كيف احوالك؟ بادرته، اجاب مازلت في المقبرة، اي مقبرة قال دائرتي، ضحكت بتساؤل لما هذا الوصف؟ قال سأشرح لك؛ انا اسكن في غرب بغداد، دائرتي تقع في جنوب بغداد، لدينا خط لنقل الموظفين، عددنا اربع موظفين، و بقدرنا او قريب، تقلهم الخطوط من مناطق اخرى، نخرج من بيوتنا الساعة السادسة صباحا، نعود في احسن الاحوال الساعة الرابعة عصرا، هذا ان رحمتنا الطرق من زحامها، كل مانقوم به، اننا نتناول الافطار، لننتظر صلاة الظهر نؤديها، لنتهيأ للبصمة، بعدها تأتي خطوط النقل لنعود ادراجنا الى البيوت، عملنا مختبري، يمكن ل10%منا القيام به، وخلال ساعة او اثنين في ذروته، تجرى في دائرتنا تجارب كلها بطر، يحصل من خلالها بعض الافراد القاب علمية،من خلال نشر هذه اليحوث في النشريات المختصة، بأمكانات الدولة، دون عائد او منفعه لها. لم اشهد منذ سنوات، اي تجربة عالجت مشكلة او لامست واقع البلد.ماذكرته اعلاه، يعني خسارة اموال كأجور لخطوط النقل التي يتراوح اعلى عدد لراكبيها 7 موظفين، لايمكن دمجها بالنسبة للمناطق القريبة من بعضها، لان هذا يؤدي الى التأخر عن الحضور والبصم، الذي ينتهي عند الثامنة والنصف صباحا، بعد السابعة صباحا. دائرتنا فيها عشرات الدوانم متروكة بور،تصارع الملوحة، حاولنا اقناع المسؤولين على القيام بزراعتها من مالنا الخاص، وبهذا نشغل وقتنا ونساهم في توفير المحاصيل والتخفيف عن الاسواق ومساعدة انفسنا، ونحي الارض. الجواب ان الارض ملك الدولة، ولايحق لنا استخدامها لغير غرضها، اجبنا اذن لتؤهلها الوزارة ونبدا العمل بها، لاتوجد تخصيصات! امنحوها لمستثمر، هناك خطط لذلك ومنذ سنوات، ولانعرف متى تنفذ الخطط؟! اذن الايحق لي ان اسميها”مقبرة”.دائرتنا ومثلها عشرات الدوائر؛ تعني اموال تهدر بلاعائد نقل، اندثار ابنية واثاث والمولدات، زحام بالطرق، هدر في الوقت والجهد بلامقابل.
طرحنا مقترح على المعنيين بأن يتم منحنا درجاتنا الوظيفية وتخصيصنا المالي، لننتقل الى دوائر قريبة من سكننا، او تنسق لنا دائرتنا مع دوائر في وزارات اخرى قريبة من تخصصنا، ننسب لها، او ليكن الدوام 50%، وتمديد وقت البصمة للمناطق البعيدة، لدمج الخطوط، بلاطائل. كل هذا سببه وكيل وزير غبي وبالوكالة،يسابق الزمن ليؤمن مستقبلة، قبل ان يزال، ومدير عام لاابالي. الوزراء الذي تعاقبوا على ادارة الوزارة، طرح احدنا عليه هذه المقترحات، وجه وكيل الوزير بالتنسيق مع المدراء العامون لغرض اعداد دراسة لمعالجة هذه الكارثة، عوقب زميلنا الذي تجرأ بالحديث للوزبر، والدراسة لم تعد والوزير تم ترشيقة! هذا حال الدولة العراقية التي عصبها الدرجات مادون الوزير، وهم بين غبي وبين فاسد وبين غير معني الا بالامتيازات، ميزتهم الوحيدة، الانتماء لحزب الحاكم او مرضي عنه من قبل هذا الحزب. السيد العبادي طرح الاصلاحات تلو الاصلاحات دون ان يعالج من كانت هي الداء،رشق ودمج وزارات بدون برنامج وخطة مسبقة، رفع اليوم شعار التكنوقراط دون ان يعي المشكلة وموطن الخلل.
مشكلتنا مابعد الوزير، مشكلتنا بالرؤية الغائبة التي تضع المصلحة العامة قبل كل شيء، مشكلتنا في قوانين بالية، تعطل اي خطوة للامام، مشكلتنا في اليات وروتين دمر كثير من مقدرات البلد، مشكلتنا في كيفية ادارة الموارد البشرية، التي غصت بها دوائر الدولة، بلا عمل ولا انتاج، مشكلتنا في مسؤول غير مؤهل ينتظر اقالته بأي لحظة، كونه دخيل على المنصب وليس اصيل، عذرت صديقي عندما اسمى دائرته ” المقبرة”، ويأست من اصلاحات اعلامية غايتها التعمية على الحقيقة، وذر الرماد في عيون شعب اصبح ريشة في مهب ريح التصريحات الفارغة، واعلام الشيطان الذي خلط الاوراق، لدرجة يصعب معها تمييز الصالح من الطالح..