17 نوفمبر، 2024 5:44 م
Search
Close this search box.

صراع الثيران

لا اعتقد ان هناك وصفا اكثر تمثيلا ودلالة من صراع الثيران يمكن ان يطلق على برنامج الاتجاه المعاكس الذي تبثه قناة الجزيرة اسبوعيا .. فهذا البرنامج الذي يعده ويقدمه احد خريجي جامعة الفتنة ، ويحمل شهادة دكتوراه في التفرقة ، يعمد الى استضافة شخصين كيسين انيقين محللّين في عالم السياسة ، حتى يتحولا بعد فترة من النقاش والحوار الى ثورين يتناطحان ويحاول احدهما التغلب على الاخر والنيل منه بأية وسيلة حتى وان كانت قذرة .
ومن الصعب جدا في الاجواء التي يسعى مقدم البرنامج الى توفيرها بتاجيج الصراع بين الطرفين ، ان يحافظ الضيفان على وقارهما ، وآدميتهما ، وكياستهما ، وهدوئهما ، فيتحولان خلال لحظات الى الحالة القرقوزية التي تضحك المشاهد عليهما ، لذلك من الغريب ان نجد شخصا عنده كرامة ويعتز بشخصه ان يكون ضيفا في هذه الحلبة مقابل عدة دولارات .. لانه سيصبح ثورا شاء ام ابا .. ولا ادري لماذا تغفل منظمات حقوق الانسان القطرية والعربية والمنظمات العالمية لحقوق الانسان (هيومن رايتس) عن هذا التعمد في تردي وانحطاط انسانية الانسان وعلى الملأ .. ولماذا لاتعتبر الاهانات الموجهة من خلال هذا البرنامج الى شخوص ورموز ومعتقدات نوع من التمييز العنصري وانتهاك لحريات عدة اقرها الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
ان الصحافة لتأبى ان تسمى مثل هذا البرنامج اعلاما ، ونأنف ان نسمي بان مايجري هو حوار ، وتبادل للاراء والمعلومات ، انه صراع ثيران حقيقي ، يوجهه مقدم البرنامج كل لحظة ، يبدو المشهد وكانه معركة فتسقط فيها القيم واللياقة والاتكيت المعهود.
ان هذا البرنامج الذي يمول باموال مشبوهة ، بعيدة عن الاعلام ومهنة الصحافة ، انما يشوه مبادئ هذه المهنة ، التي تعتمد على ميثاق شرف بايصال المعلومة الى الجمهور بطرق سهلة وشفافية وباساليب معاصرة حداثوية ..لا العودة الى المناكفات والصراعات والسباب والشتائم .. وكاننا امام مشهد كاريكاتيري يسلب فيه البرنامج وقار ضيوفه ولياقتهم .
ان الكراهية والطائفية والعنصرية التي يثيرها برنامج “الاتجاه المعاكس” يجعل منه برنامجا موجها بعناية ، لاجندات مشبوهة ، وباموال سحت ، لتحقيق اهداف اقل مايقال عنها انها قذرة .. فلا يستطيع احد من مشاهدي هذا البرنامج او من المختصين في الاعلام والاساتذة والاكاديميين ومنظري الحواراث واللقاءات ، أن يثبت ان هناك فائدة واحدة تنتج عن هذا الصراع ، سوى ماذكرنا من انتزاع لانسانية الانسان ، واثارته وتحفيزه للخروج من اللياقة والادب ، ليشتم الضيفان بعضهما وياتيا على افكار ومقالات كذب ، تعززها بضعة من الاوراق والصور المزيفة هُيأت لدعم الاكاذيب التي يسوقها البرنامج.
ان الصحافة والاعلام يأبيان ان يكونا جزءا من هذا الجدل ، وهذا الهوس ،  لذلك لابد للمؤسسات الصحفية ومنظمات المجتمع المدني ان تسعى لايقاف هذا البرنامج بصفته مثيرا للكراهية بين ابناء البشر .. وذلك من خلال جمع عشرة ملايين توقيع وتقديمها الى المنظمة العالمية لحقوق الانسان والاتحاد العالمي للصحافة وغيرها من المنظمات الفاعلة .. لتأخذ دورها في ازالة هذه الادران من جسد الصحافة الطاهر .

أحدث المقالات