17 نوفمبر، 2024 6:38 م
Search
Close this search box.

صراع المرجعيات العربية الإيرانية من يقصي من 

صراع المرجعيات العربية الإيرانية من يقصي من 

لماذا صراع المرجعيات ؟ ولماذا يكون أحد الأطراف إيرانياً ؟ ولماذا السيطرة في أغلب الأحيان للمرجعية الإيرانية ؟ وهل ينتهي هذا الصراع الذي بلغ أوجه ؟ وهل له جذور تأريخية ؟ ولماذا الإقصاء للمرجعية العربية ؟ أسئلة يتبع بعضها بعضاً لمن يرغب في الولوج في أحد أهم أسباب الأزمات في بلادنا ، وقد يجيب الباحث لأول وهلة إنها مسألة طبيعية لاختلاف المصالح الشخصية لأن المراجع هم من البشر وتشملهم القوانين البشرية من الخضوع للغرائز والرغبات وتأثير النفس والهوى والشيطان ، وقد يكون الجواب أن الصراع ناتجاً عن الاختلاف في ( الفتوى ) وما يتوصل له المجتهد من رأي وموقف ، ويمكن أن تكون الإجابة لاختلاف الرؤية والمنهج في النظر للأشياء بحسب المدارس التي يتخرج منها المجتهدون ، وقد تصل الإجابة إلى ارتباط المرجع بسلطة ما كأن تكون دولته التي ولد فيها فهو ينحاز لها بشكل طبيعي لا إرادي ، وأيضاً ممكن أن يكون بسبب الانحياز ليس بشكل طبيعي نابع من حب الوطن بل يكون انحياز عن قصد مدروس ومعد له ويمثل منهجاً مخطط له ، وقد يكون الارتباط بدولة أخرى من الدول الكبرى من حيث يدري المرجع أو من حيث لا يدري فهي التي تسيره وتدير أموره عن بعد بدون أن يتعرف على ذلك الناس . ونحن نزعم أن كل من هذه الأسباب ممكن أن تتواجد ولا مانع من تواجدها ما دام المرجع إنساناً غير معصوم عن الخطأ ، ولكن أكثر هذه الأسباب طغياناً هي تلك الأسباب المخطط لها والتي ترتبط بأجندات ومشاريع ولها أهداف تسعى لتحقيقها ، وسبب طغيان هذه الأسباب ذات التخطيط أنها لا يمكن مواجهتها بشكل فطري أو عشوائي إذ لكي تواجهها وتوقف زحفها وتنتصر عليها يجب أن يتوفر لديك مشروع المواجهة ويعني أنك تمتلك خطة مدروسة لها أهدافها ووسائلها وكذلك يجب أن يكون لك من الدراية والعلم من السعة بما يمكنك من قراءة المستقبل ووضع وتغيير الخطط والوسائل عند الحاجة إلى ذلك ، وهذا عادة ليس أمراً سهلاً ومتوفراً لكل من يدخل الصراع خصوصاً إذا ما عرفنا أن الجهة المقابلة التي تتسيد الموقف في أكثر الأحيان مدعومة بسلطة الدولة من الداخل أو بسلطات دول خارجية وهي بأساليبها تتمكن غالباً من السيطرة على عامة الناس وهذا ما يجعل الطرف العربي في المواجهة في موقف لا يحسد عليه ، لكن لماذا دائماً هناك طرفاً إيرانياً في المواجهة ؟ ويبدو أن إيران عرفت من أين تؤكل الكتف فكان همها أن تسخر المرجعية وهي صاحبة قرار في الأنفس والأموال على غالبية الشيعة العرب وبهذا فهي تستطيع بواسطة المرجعيات التحكم بالدول أو الضغط عليها من خلال تسخير العرب ضد دولهم وكسب ولائهم لإيران ، ولهذا تجد المرجع الإيراني في موقف قوي أمام أي خلاف مع المرجع العربي رغم أن العربي يعيش على أرضه وبين أبناء جلدته وهذا أمر مخطط له قطعاّ ، وتجد المراجع العرب يدركون هذا الأمر بصورة جلية ويتحاشون الدخول في صراع مع المرجعيات الإيرانية ، وحتى من يمتلكون المشاريع الإصلاحية فإنهم يبتعدون عن المواجهة لأنهم يدركون أن مشروعهم سيقبر في مهده ، وعادة ما تكون المشاريع الإصلاحية محاصرة ولا تتمكن من تحقيق أهدافها لهذا السبب ولو أخذنا شواهد من التأريخ المعاصر فستكون تجربة المرجعين محمد باقر الصدر ومحمد محمد صادق الصدر خير شاهد على ما نقول ، فقد كان المرجع والفيلسوف والمفكر محمد باقر الصدر ( الصدر الأول ) يخشى كثيراً من مواجهة مرجعية السيد الخوئي الإيرانية وقد تصدت له مرجعية الخوئي بقوة بمجرد أن طرح نفسه كمرجع للتقليد باعتباره الأعلم مما أدى به أن يدعو أتباعه للابتعاد عن التصريح بأعلميته ، ونفس الأمر تكرر مع المرجع السيد محمد محمد صادق الصدر ( الصدر الثاني ) حيث حاصرته مرجعية السيستاني الإيرانية بكل الوسائل لتهديم مشروعه الإصلاحي رغم أنه تمكن من مهاجمة المرجعية الإيرانية بصورة أكثر جرأة من الصدر الأول حسب الظروف التي سمحت له وتمكن من استغلالها لصالح مشروعه . ورغم أن المرجعين الصدرين الأول والثاني كانا يمتلكان المشروع لكنهما لم يتمكنا من مواجهة المراجع الإيرانيين لكون الخوئي والسيستاني لا يمثلان أنفسهما بل يمثلان المشروع الإيراني بكل ثقله ، وتستمر هذه المواجهة وهذا الصراع بين الطرفين لأن المشروع العربي في المواجهة الذي أسس له المفكر محمد باقر الصدر ما زال حياً لتبنيه من المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الذي كان يمتلك من العلم والجرأة والتخطيط لبدء صفحة من المواجهة هي الأوسع والأعنف على مر التأريخ الشيعي ، فاستطاع أن يبني الوسائل التي يعمل بها وينفذ بها مشروعه بعد أن كان يمتلك الرؤية الواضحة لمفاصل وأهداف هذا المشروع من الناحية الفكرية وهو يعي قطعاً العقبات والمشاكل والصعوبات والأخطار التي سوف يواجهها لكن صاحب المشروع يجب أن يبدأ أو يواصل الخط الذي يعتقد به ، ولكون المرجع الصرخي يمتلك مشروعاً يتبناه على أرض الواقع ويسعى بكل قواه لتحقيقه فقد كانت المواجهة شاملة وشرسة من قبل الطرف الإيراني الذي استخدم كل ثقله وكل وسائله في المواجهة ، وإن صمود المرجع الصرخي لحد هذا الوقت وطول هذه السنين يعني أن هناك أملاً كبيراً بانتصار الكفة العربية صاحبة المشروع الوطني الإنساني غير المتعالي أو المتكبر الذي يرى في المرجعية قيادة نحو الوعي واستخدام العقل للرقي بالإنسان وخلق القيادات على عكس المرجعية الإيرانية التي تسعى إلى تجهيل المجتمع ليسهل لها قيادته مطبقة في ذلك سياسة القطيع والإذلال والتبعية وطمر القيادات وقتل المتميزين . إن هذا الطرح لم يكن ناتجاً من تعصب لقومية ضد قومية ولكنه طرح إستقرأ الواقع فكان يمثل حقيقة موجودة على الأرض حدثت ولا يمكن الاعتراض عليها أو الطعن بها ، ولكن هل من نهاية لهذا الصراع ؟ وهل يمكن أن ينتصر الطرف العربي وينهي سيطرة العنصر الإيراني على المرجعية ويؤسس لمرجعية يلتف عليها الشعب عن وعي وليس عن جهل ؟ إن الوقائع التي تظهر على الساحة تشير إلى اشتداد المنازلة وهذا يعني أن المرجعية العربية بدأت توجه ضربات موجعة للطرف الإيراني وتزحزح موقعه ، وإننا بانتظار الضربة القاضية لتنهي لنا عقود الذل والهوان والاستخفاف وتنقلنا إلى عصر جديد من العزة والرقي والإبداع واحترام الإنسان باعتباره خليفة الله في الأرض وليس عبداً لمراجع وطواغيت إيران .

أحدث المقالات