23 ديسمبر، 2024 10:06 ص

صدح البعض في مدحكم ظنـــا بكــم أنكــم أهلــه

صدح البعض في مدحكم ظنـــا بكــم أنكــم أهلــه

افة التعالي على الشعب في العراق يمكن معرفتها عن طريق الاطراءات والمزايدات في شبكات التواصل ووسائل الاعلان المختلفة واسوء مثال لهذه الحال هم البعض من السياسيون المتصدرون للمشهد فانهم بسبب فشلهم الذريع في اداء مسؤولياتهم امام الشعب وانشغالهم بمصالحهم الشخصية وسرقة قوت الشعب فانهم يغّطون على فشلهم اما بالمدح او بالذم وبالمخاصمات والجدل العقيم وتبادل الاتهامات من دون ان يحلّوا اي مشكلة .
وهي في الحقيقة تكشف ضحل بعض الوجوه التي تقود الكتل وتسود السياسة العراقية وتكشف عورة هؤلاء وعدم ادراكهم لواقع السياسة وضعف الفهم .وفي كثيرة من الاوقات ينتقل المدح نتيجة الفهم الخاطئ للشجاعة والرجولة والقوة و يولد حب الغضب والتطبع عليه والتباهي بالاتصاف به، فأكثر الجهال عقلاً وفهماً يسمون سرعة الغضب شجاعة ورجولية، وعزة نفس وكبر همة وقدرة على السيطرة. فاستحسنه هؤلاء الجهال خاصة إذا ذكر الأكابر في الدنيا وأنه من أخلاقهم الى ذم ذلك المرض الخُلقي التي تظهر آثاره على الباطن بالحقد والحسد والكراهية، وعلى اللسان بالسب والشتم والقذف، وعلى اليدين بالبطش والانتقام. بحيث يصدر عن صاحبه تخبط في الحركات، واضطراب في الأقوال والقرارات.
ومن هنا يقول القران الكريم:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71].

انّ المدح والذمّ إمّا أن يكونا صادقين فيوقفان الإنسان على حقيقة أمره، أو يكونا كاذبين فيطلعانه على انطباع المجتمع عنه. فكراهة المدح الكاذب تزيده معرفة وتعينه على هداية الناس وموعظتهم، ومحبة الذمّ الصادق تزيده معونة في تغيير سلوكه نحو الأفضل لكي يتعامل بصدق مع المجتمع، فيوفَّق لموعظتهم وإرشادهم؛ فإنّ الأخلاق الفردية الصالحة لها تأثير قويّ على اصلاح الناس وخاصة اذا امتنع عن قبول المدح. والرسول الكريم صلى الله علية واله أنّه قال: “رأس التواضع أن تكره أن تُذكر بالبرّ والتقوى”

مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ المدحُ بالباطلِ، لأنه يغرس في قلب الممدوح العجب والكبر، ويدعوه إلى الخيلاء والفخر، وهو مطية الكذب، وذريعة إلى الباطل نقيض الهجاءِ وهو حُسْنُ الثناءِ، يقال: مَدَحْتُه مِدْحَةً واحدة ومَدَحَه يَمْدَحُه مَدْحاً ومِدْحَةً هذا قول بعضهم، والصحيح أَن المَدْحَ المصدر، والمِدْحَةَ الاسم، والجمع مِدَحٌ، وهو المَدِيحُ، والجمع المَدائحُ والأَماديح الأَخيرة على غير قياس،
(نصح رجل ابنه فقال : يا بني في الحياة عِبَر فاجعل الصدق شعارك ، فنعم الشعار الصدق إنه يرفعك قدراً ، واتخذ الجد رائدك فنعم خلق المرء الجد يفتح لك أبواب الخير ، ولا تسرف في مالك فبئس الصفة الإسراف يوقعك في الفقر ، ويجلب عليك الهوان وأحسن معاشرة الناس فحبذا المعاشرة الحسنة تجمع حولك القلوب ، واجتنب جليس السوء فلا حبذا مصاحبة اللئام تفتح عليك أبواب الشر وتنقل إليك عدواهم ) .

ولكن ليس في كل المدح كذب فهناك من المدح ماهو حقيقي وهو عملٌ مرغوبٌ فيه اذا كان ذِكراً للمحاسنِ الموجودةِ فيهم وقبول الممدوح ، على أن لا يجنحَ إلى المبالغةِ في تضخيمِ وطي المساويء ، ومهما كان الممدوحُ جديراً بالثناءِ ، فإن المبالغةَ في الإطراءِ ضربٌ من الكذبِ الممسوخ و المحرم .
هناك فريقٌ من الناسِ يتخذُ المديح الفارغ بضاعةً يتملقُ بها بعضَ الأغنياء أو الزعماء ، ويصوغُ من الشعرِ القصائد ، ومن النثرِ الخطبَ المرسلةَ فيكيلُ الثناءَ جُزافا ، ويهرُفُ بما لا يعرف … وربما وصف بالعدالةِ من ليشَ أهلاً لها ، ووصفَ بالشجاعةِ من هو بعيدٌ عنها ابتغاءَ عرَضٍ من الدنيا عند هؤلاء وأولئك . ولابد من ان نعطي كل ذي سلعة حقها ،وما كتبت محسوب عليك اما في صالحك او عليك وبعيدا عن الكذب والمجاملات والمدح المزيف والاهم تكون هناك روح صادقاً في المدح .

و قال بعضهم:

و جاهل طال به عنائي

لازمني و ذاك من شقائي

كأنه الأشهر في أسمائي

أخرق ذو بصيرة عمياء

لا يعرف المدح من الهجاء

أفعاله الكل على اسواء

أقبح من وعد بلا وفاء

و من زوال النعمة الحسناء

أبغض للعين من الاقذاء

أثقل من شماتة الأعداء