حقيقة ان من يجرب العيش بين الكتب بشتى انواعها يتكون عنده هاجس النرجسية والمثالية والحلم بغد افضل ولكن التعمق زيادة عن اللزوم في هذا العالم الساحر الجميل تجعل الغريق فيه ينسى الواقع تدريجياً ويعيش في بروج سماوية يرسمها في مخيلته لتحتوي فكره النقي الصافي الجميل ولكن هيهات فالواقع قاتم السواد بعيد كل البعد عن مخيلة الحالمين ………….
وفي المقابل يغرق صنف اخر من الواقع الاليم والبائس حد النخاع ويصبح بعدها لا يرى سوى السواد والظلام والفساد والخداع وكل شيء سيء وقبيح ولا تبقى لديه نزعة الامل والاشتياق لغد افضل وتدريجياً يدفن صاحبنا من النوع الثاني نفسه في ركام اليأس والانهيار والانحطاط ولا يفكر بعدها بالتغيير او حتى محاولة ذلك …………….. ولكن هيهات فلا حياة مع اليأس
وبين هذا وذاك يفترض بنا ان نوازن وجودنا المتعدد الابعاد الذي رزقنا ربنا به وانعم علينا بمرونته وقدرته على تنوع التوجهات والتنسيق والتوفيق بينها وهذه دعوة الى ارباب القراءة والحلم الى ان لا يشطحوا بعيداً عن الواقع البائس وان يستثمروا المفاهيم الجديدة التي يتعلمونها كل يوم في تغيير الحال وعدم الاكتفاء بالنقد ورمي الحجارة على الواقع واهله من بعيد!
وهي ايضاً دعوة الى معتنقي مذهب اليأس والقنوط ان يطالعوا تجارب الاسبقين والمعاصرين ويروا كيف ان من كانوا في يوم من الايام اسوأ حالاً منا قد نهضوا ونفضوا التراب عن اجسادهم وافكارهم وانطلقوا الى الامام بخطى واثقة ثابتة لا تتوقف الا بتوقف نبضات قلوبهم وانفاس صدورهم وحتى يكونوا قد اورثوا حب التطوير والتجديد والتغيير والطموح للأفضل جيلاً جديداً يحمل الامانة ويكمل المشوار
فهل لنا ان نكون كذلك؟