23 ديسمبر، 2024 4:54 ص

صراع الارادات تحت شعار الإصلاحات

صراع الارادات تحت شعار الإصلاحات

لن تسكت القوى السياسية وخصوصا أحزاب السلطة المهيمنة على المشهد الساسيالعراقي على مسار التغيير الجزئي، المتمثل بتقديم رئيس الوزراء العراقيأسماء تشكيلته الحكومية الجديدة الى رئيس البرلمان العراقي، مسار لا يبدوانه يعبر عن تغيير حقيقي بقدر ما يمثل تغييرا سطحيا وشكليا ومحاولةلاحتواء ردود الفعل ومطالب الإصلاح الجماهيرية ودعوات المرجعية الدينية،بعد ان وصل قطار العملية السياسية في العراق الى طريق مسدود وحائط مغلق،بات معه التغير ضرورة حتمية وحاجة أساسية بحكم المتغيرات الداخليةومعطيات الواقع المتردي، ليس على المستوى السياسي فقط بل الأمني والعسكريوالاقتصادي الذي ترك تداعياته على الأوضاع الاجتماعية بأصعدتها المتعددة،يتزامن مع متغيرات الوضع الإقليمي الذي يبدو انه يتجه نحو إيجاد حلوللمعضلات المنطقة واطفاء لحرائقها وفتح مخارج لمضائقها، من اجل انهاءحروبها ليس في العراق فقط بل حتى في سوريا واليمن المقبلان على تشكيلحكومات جديدة، بعد وصول القوى الدولية وخاصة اميركا وروسيا الى قناعةبضرورة تسكين ملفات المنطقة وتبريد ساحاتها الملتهبة، وفي تمظهر متتابعلتداعيات توقيع الاتفاق النووي الإيراني الغربي.
لن ترضخ هذه القوى المتحكمة بالمشهد السياسي العراقي منذ سنوات طويلةبعد ان رسخت وجودها بطرق غير شرعية اكثر من طرق الشرعية وهي مهددة اليومبخسران الكثير من امتيازاتها ونفوذها وحضورها بما يؤثر تأثيرا مباشرا علىمستقبلها السياسي وبالتالي لن تنصاع بسهولة لرغبات رئيس الوزراء ولن تصوتبالضرورة على كابينته الوزارية الجديدة التي قدمها في ورقة مغلقة لرئيسالبرلمان العراقي مؤخرا.
ما يجري هو مخاض تشكيل حكومة جديدة وهو امر حتمي لن يتمكن احد من منعه اوالوقوف حجر عثرة امامه لذلك تخوض هذه القوى معركة صراع الارادات ورسمالنفوذ وادامة التأثير ومواصلة الحضور الفاعل في مسارات المشهد العراقيمرة بطرح المبادرات والبحث عن مخارج توافقية وخلق تحالفات طارئة لتقويةالمواقف وتحصيل الأغلبية البرلمانية التي تمنع تمرير صيغة حكومية تتعارضمع مصالحها وتهدد نفوذها مرة بممارسة الضغوط المباشرة او غير المباشرةعلى رئيس الوزراء او على بعض المرشحين للكابينة الحكومية الجديدة اواثارة ملفات فساد.
لذلك كثرت المبادرات وتضاعفت الضغوط وتنوعت المسارات والغرض إطالة الحياةالسياسية وادامة والوجود لقوى وأحزاب ما عادت تنفع معها أي ” صيانة ” اوإعادة انتاج او تسويق حضور في ظل واقع سياسي بائس بفعل ممارستهم البائسةالتي مثلت أبرز العلامات الفارقة في التجربة العراقية بعد المشاكلالبنيوية في جسدها بفعل التخطيط الأميركي.
الجماهير العراقية تتمنى تحقيق اصلاح حقيقي شامل لا يبدو انه بتناول اليدبحسب الظروف الموضوعية والمعطيات الواقعية وهي ستقنع كما يبدو بعمليةاصلاح جزئي يبدو انها أيضا بعيدة المنال حاليا مع تداخل المصالح الحزبيةوتشابك الارادات الإقليمية وصراع المحاور الدولية وبقاء التحديات الأمنيةوالاقتصادية في زمن تداخل فيه المحلي بالإقليمي بالدولي وفي منطقة يرادان ترسم فيها الخرائط ويعاد توزيع النفوذ من جديد.