تصريح مسعود البارزاني اثناء تواجده في الولايات المتحدة الاميركية بحتمية انشاء دولة كوردية وانفصاله عن العراق كان ذلك بدافع وتحريض من اميركا بالرغم مما طرحه الرئيس الاميركي باراك اوباما بأن العراق ينبغي ان يبقى موحداً . هذا الكلام في هذا الموضوع له معانٍ كثيرة سلبية وايجابية لمن يتداوله مرهوناً بزمن التداول والحال السياسي المعاش في المحيط العراقي والمنطقة , مسعود البارزاني يستغل ذلك بأستمرار لأستناده على امور كثيرة , منها استخدام هذا الموضوع للتسويق داخل اقليم كوردستان خاصة بعد الرسالة التي وجهها رئيس الاقليم الى الاطراف الكوردية واتهم فيها بعضهم لمحاولة زعزعة الامن وشق الاقليم من الداخل قبل سفره الى واشنطن . يحاول مسعود البارزاني استخدام هذه الورقة في اتجاهين . . .
الاول من المعروف ان هناك تركيز عنصري على الصعيد القومي داخل الاقليم فأستخدام هذه الورقة من قبله سيعزز ويزيد من رصيده في داخل الاقليم , وهذه الحالة مستخدمة منذ زمن بعيد زمن ملا مصطفى البارزاني والد مسعود لغرض تعزيز وتقوية نفوذه العائلي والعشائري , وتتوالى وتتوارث هذه المسائل لحد الآن , حالة مصلحة عائلية مربحة
والثاني في ضل الخلاف العربي الكوردي مع حكومة المركز والذي لم يحسم بعد , تبدو توافقية وانها قطعت شوطاً لكن لا تزال هناك الكثير من الملفات العالقة , فالتلويح بورقة الانفصال هي حالة مكملة لجهده السياسي ازاء حكومة المركز والسعي الى المزيد من الكسب السياسي والمادي او على الاقل الحفاض على مايستحصلونه وما يتمتعون به . هذا الحال لا ينم عن حالة وطنية عراقية بل عكس ذلك , يعرف مسعود وغيره من السياسين اكراد وعرب إن موضوع الانفصال وانشاء الدولة الكردية يعني خسارة فادحة وكبيرة للشعب الكردي في العراق وغيره من البلدان بل يعني ذلك كارثة كبيره لأكراد العراق تأتيهم من جهات مختلفة محلية وخارجية بعد ما تمتعوا بحياة مستقرة يحسدون عليها . حالة الانفصال لا تتوافق مع منظور اغلب الساسة الكرد الفاعلين مثل جلال الطلباني ومن هم بمستواه . صرّح ذات مرة عندما كان بمنصب رئيس جمهورية العراق إن موضوع الدولة الكردية المستقلة باقٍ فقط في القصة والشعر والرواية . حالة الانفصال من المستحيل ان يقررها ويحكمها مسعود البارازاني وسياسي الكورد العراقيين . قدّم النظام العراقي قبل الاحتلال منجزات للأكراد يحلم بها اكراد ايران وتركيا , في عام 79 كنت في اسطنول تركيا التقيت بعدد من اكراد تركيا سألوني هل صحيح ان اكراد العراق يتكلمون اللغة الكردية بدون معارضة الحكومة , في تركيا ممنوع الكلام باللغة الكوردية ويعتبرون الكوردي ( تركي جبل ) وهل صحيح ان الحكومة وزعت اجهزة التلفاز على العوائل الكوردية ومسموح لهم بمشاهدة التلفزيون , الحكومة العراقية قبل الاحتلال نفذت ذلك في المحافظات الشمالية كما في محافظات الجنوب مناطق الاهوار سيّرت الكهرباء الى كل( الصرايف ) بيوت من القصب . كانت منجزات النظام قبل الاحتلال للأكراد العراقيين أشياء يحلم بها اكراد ايران وتركيا ( قانون الحكم الذاتي ) . حقيقة هناك اخطاء ادت الى اذية الشعب الكوردي تتحملها الحكومات العراقية المتعاقبة والقيادات الكوردية على مر التاريخ , كان بالامكان للقيادات الكوردية التفاهم مع الحكومات العراقية وعدم عصيانها حفاضاً على سلامة الشعب الكوردي ومصالحه لكن هذه القيادات وبدافع التسلط والكسب المادي والانانية تتناقض مع الحكومات للحصول على مآربها من مصادر خارجية وداخلية كانت تروم اذية الشعب العراقي بشكل عام .
كلام مسعود البارزاني اليوم في اميركا يذكرنا بتاريخ القيادات الكوردية المجحف بحق الشعب الكوردي والوطنية العراقية , عموماً لو تحقق ما يدعو اليه مسعود ستقع الكارثة على رأس الشعب الكوردي . ستدخل هذه الدولة بحروب مع كل من ايران وتركيا والعراق ومن المحتمل سوريا على مدى عقود ولن يبقى شيء عامر في هذه الدولة وسيعم الخراب والفساد في كل مفاصلها .
أميركا من جانبها تحرّض اعلامياً على هذه الاسطوانة المشروخة والمعادة , لتكسب عدة امور من ورائها , تجاه من تحاول الضغط عليهم واستخدام هذا الموضوع كورقة تهدد بها اطراف معلومة مثل ايران و تركيا والعراق وسوريا .
ايران تخشى ذلك بشكل كبير فهناك اتباع ( قاسملو ) قائد الحركة الكوردية الايرانية الذي اغتالته ايران , المتحفزين لأعلان الثورة .
وتركيا ايضاً جماعة ( عبدالله اوجلان ) حزب العمال الكوردي وبقية الاحزاب ينتظرون ذلك بفارغ الصبر , عموماً الحكومات المعنية بهذا الموضوع تخشى من استخدام وتنفيذ هذه الورقة .
اميركا واسرائيل قادرتان اليوم على تنفيذ وانشاء دولة الكورد في العراق وبالتالي اغراق المنطقة بدوامة من الصراع وادخالهم في متاهة لا مخرج لها قد تستمر لعقود من السنين , تستنزف معظم موارد ومدخولات هذه الدول وتعيق وتعرقل التنمية فيها وتستنزف بَشَرُها وتخرّب اقتصادها .
اميركا واسرائيل من مصلحتيهما أن تكون المنطقة على هذا الحال فحواها وفلسفتها تتركز على خلق المشاكل في المناطق المراد السيطرة عليها , اعلان الدولة الكوردية ان تحقق سيكون المطلوب كهدف مقرر سلفاً لها بغية السيطرة والاستحواذ على خيرات هذه الدول وجعلها سوق رائجة للسلاح الاميركي الاسرائيلي واعاقة تطورها هذا ما يصبون اليه .
على السياسين الكورد ان يفهموا هذا ويعقلوه وعليهم قبل كل شيء الحفاض على شعبهم ووطنهم ظمن اطار العراق الواحد كي لا يخسروا كل شيء ويجعلون الشعب الكوردي العراقي وقود لحروب ومشاكل لا تبقي ولا تذر .