23 ديسمبر، 2024 6:32 ص

مبادرات الحل في البلاد    … تطفيء الرماد وتوقد الجمر
في وقت مبكر من عام 2004 وكانت الفوضى في البلاد بدأت تتلاشى تدريجياً بعد كارثة السلب والنهب والحرق التي طالت كل مؤسسات الدولة العراقية ، وعم هدوء محفوف بالمخاطر اجواء العراق قبل تشكيل ما سمي في حينه ( مجلس الحكم العراقي ) الذي تحول الى بؤرة لخلق الفتنة في العراق ، واسس لبداية التقسيم الخطيرة على اساسي النسب السكانية الطائفية والعنصرية التي ما زالت تتصاعد الى يومنا هذا معززة بالدستورالذي وضع الدولة العراقية في عنق زجاجة ضيق جداً ، وبدء صفحة التكالب على السلطة طائفيا وعنصرياً بعد ان انجز مجلس الحكم حفر خنادقها .

 في ذلك الوقت نبهت الجهة الطائفية ذات الاغلبية العددية من مخاطر هذا التوجه الاخطر على الاطلاق بما فيه خطر الاحتلال , وفي حوار حصل بيني وبين مسؤول احد الاحزاب التي جائت متسلحة بالطائفية ، وهو من اقاربي ، تحدث لي عن استعدادهم لاستلام الحكم في العراق على الاغلبية . فقلت له نعم بطريقة الاغلبية الطائفية ستأخذون الحكم ، ولكن هل ستكونون قادرين ان تحكموا البلاد ؟ اشك في ذلك . . رفض وجهة نظري بدون ان يطلب اي توضيحاً مني لهذا الرأي !! ولكنني قررت ان اوضحه له بلا ان يطلبه ، وشعرت حينها انه عرف ما اعني ، ولكنه لا يريد الخوض في ذلك .
قلت له اخي استاذ علي ، لو انكم تعتمدون الاغلبية السياسية في ادارة الحكم سيوكون الامر طبيعي وديمقراطي ، ويكون التداول السلمي للسلطة تلقائياً وديمقراطيا ، ولكن ان تحكم الاغلبية الطائفية فأن هذا يعني ان هذه الاغلبية ستبقى في الحكم الى يوم يبعثون .. وهذا يعني ايضاً ان الاقلية الطائفية ستبقى في المعارضة الى ان يرث الله الارض وما عليها . وهذه ليست ديمقراطية ، وسيرفضها الاخر ، وهذا الرفض سيخلق مشاكل وتعقيدات كبيرة وواسعة وستكون نتائجها سيئة على العراق ، كل العراق . وبعدها سيتعمق هذا الشقاق ، وستنزف دماء وبالتالي يصعب معالجة الامر ، لان الاخر لن يسمح لك ان تحكم . .
اليوم نحن نحصد ما جنيناه  على انفسنا وعلى بلادنا..  كوارث تتلوها كوارث . فقد زهقت ملايين الارواح البريئة ، وهدمت على رؤوس اهلها الآمنين عشرات الاف المنازل ، وتعطلت ماكنة الحياة في البلاد ، وفرت ملايين البشر تائهة على ارصفة الدول ، ونهبت وسلبت اغلب ثروات وطني ، وصارت ساحتنا مرتعاً لكل من هب ودب من مخابرات العالم اصغرها واكبرها تعبث في مصيرالوطن .

 وبعد عقد ونيف من عمر الزمن لم يحظى العراق بفرصة لظهور رجل دولة يعرف مسؤولياته الوطنية ، وكيف يؤدي واجباته
ثم حلت بنا الكارثة الكبرى ..
فبعد تطور الاحداث الجسام ، وتطور عمليات رفض الاخر بدأت عصابات داعش تظهر بكل قذارتها لتكون استخلاصاً ونتاجاً طبيعياً لسوء ادارة الدولة بطريقة طائفية قذرة لتعبث بالوطن بطريقة لم يشهد لها تاريخ العراق مثيلاً . .
نعم .. عصابات داعش اليوم هي خطر حقيقي يحمل من السموم ما يعادل سموم كل عقارب وافاعي الكون وهي جرس انذار اخير للعملية السياسية منذ عام 2003 الى هذا العام ، فهل عرفنا كيف نلقح بلادنا وانفسنا ضد لدغات هذه العقارب وتلك الافاعي ؟
لا ، ما عرفنا ، ولن نعرف .
ما عرفنا لاننا ليس في جعبتنا سوى القوة الباطشة التي تبيدهم هنا ، فيظهرون اكثرعددا ، واخطر حجماً في منطقة اخرى ، وكلما يزدادون تنظيماً نزداد فوضى في ممارسة القوة .
ان القوة حينما تكون فقط باستخدام السلاح ستكون قوة احادية الجانب ، ما لم يكون العقل سيدها ، في السيف ليس بحد نصله ، انما باليد التي تحمله ، واليد ليس بقوة عضلاتها ، بل بالعقل الذي يوجهها . وقديماً قالوا ان الفكرة لوحدها قادرة ان تهزم جيوشاً جرارة…. .

ان العاقل لايذهب الى ميدان الحرب قبل ان يضمن العمق الذي يحميه ويمده بمقومات القوة ، ومقومات القوة تنطلق اولاً من قوة وحدة المجتمع الذي يشكل المعين الذي لاينضب في ادامة زخم المعارك . .
اذن علينا ان نحصل على نتيجة للمسألة التي تقول : القوة المسلحة + وحدة الشعب + حياة مستقرة = نصر عسكري . فأذا كانت القوة المسلحة غير منضبطة + وحدة شعب مفككة + حياة متوقفة بالتاكيد ستساوي فشل ، وفشل كبير ، وفي كل شيء ، وفي نهاية المطاف نفقد الوطن فنظيع جميعنا …