18 ديسمبر، 2024 3:19 م

صراع المعتقدات وتأثيره على العراق

صراع المعتقدات وتأثيره على العراق

لطالما تأثر المشهد الجيوسياسي للشرق الأوسط بالأيديولوجياتالمتنافسة، بعد أن لعبت المعتقدات السياسية الغربية والإسلامية أدواراًمهمة، رغم الأختلافات الجوهرية بين هذه الأنظمة العقائدية..

تأثيروجهات النظرالغربية و الإسلامية الشيعية كان عميقا علىالعراق والمنطقة، لأن الأول  كان يؤمن بالحرية المطلقة، وغير مباليلتأثيرها على الفرد العربي، متحدياً فكرة أن المسلمين يفضلون أنيطلق عليهمأمة الرجالعلى أن يقول عنهم أحد أنهمأمة مثلية

لقد شكل المعتقد السياسي الغربي، الذي غالباً ما يكون متجذراً فيالديمقراطية الليبرالية وتمجيد الحقوق الفردية، المبادئ الأساسية للدولالغربية.. وكلا اليمين واليسار يعتمدان على معتقدات مركزية، تشملحرية التعبير والتعددية الدينية وفصل السلطات..

تهدف هذه المبادئ من الناحية النظرية إلى حماية حقوق وحرياتالأفراد، وتوفير إطار للمشاركة السياسية والتقدم المجتمعي، وقد سعتالولايات المتحدة كقوة غربية رائدة، إلى تعزيز معتقداتها وقيمهاالسياسية على مستوى العالم، سواء من خلال قنواتها الدبلوماسية أوتأثيرها الأقتصادي، وربما غالباً بتدخلاتها العسكرية..  رغم أننواياهم الظاهرية المعلنة تدعي الرغبة في نشر الديمقراطية وحقوقالإنسان، لكن الخفايا أعظم أكيدا.. لأنها تهدف إلى نشر فكرةالليبرالية في كل أطراف الشرق العربي.. وكان لذلك نتائج مثيرةللجدل، وأنتج عواقب غير محمودة وعدم إستقرار إقليمي.

كل ذلك يختلف شكلاً ومضمون عن العقيدة السياسية الإسلامية، التيتسعى إلى إقامة حكم قائم على شريعة و مبادئ الإسلام، المستمدةمن القرآن وتعاليم النبي محمد (عليه وأله أفضل الصلوات).. فبرزتإيران كنظام حكم مدافع ومتبني لنشر هذه الفكرة في الشرق الأوسط،ولا سيما في العراق..

كان نفوذ إيران في بلاد الرافدين معتمدا بشكل أساسي، على أغلبيةسكانها الشيعة وروابطها الدينية والثقافية المشتركة، كما شكل دعمهملمختلف الفصائل والأحزاب السياسية الشيعية في البلاد، جناحا اخرتعتمد عليه وتناور به، مما أدى إلى أرتفاع وتيرة الصراع بينها وبينالفكر الغربي، كما ساهم بنشوء توترات طائفية و لوبيات سياسية.

إن للصراع بين الأيديولوجيات المتطرفة، الغربية منها المتمثلة بأمريكا ونظيرتها الإسلامية في إيران، التأثير الكبير والعواقب الوخيمة علىالعراق، فقد أدى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام ٢٠٠٣، علىأساس فرضية نشر الديمقراطية، والقضاء على أسلحة الدمارالشامل، إلى الإطاحة بالنظام الدكتاتوري، لكنه أدى إلى فراغ فيالسلطة وفتنة طائفية مصطنعة، وصعود الجماعات المتطرفة كالقاعدةوداعش، ليتبين لاحقاً أنها الممول الرئيسي لهذه الحركات، مما اتاحلإيران إغتنام الفرصة، لتوسع نفوذها في العراق، من خلال دعمالفصائل المسلحة، للوقوف أمام التقدم الإرهابي، وتعزيز قوتها ونفوذهاداخل المنطقة، وكل هذا أدام ديناميكية التوتر السياسي، وأخرالمصالحة الوطنية والتنمية في العراق.

ذلك يطرح تساؤل مهما، عن سبب مقبولية الأفكار الشيعية الإيرانية،في الوسط والجنوب الشيعي وتفوقها على نظيرتها الغربية؟

يمكن أن يكون مفهوم الحرية المطلقة، كما يتم الدفاع عنها في كثيرمن الأحيان في المعتقدات الغربية، سلاحاً ذو حدين عند تطبيقه علىالمجتمعات العربية الإسلامية، في حين أن الحريات والحقوق الفرديةضرورية، فإن الحرية المطلقة ستؤدي إلى صدام مع التقاليد والقيمالراسخة بعمق.. وبالنسبة للغالبية من المسلمين العرب، تكمن الأولويةفي تحقيق التوازن بين حقوق الفرد والعقيدة الإسلامية، ولهذا فإنإطلاق الحرية بدون قيود، سيؤدي إلى تهديد التماسك المجتمعيوالتقاليد الدينية للمجتمع العراقي، لذا نرى إن الشيعة يفضلون،مقاومة الأفكار الغربية وتفضيل الأيديولوجيات التي تعطي الأولوية،للحفاظ على الهوية الثقافية والقيم الإسلامية.

سيستمر هذا الصراع بين المتناحرين من أتباع واشنطن و طهران،وسيؤثر على إستقرار المنطقة بصورة عامة والعراق خاصة، لأنهم يرونأن بوابة السيطرة على الشرق الأوسط هي بلاد الرافدين، و إن مفهومالحرية المطلقة و ما تتضمنه من دعم للمفاهيم الشاذة، سيخلق فجوةكبيرة لن يتقبلها المسلمون الشيعة، الذين يسعون لإستدامة معتقداتهملأجيالهم القادمة، ولا يمكن لأمريكا أن تتوسع داخل الجنوب الشيعي،إلا إذا أقتنعت أن معتقداتهم الدينية مقدسة ولا يمكن المساس بها