23 ديسمبر، 2024 10:59 ص

صراع السنة مع الشيعة أصبح أكثر وضوحاً …العراق مثال ؟!

صراع السنة مع الشيعة أصبح أكثر وضوحاً …العراق مثال ؟!

فلنبدأ الأحداث بعد 2003 وما تلاها من سقوط النظام البعثي الذي كان يستخدم أدواته في بطش شعبه والانتقام منه ، ومن يقرأ الواقع العراقي جيداً قبل سقوط النظام يجد أن هناك واقعاً مؤلماً يعيشه الشعب العراقي في سيطرة قلة قليلة على الأغلبية المستضعفة والمهانة .
بعد أحداث عام 2005 ، وتفجير قبتي الإمامين العسكريين ، بدأت ملامح الحرب العدائية بين السنة والشيعة ، فبدأ الاقتتال والتصفيات بين الطرفين ، لا نريد ان نتهم أهل السنة في قتل الشيعة ، ولا الشيعة في قتل السنة ، لان الاثنان هما ضحية ذلك الظالم المستبد الذي اوجد شرخاً لا يندمل مطلقاً بين العراقيين .
وتسارعت الأحداث بدخول عامل جديد وهو العامل الإقليمي والأجندات التي بدأت تشعر بالقلق من سير العلمية السياسية في العراق بعد سقوط النظام ، والذي أثار استغراب الدول الإقليمية هو السرعة في خطوات تثبيت العملية السياسية ، من تشكيل مجلس وطني ، والى مجلس كتابة الدستور ، والتصويت الشعبي الكبير عليه ، ومن ثم الانتخابات البرلمانية التي أسفرت عن حجم وثقل كل كتلة سياسية في البلاد .       
التدخل الإقليمي السلبي ساهم مساهمة كبيرة في زيادة الشرخ ، وضخ الأموال الكبيرة من أجل زحزحة الأمن في البلاد هو الآخر زاد المسافة وأجج نار العداء والكراهية ، وكان هذا هو الهدف . أثارة  الطائفية بين المكونات من أجل تضعيف المجتمع لكي يكون صيداً سهلاً لدول الدوار تنهش به وفق ما تريد ، وبحسب أجنداتها .
الحدث الأخير من سقوط الموصل وديالى وصلاح الدين ، كان أكمال لهذا المسلسل ، فالغرباء لا يمكنهم أن يكونوا أداة السيطرة على الأرض ما لم تكن هناك حواضن ترعى هذه السيطرة ، وفعلاً سقطت الموصل بين ليلة وضحاها بيد “الدواعش” وباقيا البعث المجرم من فدائيين ومخابرات وضباط الجيش السابق التي كانت مهمتهم السيطرة على الأرض وتسليم مدينة الحدباء بيد الإرهابيين الغرباء ، ومارست ومازالت تمارس هذه العصابات الظلامية أبشع صور التنكيل والانتقام لكل من يختلف معها ، وبدأت تتعرض لأرواح الأبرياء ، وهتك الحرمات وكل هذا بذريعة الانتقام السياسي من الشيعة
الذين حكموا اليوم باسم الحرية والديمقراطية .
ما نشهده اليوم من وضع خطير وحساس ، يختلف عن التوصيفات السابقة حيث يقف بلدنا اليوم أمام مفترق طرق ، فأما إلى الآمان ، وإما إلى مجاهيل خطيرة .
تداعيات ما حصل من انهيار امني كبير بعد 10 حزيران تمت قراءته بعدة تحليلات ولكنها لم تخرج بنتائج محسومة ، ولكن الحديث الأهم اليوم ليس هو عن الأسباب وإنما عن طرق مواجهة هذه التداعيات .
يوجد أمامنا مساران :-
الأول : المسار الأمني .
الثاني : المسار السياسي .
الأول يعني أيجاد انتصار حاسم على قوى الإرهاب وطرد فلول داعش من المناطق التي احتلتها بما يعزز هيبة الدولة ويعزز كرامة الجيش العراقي .
فيما يشير المسار الثاني إلى أهمية اعتماد خارطة  طريق يتفق عليها الفرقاء السياسيون وفي إطار الأسقف الدستورية المعلنة لخطوات ما بعد الانتخابات .
ولا شك أن هناك تحديات كبيرة أمام هذين المسارين (الأمني والسياسي) ، ومن المهم تماماً تركيز الجهد المتواصل لحلحلة التحديات الماثلة أمامهما .
ما نحتاجه فعلاً اليوم ضرورة ان تكون هناك رؤية لدى الطرفين في التعايش ، وما هي آليات هذا التعايش ، والقبول بالأمر الواقع وما ينتجه الواقع من سيطرة الأغلبية على مقاليد الحكيم في البلاد ، كما يجب على الأغلبية أن تنظر إلى الجميع بعين المساواة على أنهم مواطنون عراقيون يحضون بكامل الحقوق التي كفلها ونص عليها الدستور العراقي في حماية جميع المكونات العراقية بدون استثناء .
السعي الجاد من أجل ترسيخ الثقة المتبادلة بين جميع الأطراف بما يحقق الأمن والسلم الاجتماعي ، وإيجاد أرضية مناسبة من أجل أشراك الجميع في صنع العراق السياسي مع التشديد على أن لا يكون ممن تلطخت أيديهم بدماء الشعب العراقي .
بناء منظومة قيمية للمجتمع ، وبث روح الأخوة وجعل المواطنة هي أصل الوجود الإنساني بين العراقيين ، وأن تذوب كل هذه المسميات في بوتقة الوطنية ، من أجل أن نبني مصداً قوياً تجاه كل التيارات التي تريد الشر ببلدنا وشعبنا الجريح .