اتذكر جيدا ً مؤتمر المعارضة العراقية في لندن، حيث كنت وقتها استمع لأذاعاتي البي بي سي ومونتوكارلو، وهما ينقلان اهم احداث المؤتمر ومخرجاته، وضرورة التشديد على نتائج مؤتمر المعارضة في مصيف صلاح الدين في كوردستان العراق، والتي كانت تسمى وقتها مناطق الحكم الذاتي، وما لاقى المؤتمر -صلاح الدين- من صدى واسع في جميع اطياف المعارضة، وكيف ان الفرقاء اجتمعوا تحت مظلة الكرد، وخصوصاً القطب المعارضة الشيعي، وتقاربه مع القطب الكردي، والحديث عن علاقات ذات جذور عميقة وتمد لعقود من الزمن، حتى باتت المغازلة الشيعية الكردية واضحة في المؤتمر؛ لما عاناه الطرفين من تطهير عرقي وطائفي، وجرائم ارتكبت بحقهم، وحلبچة والمقابر الجماعية خير دليل وشاهد على حجم الالم والمعاناة.
استمر هذا التقارب بعد سقوط الصنم، حتى اصبح الكرد جزء لا يتجزء من العملية السياسية، شاركوا بصورة فاعلة في صياغة الدستور والتصويت عليه، بالاضافة الى الدور الكبير في الجانب التشريعي من خلال تمثليهم في مجلس النواب العراقي، والجانب التنفيذي بترأس العديد من الوزارات والمناصب التنفيذية، فضلا ً عن القيادات العسكرية والمفاصل المهمة في الملف الامني، وعلاواة على ذلك قيام برلمان كردستان وتشكيل حقيبة وزارية خاصة بالاقليم والبيشمرگة، وما الى اخره من المسميات بمختلف الاشكال والصور، وقد وصل الدلال الشيعي الكردي، في احد اجتماعات تشكيل مجلس الحكم والحكومة الانتقالية، ان عرض احد قيادات المكون الشيعي على مسعود برزاني وجلال طالباني الاستقلال، وقيام دولة الكرد والحلم المنشود، الا ان الكرد اكدوا وفي العديد من المناسبات انهم جزء لا يتجزأ من العراق، وحريصين كل الحرص على سلامة العراق وسيادته و وحدته.
ظل الشريك طول الفترة السابقة وفي ضل العراق الجديد متذبذب القرارات، تارة يساند المركز كـلاعب رئيسي، وتارة ينقلب على جميع الاحكام الدستورية، حتى بات شريك غير موثوقاً به، وقد كشر عن انيابه في العديد من المناسبات، وصار واضحاً تقديم مصلحته الخاصة والشخصية على المصلحة العامة والوطنية، من يمعن النظر في تاريخ الكرد السياسي، يجد تقلبات كثيرة في الاطوار، ونقض العهود والمواثيق، والقفز على جميع مبادئ الشراكة، الا ان صدق العمل وحسن النوايا عند اغلب عامة المكون الشيعي، جلعت مبدأ اغفر لأخيك سبع وسبعين مرة حاضرا ً، رغم لوم اللائم، واعتراض المعترض.
الشريك الازلي بات لا يطاق وتجرد من كل سمات الحياء، وشيّم التآخي، ومروءةالشرفاء، واخوة الماء والارض، كنا ولا نزال ننظر لسفوح جبال كردستان بشموخ وعطاء، نستذكر منها الكثير برفقة الجهاد والفداء، حتى امسى الهور حزيناً لجفاء نسيم الشمال، وصمت اجراس ماعز الجبال، ولطالما تراقص القصب والبردي على وقع مياة شلالات الگلي علي بيك، واستلقى بين احضان شقلاوة وعين كاوة.
صمت الاخ الاكبر حلم وحكمة، وليس بضعف، صبرنا طويلا ً وقد نصبر لكن قليلاً، فمراهقة الاخ الاصغر فاقت كل حدود الصبر، وصار لابد ان تُقرص كلتا اذنية حتى يصحو، تمادى كثيراً حتى اضر بنفسه وعياله، ومسؤولية الكبير هي النصح والارشاد، والصفع احياناً، حتى يترك هذا الصفع اثر، وصدى يدوّي بين وديان تلال حمرين، حتى قمة جبل هلكرد، يا رفقاء دربنا احذروا حليم القوم اذا غضب.