23 ديسمبر، 2024 1:23 م

صدام هل كان ذكياً أم غبياً

صدام هل كان ذكياً أم غبياً

أن الدول العظمى العظمى التي تدير كابينة المجتمع الدولي تتخذ قراراتها وفقا لعوامل مهمة وهي من تصنع القرار وتقدمه لسلطة الرئيس ,وهناك عوامل مؤثرة تساعد وتساهم في التأثير على صنع القرار,فبقاء النظام البائد في السلطة لأكثر من (35) عام لم يكن بقاءا عفوياً غير مدروس ,بل خطط له وفق منهج مدروس بحسابات دقيقة ,ففي داخل البلد استخدم سلطة القمع والاستبداد ولم يتأخرفي ان يعدم ما يشاء وينفي ما يريد دون معارضته, المهم الحفاظ على الثورة ومكتسباتها وهي نفس النظرية التي استعلمت ابان إرهاب الثورة الفرنسية من قبل ماكسميليان روبسير مؤسس الإرهاب وصاحب الحركة (الجاكوبية) والذي جاء في أيدلوجيتها (ان أفراد الحركة وحدهم على صواب ويجب ان تنتصر حقيقتهم والا انهارت الثورة والوطن )انتهاكات صارخة لحقوق الانسان سلب لحرية الراي والتعبير ومصادرة للرأي الاخر,وتميز طائفي وعنصري ,واعتداء على الشرعية الدولية ,وسطو على دول الجوار في وضح النهار,والعالم لم يحرك ساكن لازاحته من كرسي السلطة هذا الذي قال عنه هارون الرشيد لأبنه ووالله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فانّ الملك عقيم.

لقد استطاع صدام بذكائه ان يتوغل للمؤثرين بصناع القرار في المجتمع الدولي ويضعهم في صفه وللدفاع عليه عند حدوث امر طارئ في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ,بصنع شبكة عكنبوتية من العلاقات الفاعلة والمؤثرة ,ونجد الكثير من القرارات التي كانت تضره وتضر سلطته كان اللوبي الذي يحتمي به يعارضون اي قرار يراد منه توجيه ضربة عسكرية قاصمة تزيحه من كرسي السلطة ,كما تمكن من شراء الإعلام الدولي وبعض الكتاب الكبار والنخب المثقفة بمبالغ باهظة الثمن دون تردد لغرض تحسين صورته امام الراي العام بأنه محرر فلسطين وبطل التحرير القومي ,وقائد الحملة الإيمانية ,فقد شاهدنا كيف كان النظام يحرك الراي العام الدولي بمظاهرات ومسيرات حاشدة من الالاف تندد وتطالب العالم بأن يقف بصفه رغم دكتاتوريته والسبب هو تغييب الحقائق وتزييفها ,تجاهل العالم عن أفعاله وممارساته وجرائمه ومقابره الجماعية لأنه نقلت لهم صورة مغايرة عن طبيعة سلوكياته في داخل بيته ,كيف لا وهو كان يتبرع بملايين الدولارات للسود الامريكان لمساعدتهم ويترك شعبه يعاني الفقر والعوز, يبني المدن والمجمعات السكنية ويسكن بها العرب من مختلف

الدول باعتباره راعي وحامي الامة العربية ,وشعبه يعيش العشوائيات في مختلف محافظات العراق ,والعالم والرأي العام له الظاهر ولا يهتم بالجزئيات .

سقط النظام ولايزال من غرر به يعتقد هو الأصلح والاكفىء لقيادة العراق نتيجة للفوضى التي أحدثها التغيير الديمقراطي ,فرواتب وكابونات نفط ومساعدات رحلت بغير رجعة ,ذهبت الأموال التي كانت تخصص لمن يكتب عنه انه رجل المرحلة ورجل التسوية والموازنات ورجل النفوذ ,هذا لم يأتي اعتباطاً فقنوات فضائية مسيرة لخدمته ,ومجلات وصحف رصينة كانت بإمرته وهي متنفذه وصاحبة شريحة واسعة من القراء في العالم العربي والدولي ,ومؤتمرات دولية يحضرها كبار الشخصيات الفكرية تهدف وتنظر لتبرير ظلمه وبطشه ,اعدم صدام في ليلة العيد وتحول لمن كان رمزهم لشهيد التاريخ على يد الصفويين الذين جاؤا من وراء الحدود ,واتهمنا بأننا لانعرف شيء عن أدارة السلطة ,والسبب لان صدام كان ذكياً بما فيه الكفاية واستفاد من تجارب الأنظمة التي سبقته في حكمها للعراق ,وتأثير دول الجوار الإقليمي عليه .

فاحد عشر سنة والنظام الديمقراطي الجديد في العراق كان ضعيفاً في أن يسوق قضيته اعلامياً للرأي العام ولم يستطع ان يقنع المجتمع الدولي بحجم الكارثة التي تسبب بها الإرهاب ,والمذابح والإعمال الوحشية والإجرامية التي انتهجها في دولته الا أسلامية ,لم نستطع ان نحرك الشارع العربي والدولي بأن يقف معنا ونحن على حق ,مظاهرات خجولة لا تتعدى المئة شخص في أقصى الحالات ,لم نستطع تأسيس منظمات مجتمع مدني في الدول العظمى ومراكز بحثية تأخذ على عاتقها مد جسور والتواصل مع العالم ,كان من المفروض ان تعد العدة لكل طارئ وصغيرة وكبيرة تهدد امن واستقرار العراق ,أين دور السفارات العراقية والتي هي حال لسان العراق والمتحدث باسمه لتشرح وتسلط الضوء عما يحدث عن طريق الندوات والورش التعريفية العراقية ,وتستضيف بعض المفكرين العرب او الأجانب ليقدموا رؤيتهم السياسية حول الأوضاع ,وهذا ماكان يقوم به النظام طيلة فترة حكمه لأقناع النخب المؤثرة,هناك ضعف واضح ومشخص منها وكأن الوظيفة الأساسية لها هي فقط الاستجمام وتغيير الأجواء واستلام الراتب الفخم المغري ,لم نجد مبادرة من أية سفارة بحجم التحديات والأزمات المتتالية علينا ,وكأن ما يحدث في وادي والعراقيين ومذابحهم بوادي آخر.