19 ديسمبر، 2024 7:56 ص

صراع النفوذ …. والوطنية الحقيقية

صراع النفوذ …. والوطنية الحقيقية

النفوذ باشكاله المختلفة ( سياسي – اقتصادي – اداري – ديني – قبلي – عرقي  ) يستقطب  ( المال والاتباع ) ويحقق سلطة معينة . وكلما زاد احد اطراف هذا الثالوث زادت معه الاطراف الاخرى وزادت معه ايضا متطلبات الحفاظ عليه وادامته  وتوسعته . واهم وسيلة تحقق ذلك هي استغلال عوامل الجهل والعاطفة  والحاجة والتخلف المجتمعي  واخطاء السلطة أو المنافسين بوسائل واساليب تتلائم مع الزمان والمكان وطبيعة  ( سوق ) هذا النفوذ .
ولكون عراقنا المبتلى اصبح  من ( المناطق الحرة ) لمختلف هذه الاسواق  وبغياب الثوابت الوطنية  وعدم وضوح الهوية الوطنية فيه  مع عدم الاتفاق الجمعي  لولاة اموره الجدد على رؤية وطنية واضحة المعالم للدولة الجديدة اصبح بلدنا ومجتمعنا هشا تذروه الرياح  نرى الان اصحاب السوء ( بمختلف مسمياتهم ) يستغلون التظاهرات الجماهيرية والمطالب المشروعة لها من خلال تحريف تلك المطالب باخرى غير منطقية وغير مقبولة لتصب في خانة تعزيز النفوذ او ايجاد موطيء قدم له ولو على حساب بث التفرقة وتفتيت الوطن والشعب بشعارات ومطالب تضع المقابل امام خيار واحد ……. ؟؟
فالساعين للتصعيد ( سواء من اجل زيادة النفوذ أو لتحقيق مؤامرات خبيثة مسبقة الاعداد مرسومة في الدهاليز المظلمة  في الداخل أو الخارج  ) لايهمهم  الوطن أو المواطن  ولايهمهم الدين بقدر اهتمامهم بتحقيق مصالحهم وطموحاتهم المريضة والخبيثة وتنفيذ ارادات اسيادهم في
تفتيت هذا البلد وبث الصراع والقتال الداخلي بين ابناء شعبه وتصوير كل  ( مذهب ) فيه بانه دين مختلف شعاره الحرب على من يقف في طريقه  وان هذه المذاهب لاتنتمي الى الاسلام بشيء الا  بالتسمية العمومية وطقوس عبادية  معينة  . واعتقد بانه لهذا السبب ( يخشى الله من عباده العلماء ) .
كيف نمنع وندرء عن انفسنا واجيالنا الويلات والمصائب التي يراد جرنا اليها ؟ اليس بامكاننا نحن الاكثرية المطلقة من الناس البسطاء ان لاننجر الى مايفرق وحدتنا المجتمعية ويولد بيننا  الضغينة والبغضاء لاسيما وان وشائج القربى تربطنا بشكل او باخر من خلال مانتج عن زيجاتنا عبر الزمن القريب والبعيد والتي لم تكن تهتم بان هذا اوتلك من المذهب الفلاني ا وان هذا او تلك من القومية الفلانية فاصبحنا اعمام واخوال وهذه صلات رحم اوصى بها الله جل في علاه . اليس بامكاننا نبذ ومقاطعة ومحاسبة الساعين الى تخريب هذه الصلات وتاجيج الصراعات وبث الفتنة  مهما كانت مسمياتهم ومواقعهم ..؟؟
ان ما يقال عن امكانية السيطرة على السلطة بواسطة انقلاب عسكري او غير عسكري هي مجرد اقوال حمقاء تقفز عن الواقع الموضوعي  وهو عملية مستحيلة بكل المقاييس رغم ضعف وهشاشة الدولة لان ذلك لايتم بمجرد السيطرة على مبنى الاذاعة والتلفزيون ومرسلات البث والقصر الجمهوري ( سابقا ) المنطقة الخضراء ( حاليا ) كما كان يجري في سالف العصور ولا يتحقق عبر التفجيرات والاغتيالات المتبادلة ولا بشعارات  ( قادمون يابغداد ) ولا حتى بالحرب الاهلية لانها ستعيد سيناريو  دويلات الاندلس ولكن بشكل اكثر دموية وتدميرا وضعفا
واقول لمن لايعرف …باننا لايمكن ان نلغي الدستور الذي حظي بالموافقة الشعبية بالطريقة التي جرت للاستفتاء عليه وكذلك لايمكننا اجراء التعديلات المطلوبة عليه مع وجود ولاة الامور الحاليين وكتلهم السياسية بتشكيلاتها الحالية  لانهامقسمة اصلا  بالطريقة التي تضمن استعمال حق النقض لاي تعديل فيه من خلال الاليات الموجودة فيه  ولن يتم هذا الا بوجود احزاب وطنية وليس ( طائفية او مذهبية او عرقية ) تمتد قواعدها على مساحة الوطن ومكوناته وحصولها على الاغلبية  ضمن العملية الديمقراطية  ستمكنها من اجراء التعديلات المطلوبة  وحشدالتاييد الشعبي اللازم لتمريرها في الاستفتاء الذي سيجري عليها ولا يوجد طريق اخر غير ذلك ….؟؟
وعليه لو كان من يقولون انهم يقودون التظاهرات والاحتجاجات الحالية  وطنيون حقا ويحبون العراق وشعبه بكافة مكوناته  فعلا لوجهوا مطالب هذه الجماهير الى الاتجاه الذي يخدم عموم البلد والشعب  ويصحح العملية السياسية بدلا من محاولات بث الفتنة والفرقة والاتهامات والتجاوز على بقية المكونات .
المجال مفتوح ومتاح للضغط على السلطتين التنفيذية والتشريعة وكتلها السياسية لاصدار قانون الاحزاب  ضمن فترة زمنية محدودة .
المجال مفتوح ومتاح للضغط باتجاه اجراء عملية التعداد السكاني ( بدون فقرة الانتماء المذهبي ) لاهميته الكبيرة المعروفة.خاصة وان المانع من اجرائه هم انفسهم ولاة الامر المفترضين .
المجال مفتوح ومتاح للضغط باتجاه تشريع قوانين جديدة للانتخابات المحلية ومجلس النواب يراعى فيها التمثيل الحقيقي من خلال الدوائر الانتخابية المتعددة ضمن المحافظة الواحدة وفرز الاصوات الحقيقية للمرشحين على اساس فوز الاكثر اصواتا ضمن دائرته الانتخابية اما انتمائه لكتلة او قائمة انتخابية  فيكون وفق قوائم مفوضية الانتخابات والغاء الية اعطاء الاصوات لمن لااصوات لهم  مع الغاء الامتيازات  ضمن مبدأ ( لاتقاعد ولا امتيازات وانما يعود كل الى عمله السابق بعد انتهاء تكليفه )
المجال مفتوح لرفض اساليب المحاصصة والتوافق ودعوات التوازن وما اليها من مصطلحات  ظاهرها شيء وباطنها شيء لانها لن تبني دولة مؤسسات  وانما دويلة تناقضات وصراعات .
المجال مفتوح ومتاح  ضمن السياقات الدستورية للمطالبة بكل ماهو فيه خير للوطن والشعب لتاسيس الدولة الحديثة  دولة المواطنة التي تعتمد العدالة والاستغلال الامثل للثروات وتوفير افضل الخدمات للمواطن . الدولة التي تعتمد افضل معايير احترام حقوق الانسان  .. الدولة التي تعتمد المنافسة بين محافظاتها واقليمها وتشكيلاتها الادارية  في التطور والبناء والاعمار  وتقديم الخدمات .. الدولة التي تعتمد الاساليب العلمية الحديثة  في الادارة والتخطيط  لمستقبل زاهر وسيجد من يسير بهذا الاتجاه  دعما شعبيا حقيقيا . وكفانا مكاء وتصدية  لاولئك الذين يعتبرون انفسهم  اوصياء  ولم يقدموا لهذا الشعب ولهذا الوطن الا المصائب والويلات ويقولون مالايفعلون.

أحدث المقالات

أحدث المقالات