرة من احد الوجوه القريبة من الراحل ملا مصطفى لبرزاني.
 ولا يعنينا هنا سوى دعم الجهود الشريفة الساعية لاحتواء هذه ألازمه  التي هي الأولى بعد استعاده السيادة و التي جاء توقيتها خاطئا تماما وكان بإمكان الاجهزه الحكومية معالجتها بحكمه ورويه  واستعراض الاحتمالات الناجمة عن عرضها  واختيار اقلها خطورة وضجيجا… وحتى اللعب بأوراق قد لا تكون دستوريه تماما لاحتواء الخصوم مثلما تفعل اغلب الدول حتى العظمى والمستقرة في أداره الأزمات وقد انفجرت في محيط وأجواء محليه هشة رغم جو التفاؤل النسبي بعد الانسحاب الأمريكي  وسعي العراق لاحتضان القمة العربية في آذار أي بعد شهر ونصف هذا أذا لم تؤجلها ألازمه ألراهنه التي ستبرر لبعض العرب رفضهم التوجه لبغداد في مرحله تعني الكثير للعراق والمنطقة والعالم العربي  حيث يتسبب المشروع السياسي ببلوره خارطة إقليميه جديدة وسط إحداث ساخنة منحت العراق دورا هاما على أكثر من صعيد وأخرجته من دور الجريح الى المنقذ  والوسيط المقبول إيرانيا وسوريا  وإقليميا ودوليا وهو ما يزعج أكثر من دوله في المنطقة.

إطراف التحالف الوطني او اغلبها تعاملت مع ألازمه كفرصه لتصفيه الحسابات و لتلقين المالكي درسا قاسيا بعد ان تحول التحالف الوطني الى تكتل يهيمن فيه الحزب الواحد وهو حزب الدعوة على مفاصل ألدوله الرئيسية والقرار وهكذا يتهم اغلب شركاء التحالف المالكي. مقابل انحسار أي دور في صناعه القرار لباقي الشركاء في وقت لم تعد فيه المرجعية الدينية في النجف تخفي انتقادها  لحكومة المالكي في معالجه ملف الفساد والخدمات بعد رفض أيه الله السيستاني استقبال أي مبعوث عنها وهو ما أكده ممثل السستاني في أوروبا وأمريكا السيد مرتضى الكشميري في أكثر من عاصمة أوروبيه خلال مناسبات عاشوراء الاخيره والذي ما يحاول  حزب الدعوة مواجهته من خلال التحضير لمرجعيه السيد حسين الشهرودي الذي شغل مناصب هامه في إيران .
 فالدكتور الجعفري الذي يترأس االتحالف الوطني حاليا لم يستطع في جميع المقابلات الاعلاميه ان يخفي رغبته  في تزعم الحزب ثانيه دون ان يجاهر بذلك ويقدم نفسه بصوره غير مباشره كونه الحل الوحيد للازمه ألراهنه وفق نرجسيه في الخطاب الذي يبرع فيه  الذي يقفز من خلاله على جمله الحقائق التي شهدها العراق منذ عام 2007 وحتى اليوم وكادت ان تمزقه اربأ.
 فيما حمل خطاب السيد عمار الحكيم وباقر الزبيدي غصة في حلق المجلس الأعلى الذي لا ينسى انه قاد المعارضة الشيعية ضد النظام السابق وقدم الاف الشهداء لينحسر دوره ألان الى حاله من الاختناق حتى داخل التحالف الوطني وكان خياره صائبا بعدم المشاركة في حكومة المالكي لانه عرف عدد الألغام التي زرعت في الطريق… بينما  اظهر الصدريون قدرتهم الملفتة للنظر على ألمناوره و استغلال وتلقف ملف الهاشمي لنيل المكاسب سياسيه من المالكي والضغط عليه وانتزاع ما يمكن انتزاعه ولو من خلال الظهور بدور( لاعب الوسط) رغم عداءهم التاريخي لعلاوي اثر معركة النجف الشهيرة قبل ست سنوات… إلا ان حساباتهم البعيدة تؤكد عزمهم على انتزاع المبادرة من حزب الدعوة وقياده التحالف الشيعي في المرحلة القادمةو ربما كانت عبارة السيد مقتدى الصدر بوصف الصراع بأنه( صراع جبابرة) في اشاره صريحة لطرفي النزاع علاوي والمالكي اكبر تعبير عن هذا النهج..!!!
. مع يقين ثابت ان  الصدريين لم ولن يتحالفوا مع العراقية والأكراد  لإسقاط حكومة المالكي  لان في ذلك مقتلهم انتخابيا وسياسيا  ولان طهران ستعارض ذلك الأمر بشده حيث سيكون لها دور هام وكبير في الأيام القادمة لحلحله ازمه الهاشمي بعد توصلها الى تفاهم تهدئه مع واشنطن .
 فيما التزم حزب الفضيلة الصمت وخيار إبقاء التحالف الوطني قويا للخروج من ألازمه ورفض التصعيد والانفتاح على العقلاء من كل الإطراف الأخرى لنزع فتيل القنبلة والابتعاد عن التصريحات الدينكوشيتيه!!!
 لكن هذا المشهد للبيت الشيعي لازال محكوما بحقيقة جوهريه وهي أن المالكي رغم كل هفواته التي قد يبررها عدم وجود مستشارين  ذوي خبره ودراية حوله لازال قادرا على أداره ألازمه داخل التحالف او ضد العراقية التي قد يخسر من وراءها الكثير من سلطته لكنها ستخدم في النهاية من وجهه نظرنا عمليه وضع أسس حقيقية للديمقراطية وفق مبدأ الاغلبيه على حساب التوافق وهو ما يؤيده الامريكيون.

 في مقابل ذلك كان تعامل ألقائمه العراقية ولا زال محكوما برد الفعل المتشنج او كمن وقع في مطب مفاجئ كشف جليا أن الدكتور إياد علاوي فقد الكثير من قدرته السياسية على أداره هذه ألازمه بشجاعة رغم انه خبر الأعيب السياسة ودسائسها وما يحاك في دهاليزها من أحاجي منذ ان عمل في صفوف حزب البعث في سن مبكرة وكان احد أعمده المشروع الأمريكي في العراق.
 وظهر هذا الأمر مبكرا في خطابه الهجومي العنيف ضد المالكي صيف العام الماضي الذي وصف (بالبيان رقم واحد) واعتقد أن هذه ألازمه التي يديرها من عمان انه هو المستهدف من وراءها  أكثر من الهاشمي وانه في رأي الكثير من المعنيين بالشأن العراقي لم يعد مقبولا  كزعيم لتكتل اخذ عمقا طائفيا شئنا ام أبينا… فلماذا لم تنسحب العراقية من البرلمان والحكومة بعد ان فشل علاوي في ترأس خديعة مجلس السياسات ألاستراتيجيه مثلما تفعل اليوم من اجل الهاشمي؟؟؟  ان ألازمه ألراهنه كما أرى ستكرس قياده النجيفي وستعيد الى الواجهة الدكتور محمود المشهداني المقبول من كلا الجانبين والمرحب به عربيا أيضا أضافه لوجوه أخرى اكثر عقلانيه تتفاوض خلف الستار مع التحالف الوطني بوساطة إقليميه ومباركه من واشنطن.
ما هي الأخطاء التي ارتكبتها العراقية غير لغة التصريحات والخطاب الناري…. أولها:: التلويح بالحرب الطائفية كأخر الحلول في حال فشل مؤتمر الإنقاذ الموعود وهو خطا فادح  لان على السياسي والذي يصف نفسه (بالرمز الوطني )ان يضحي بنفسه ومستقبله لمنع اندلاع صراع طائفي جديد فشلت محاولتان مؤخرا لاشعاله احدهما في مجزره النحيب والأخرى في العمليات الدموية ضد زوار الاربعينيه… في وقت تؤكد فيه اغلب التقارير السرية ان الحرب الطائفية بعيده عن الوقوع لان الشارع العراقي اكتشف دوافعها والاعبيها ولن يقبل بدور الخديعة وهو ما أكدته اغلب الصحف الامريكيه والبريطانية .
والخطأ الأخر هو  السعي لتدويل القضية وطلب التدخل الأمريكي الإقليمي التركي واللجوء الى مخاطبه صانع القرار الأمريكي في فتره يستعد فيه الأمريكيون لخوض انتخابات الرئاسة ولم يهنا الجنود الأمريكيون العائدون من نيران الحرب في العراق في وقت يدرس البنتاغون إغلاق العديد من المعسكرات في أوروبا لمواجهه ألازمه ألاقتصاديه وهذا يكشف عن قصور واضح في تحليل الواقع الدولي  واستمرار الاستقواء بالداخل على الخارج الذي يرفضه العراقيون دون ان ننسى وصف كثير من قاده العراقية اليوم لمن جاءوا مع الدبابات الامريكيه قبل تسعه اعوام انهم عملاء !!
والثالث هو الخروج من الحكومة والبرلمان  وهو تصرف تم على حساب مصالح الشعب وتعطيل القوانين وشل الحياة وحرمان العراقية من منبر الشعب اذ لا يحق لمن اختارهم الشعب كممثلين عنه  في السلطة التشريعية والحكومه ترك حسم الأمور المصيرية التي تهم الملايين وخاصة الموازن والنفط وغيرها لباقي الكتل  والاستعاضة عنها  بكيل الاتهامات للمالكي بالدكتاتورية والانفراد بالقرارات.

نعم لست من المؤمنين بالنزاهة المطلقة لأي من المؤسسات العراقية  رغم انها أفضل من مثيلاتها في العالم العربي و كان الأجدر بالهاشمي وانا لست ممن يتهمه او يبرئه ان لا يكون السبب في إشعال  حريق أخر في وطن أنهكت فيه  سيارات المطافئ والإسعاف …و انصحه ان يحول محاكمته في بغداد الى محاكمه للنظام السياسي سيكون فيها العراقيون الفيصل لكل ما يعتقد انه استغلال للسلطة والنفوذ وانفراد بالقرار من قبل رئيس الوزراء وغيره خاصة وانه سليل  رجال لازال  لوقع أسماءهم دوي في تاريخ العراق الحديث عرفوا بشجاعتهم وصلابتهم وحبهم للعراق . وأكاد اجزم
ان طه الهاشمي او ياسين الهاشمي ما كانا سيحتميان عند الآخرين  حتى لو كان احدهما او كلاهما سيواجه حكم الإعدام شنقا في بغداد في محاكم العهد الملكي  التي ليست أفضل من العدالة في حكومة المالكي!!! أليسوا هؤلاء هم الرموز الوطنية ؟؟؟؟

[email protected]