22 ديسمبر، 2024 8:09 م

ارتبطت مع احدهم بموعد غريب اذ اتفق معي على انه سيتصل بي تلفونيا خلال ساعة ويحدد المكان والزمان الذي التقيه به فساقتني الاقدار للجلوس في مقهى تطل على الشارع العام وقربها بعض الحانات التي يرتادها الفقراء مما يجعل مرور المخمورين بين لحظة واخرى امر وارد وكان ظهر يوم جمعة وقبل ارتشاف اخر ما تبقى في قدح الشاي جلس بجانبي احدهم وكان اربعينيا معروق الجسم والوجه بنظرات شارده ووعي مشكوك بوجوده لكنه رمي علي التحية بيده اليسرى فلاحظت بيمناه زجاجة فيها القليل من شراب اهل الجنة ولمارددت عليه سألني : هل انت شيوعي ؟ . اجبت بالنفي . اردف هل انت اسلامي ؟ نفيت ايضا ارتفع صوته واختلفت نبرته وقال ( لعد انت من ياهو ؟) . اجبت كتلميذ شاطر : انا من السواد الاعظم . هز يده وضحك سخرية وقال ( اهو من حطب التفجيرات الساكتين ) قلت : نعم احسنت . هنا قال بلهجة آمرة ( اطلبلي جاي ) قلت على الرحب والسعة . شرب شايه وهو يدقق بملامحي مثل انضباط يقرأ بدفتر خدمة مشكوك فيه ثم رفع سبابته والوسطى بوجهي وسألني : اذا انت لاشيوعي وتروح تكعد بواحد من هاي البارات ولا اسلامي وشايل سجادتك ورايح للصلاة شنو انت بوذي لو متيه المشيتين ؟ اردت الاجابة فوضع سبابته على ارنبة انفه محذرا كما يحذر الاباء اطفالهم وقال ( اش ولاكلام ) سكت منتظرا اما التلفون ليخلصني من تنظيراته او هو يطلع الدرة ويريح ويستريح لكن الرجل انشغل بالبحث عن سيجارة لايتذكر وضعها في اي جيب من سترته الممزقة مما جعلني اشفق عليه واريحه من دوامة البحث عنها بواحدة من سجائري واشعلتها له وبعد ان اخذ نفسا عميقا منها وراقب الدخان وهو يتلاشى في الهواء التفت لي وقال : اسمع اخي تره الخلل مو بالحكومة ولا حتى بالارهاب ولاتتصورون او تحلمون اذا حكموكم الشيوعيين والعلمانيين والقوميين والعروبيين راح يكونون افضل من الاسلاميين .. ابدا كلهم نفس الشي فقط تختلف طرقهم بالكذب وادارة الحكم واستغلال الموارد الخلل بيكم ياشعب لك بابا انتم حتى مو مثل الشعوب لا انتم شعب سكير مثل الاسكتلنديين حتى الحكومة تخاف عربدتكم ولا انتم مسلمين صدك حتى الله يوكف وياكم ولا انتم بوذيين حتى يجبولكم بوذي مثلكم ولا انتم غجر مثل الايطاليين حتى الحاكم يستحي منكم .. والله ما اعرف انتم شنو من شعب ويارب تعبدون ووصاكم تصيرون ساكتين مثل الغنم لا وفوكاها مضيعين كل المشيات مو بس مشيتين , بعد رفع الزجاجة التي كانت في يده وافرغ ماتبقى فيها داخل جوفه ونهض ووضع القنينة على الطاولة وقال : شعب يستاهل اليصير بيه يطبه مرض وسار على الرصيف مبعتدا وهو يترنح .