تُعدّ الصّداقة من أجمل الأشياء في هذا الوجود، فعندما تحصل على صديق حاول دائماً أن لا تخسره, لأنّ الصّداقة في أيّامنا هذه لا تعني الكثير عند البعض ، عن النّبي (ص) قال{ إنَّما مثلُ الجليسِ الصَّالحِ والجليسِ السُّوءِ، كحاملِ المِسكِ ونافخِ الكيرِ. فحاملُ المسكِ، إمَّا أن يُحذِيَك، وإمَّا أن تَبتاعَ منه، وإمَّا أن تجِدَ منه ريحًا طيِّبةً. ونافخُ الكيرِ، إمَّا أن يحرِقَ ثيابَك، وإمَّا أن تجِدَ ريحًا خبيثةً } وعن سيد الألم الإمام علي (ع) {صحبة ألاخيار تكسب الخير كالريح إذا مرت بالطيب حملت طيباً }الحثّ على اختيار الصّديق الصالح، ديناً وخلقاً,والتّحذير من صديق السّوء, لما يجرّه على صديقه من مضرّة في الدّنيا والآخر, ويجب أن يكون الصّديق مخلصاً في المودّة والنّصح للصديق في الخطأ والزّلة، وإرشاده إلى محاسن الشّيم، وانتشاله من رديء العادات، ومعرفة حقّ الصّداقة معه في حال كان معسراً أو فقيراً، كما في حال كان غينّاً وميسور الحال، ومساعدته ومعاونته على الخروج من أزمات الأمور، وشديد الأحوال، ومواساته وتعزيته في أشجانه وأحزانه، وذكر محاسنه ونشر فضائله، والعفو عن زلاته، وستر هفواته، والمحافظة على أسراره,وإذا أسعدك الله بوجود صديق حقيقي لك، فحافظ عليه، وأوثق رابطتك به، ولا تجعله يشتكي منك، وإذا فرّق الموت بينكما فلا تجزع، وطمّن قلبك بأنّك ستلقاه في الوطن الجميل الذي أعد لكل الأحبة بعد فراقهم ، ولا تتعجّل في مصادقة كلّ من أظهر لك الودّ، ولا في بغض من توهّمت عداوته فتعاديه، واصطف من الإخوان والأصدقاء صاحب الدّين المتين، وصاحب الحسب، والأدب، ليكون ركناً حصيناً في نائبتك، وأُنساً في وحشتك، وزينةً عند عافيتك، وعليك بالتّودد لأصدقائك، لأنّ المودّة روح حياة الصّحبة والصّداقة. فتعبيراً عن الصداقة أنها كلمة صغيرة في حجمها، ولكنّها كبيرة في مدلولها، وفي معناها، ومضمونها، وهي أجمل شيء في الوجود، وهي أيضاً علاقة إنسانيّة راقية، وهي تعبير عن صلة بشرية رائعة، وروعة من روائع التّكامل والتّرابط بين البشر، وهي أيضاً جوهر الإنسان، وهي رابطة نفسيّة قويّة بين شخصين، وتعتبر صفقةً تجاريّةً تتمّ بين طرفين متفاهمين، ويكون عربونها المحبّة، والتّعاون، والإخلاص، والثّقة المتبادلة بين الطرفين,وإنّ الصّداقة لا تقدّر بثمن، ولا تقاس بأيّ مقياس، ولا
توزن بأيّ مكيال، لأنّها أكبر من هذه الأشياء كلها، وإنّ المرء لا يستطيع أن يعيش منفرداً، وفي عزلة عن الآخرين، بل يحتاج إلى مساعدة الصّديق ليقف إلى جانبه، وشرّ صنوف الفقر فقر الصّديق، وعلى الإنسان أن يتمهّل عند اختيار صديقه، وأن يختاره بالعقل السّليم، والمنطق، والفهم الدّقيق, أهمية الصداقة تكمن بأنها قيمة إنسانيّة، وأخلاقيّة، ودينيّة عظيمة، وسامية المعاني والجمال، كبيرة الشّأن، وبها تسمو الحياة وترتقي،والصّديق هو من صدّقك، وكان عدوّ عدوّك,والصّداقة علاقة وثيقة بين شخصين أو أكثر،وهي علاقة متبادلة، وانسجام كامل في المشاعر والأحاسيس، وهي بالغة الأهميّة في استقرار الفرد وتطوّر المجتمع, ولأنّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليكون كائناً اجتماعيّاً، لا يقدر العيش بمفرده، بل يتفاعل مع من حوله إيجابيّاً، ليشكّل المجتمع المتكامل. والصّداقة السّيئة تنتهي بسرعة كانتهاء فقاعة الماء أو الصّابون، وعلى عكسها تكون الصّداقة الجيّدة فهي تجعل الحياة جميلةً لأنّها تخدم الرّوح، والجسد، والعقل, فعلينا اكتساب الأصدقاء، والعمل على المحافظة عليهم. والمعروف أنّ افتقاد الصّداقات والعلاقات مع النّاس والأصدقاء يولد الاكتئاب، والمرض، والتّوتر النفسيّ، والكثير من المشاكل الصحيّة والنفسيّة، وأنّ الجلوس منفرداً هي عقوبة جسميّة ونفسيّة قاسية، وفي الأمثال والأقوال يقال:” الصّديق والرّفيق قبل الطريق “، وقول الشّاعر: (صديقي من يقاسمني همومي ويرمي بالعداوة من رماني ,ويحفظني إذا ما غبت عنـه ,وأرجـوه لنائبـة الزّمـان) ما أجمل الصّداقة وما أحسن الحياة مع الأصدقاء، وما أتعس الحياة بلا صداقة صادقة ,فقد اشتقّت الصّداقة من الصدق، فكلّ واحد من الصّديقين عليه أن يصدق في حبّه لأخيه وإخلاصه له, والصّداقة مشاركة في السّراء والضرّاء، وبذل وعطاء. فالصّديق الحقّ هو الذي يكون بجوار صديقه في وقت الشّدة، ولا يتخلى عنه حين يحتاج إليه,ولا يصلح كلّ إنسان ليكون صديقاً، لذا يجب علينا أن نحسن اختيار الصّديق، لأنّ الصّديق مرآة لصديقه، فيجب علينا اختيار الصّديق المتأدّب بالأخلاق، والملتزم بالسّلوك الحسن والجميل، لأنّنا إذا لم نحسن اختيار الصّديق انقلبت الصّداقة إلى عداوة. وقديماً قالوا:” قل لي من صديقك، أقل لك من أنت “، وهذه قصة جميلة عن الصّداقة، اختتم بها الموضوع، فقد روي أنّ صديقين كانا يسيران في الصّحراء يومين كاملين، حتّى بلغ بهما العطش، والتّعب، واليأس مبلغاً شديداً, وبعد جدال واحتدام حول أفضل الطرق للوصول إلى الأمان والماء صفع أحدهما الآخر، ولم
يفعل المصفوع أكثر من أن كتب على الرمل تجادلت اليوم مع صديقي، فصفعني على وجهي,ثمّ واصلا السّير إلى أن بلغا عيناً من الماء، فشربا منها حتى ارتويا، ونزلا للسباحة، لكنّ الصّديق الذي تلقّى الصّفعة لم يكن يجيد السّباحة، فأوشك على الغرق، فبادر الآخر إلى إنقاذه، وبعد أن استردّ الموشك على الغرق – وهو نفسه الذي تلقّى الصّفعة – أنفاسه، أخرج من جيبه سكيناً صغيرةً، ونقش على صخرة:” اليوم أنقذ صديقي حياتي “. هنا بادره الصّديق الذي قام بالصّفع والإنقاذ بالسّؤال، فقال: لماذا كتبت صفعتي لك على الرّمل، ولإنقاذي لحياتك على الصّخرة؟ فكانت إجابته: لأنّني رأيت في الصّفعة حدثاً عابراً، وسجّلتها على الرّمل لتذروها الرّياح بسرعة، أمّا إنقاذك لي فعمل كبير وأصيل، وأريد له أن يستعصي على المحو، فكتبته على الصّخر!. تعبير عن شروط الصداقة هناك شروط للصّداقة والعلاقات المثالية، والتي تصلح لكلّ عصر وزمان، وتستمرّ بل تدوم، ومنها أن تكون الصّداقة والأخوة واحدة، فقد قالوا قديماً:” قل لي من صديقك، أقل لك من أنت “، وأن نختار أصدقاءً راجحي العقل، وأن يعمل الصّديق على أن يستر العيوب، ولا يعمل على بثّها، وأن يكون ناصحاً لصديقه، ويقبل نصيحة الآخرين، وأن يتحلى بالصّبر، ويسأل عن صديقه إن غاب عنه، ويعوده في مرضه، ويشاركه في فرحه، وينشر محاسن صديقه، وأن لا يكثر اللوم والعتاب، ويقبل اعتذار صديقه، وينسى زلاته وهفواته، ويقضي حوائجه، وأن يشجّعه دائماً على العمل، والنّجاح، والتّفوق، والتّحلي بمكارم الأخلاق والقيم، لتكون الصّداقة دائمةً، وقويّةً، وراسخةً، لا تهزّها أوّل مشكلة أو تدخّلات ماديّة. لذلك علينا أن نعلم أولادنا الصّدق، الإخلاص، ونبل التّفاعل الاجتماعيّ، وطريقة اختيار الأصدقاء، لأنّ تأثير الأصدقاء كبير على بعضهم البعض، فمنهم الجيّد ومنهم السيّئ، والصّداقة تعدّ قضيّةً مهمّةً في حياة النّاس، لأنّ النّاس تتأثّر ببعضها البعض سلباً وإيجاباً، وهنا ندخل في مبدأ حسن اختيار الصّديق، ومعرفته، وطريق العلاقة معه، والحفاظ عليه لتكون الصّداقة مستقرّةً. كما أنّ علينا أن نجد بعض النّقاط والقواسم المشتركة مع النّاس، وذلك حتّى نعيش مع الآخرين، والتّفاعل معها كذلك، وبناء العلاقات عليها، والابتعاد عن نقاط الخلاف والتّفرقة، وإنّ نجاح الحياة يتطلب وجود العلاقات الاجتماعيّة والرّوابط المتنوعة، والأهمّ من ذلك أن يقبل كلّ واحد الطرف الآخر كما هو ويحترمه.
يقولون هنالك عدة طرق لمعرفة لصديق الحقيقي .
منها: الصّديق الحقيقي: هو الذي يظنّ بك الظنّ الحسن، وإذا أخطأت في حقّه يلتمس العذر لك، ويقول في نفسه لعله لم يقصد .
الصّديق الحقيقي: هو الذي يرعاك في مالك، وأهلك، وولدك، وعرضك. الصّديق الحقيقي: هو الذي يكون معك في السّراء والضرّاء، وفي الفرح والحزن، وفي السّعةِ والضّيق، وفي الغنى والفقر.
الصّديق الحقيقي: هو الذي يؤثرك على نفسه، ويتمنّى لك الخير دائماً.
الصّديق الحقيقي: هو الذي ينصحك إذا رأى عيبك، ويشجّعك إذا رأى منك الخير، ويعينك على العمل الصّالح. الصّديق الحقيقي: هو الذي يوسع لك في المجلس، ويسبقك بالسلام إذا لقيك، ويسعى في حاجتك إذا احتجت إليها.
الصّديق الحقيقي: هو الذي يدعي لك بظهر الغيب دون أن تطلب منه ذلك. الصّديق الحقيقي: هو الذي يحبّك بالله وفي الله، دون مصلحة ماديّة أو معنويّة.
الصّديق الحقيقي: هو الذي يفيدك بعمله، وصلاحه، وأدبه، وأخلاقه. الصّديق الحقيقي: هو الذي يرفع شأنك بين النّاس وتفتخر بصداقته، ولا تخجل من مصاحبته والسّير معه.
الصّديق الحقيقي: هو الذي يفرح إذا احتجت إليه، ويسرع لخدمتك دون مقابل. الصّديق الحقيقي: هو الصّديق الذي تكون معه كما تكون وحدك؛ أي هو الإنسان الذي تعتبره بمثابة النّفس.
الصّديق الحقيقي: هو الذي يقبل عذرك ويسامحك إذا أخطأت، ويسدّ مكانك في غيابك، ويعينك على العمل الصّالح.
الصّديق الحقيقي: هو صديق عزيز، وهو بئر لكلّ أسرارك، تبني معه أقوى جسر لا تهدمه الرّياح مهما كانت قوّتها، شخص يعينك، يبكي لبكائك، ويمسح دموعك، وأخ يساندك ويعاونك، ويحبّك أكثر من نفسه.
وأقول : صديقي غيرته المناصب وكرسي السلطة ومآثره ومفاتن الحياة وزبرجها المضيء ,كان يتحسس آلامنا ومعاناتنا ونوح أمهاتنا بفقدانهن الأحبة ,كان لا ينام ولا يهدأ له بالٍ الا براحة أحبته ,أصبح يفكر بنفسه ليس له أي علاقة بمن يتأمل منه الخير والعون وطلب قضاء حاجته ,جل همه وتفكيره كيف ينمي أمواله ويحافظ على منصبه وبأي وسيلة وطريقة دون أن تكون هنالك ضوابط تكبح جماحه والسيطرة عليها .