23 ديسمبر، 2024 1:06 ص

1 ـــ شعوب العالم, لا تستطيع الفكاك من تشابك المصالح مع محيطها, الجيل الجديد فيها, يفتح الآن ثغرة هائلة في جدار انظمتها, قد لا يغير ألأمر كثيراً في شكلها, لكن التفاعلات من داخلها تعيد صقلها الى حاضر يتجدد, عن ماض راكد ومستقبل متحرك, داخل المضمون صراعات, تشطره على مهل واحياناً قفزات صادمة, الى جيل لا يصلح الا ان يكون ماض, وآخر يتشكل منه حاضر لمستقبل قادم, وداخل كل جديد يتشكل نقيضه, هكذا تكتب المجتمعات الحية تاريخها, الغيبيون وبقدر ما يضيق افقهم, يلجأون الى ألتزوير المدمر للحقائق التاريخية, جيل الأنترنت وفرت له ثورة الأتصالات, مصادر تكفيه للحصول على المعلومة التاريخية من مصادرها, ولم يعد بحاجة لأخذها من الجد والجدة, وما ينقلوه من هرطقات شيوخ المذاهب والعشائر, الطفل ومنذ الصفوف الأبتدائية, يمكنه السفر بعيداً في عالم الأنترنت, ليلتقي ويبني علاقات مع الأخرين, من مختلف الحضارات والثقافات والأديان والتقاليد, يحاورهم يتبادل معهم المعارف والقناعات, فتترسخ في وعيه المباديء الأنسانية, ويصبح قادراً على اعادة تهذيب, مواقفه الوطنية والقومية, فتتغير في وجدانه الكثير من ترسبات الأراء والمفاهيم القديمة.

2 ـــ العراق لا يمكنه ان يحاصر نفسه داخل جدار العزلة, قومية كانت او دينية او مذاهبية, الجيل الجديد المنفتح على الحقائق الكونية, لا يمكنه ان يبقى مختنقاً, بشرائع الموتى وعقائد التخلف, والعالم من حوله يتغير ويتقدم, في هذه الحالة سيصبح ماض, لا تجد فيه الحياة ما ينفع, فتتركه خارج الخدمة وتتقدم, جيل الولائيين الذي تتشكل منه حكومات الأعاقة والتخلف, هم اشبه بالديدان التي تنشأ من الأجساد الميته, هكذا يقتلون شعوبهم لياكلوها, الجيل الجديد لا يمكنه ان يهضم, الواقع المر للجيل الذي سبقه, ولا يقبل ان يكون امتداد له, او جزءً من تراثه الزائف وثقافته الماضوية, وهنا تصبح المواجهة, حتمية لا مفر منها, هذا الذي نشاهدة في ساحات التحرير, في محافظات الجنوب والوسط العراقي, صدامات بين الحياة والعدم, الحياة يمثلها جيل الحوار والرفض والتظاهر السلمي, وجيل العدم ملثماً بباطل النفس الأخير, يحاور من فوهة البندقة, ويفرض وصايته بالذخيرة الحية.

3 ـــ اغلب مثقفي وسياسيي الجيل القديم, مصابين بأنانية الأحباط, ولكثرة ما يكررون, يحفظون ما سيكتبونه عن ظهر قلب, لا يتغيرون ولا يتفاعلون مع وعي الجيل الجديد, ينقلون سلبيتهم الى مواجهات عبثية, مع المتغيرات النوعية, التي يحدثها الحراك الشبابي, في صميم الوعي المجمعي, يرافق ردود افعالهم, مسحة من الغرور والتشفي, وانفعالات مشحونة بالأتهامات الرخيصة والتسقيط, والتخوين احياناً ليصبح سلوكهم مضحكاً, وهم يتهمون (دماء) شهداء ثورة الأول من تشرين ــ واعمارهم بين الثالثة عشر والعشرين ــ بالعمالة لأمريكا واسرائيل والسعودية والبعث!!, مثل هذا السلوك, يدفع الجيل القديم, الى الأنحياز الأعمى لقوى الردة, ولم تستفز ضمائرهم المجازر التي, يرتكبها “بلطچية” البيت الشيعي, سلوك يشكل احياناً, احط المستويات الأعلامية, فأصبحت مقالات وتحليلات بعضهم, بالنسبة للمتلقي (حصرم) يصعب هضمه, وكأنهم يكتبون لأنفسهم او بعضهم, في حوارات الأحتيال على الوقت.

4 ـــ ما يحدث في الجنوب والوسط, ثورة شبابية لطفولة وعي قد تجاوز عمره, فأصبح معجزة عراقية بأمتياز, جعلت الواقع يتمرد على نفسه, في حالة تغيير مستدامة, ثورة لن تأكل ابنائها, لأنها في الأساس, ترفض الأرث الدموي الثقيل, الذي تركته الأحزاب الأسلامية والقومية, وترفض التاريخ المؤدلج, لعقائد الألغاء وشرعنة الأجتثاث, ولا غرابة ان نسمع, صدى ثورة الأول من تشرين في الجنوب والوسط, تهتف به حناجر الشباب, في المحافظات الشمالية والغربية, ومهما كانت شراسة النفس الأخير لقوى الأعاقة, فللضرورة والحتمية احكامها النافذة على الواقع الوطني, ومهما تعددت وتوافقت, قوى التدخل في الشأن العراقي, فسخونة ثورة الأرض والأنسان, ستصهر جميع تلك القوى الشريرة, على واقع يتوحد فيه الوعي والأرادة, لكافة شباب المكونات التاريخية للمجتمع العراقي, انها ثورة الحق التي يخشاها باطل الأخرين, والظلم لا يدمر في النهاية الا نفسه.