20 ديسمبر، 2024 2:55 ص

ادرك حساسية اصدقائي الاكراد من مفردة الاكراد. يفضلون كلمة الكورد. وهو تفسير لغوي مغلوط حاولت ايضاحه معهم، حين عشت في وسطهم وبلا جدوى. يعتقدون ان الاكراد تشبه مفردة الاعراب (الذين هم اشد كفرا ونفاقا). ولذا يجب ان تكون تسميتهم القومية هي الكرد مثل العرب والترك والفرس. ولكن نحن نقول الاتراك والافغان والاميركان الخ مثلا، وليس ذلك مصطلحا انتقاصيا. بلا جدوى.

انها مجرد اشارة لغوية.

اقرا كتابات العديد من الكتاب العرب العراقيين واجد انهم يلومون الكرد- نزولا عند رغبة الاخيرين اصطلاحيا- على قوتهم ولا يلومون انفسهم على ضعفهم، نخبا ورموزا وطوائف ومشاريع اعمار وخدمات. وفي ذلك مفارقة لا تعادلها مفارقة. هل يُلام القوي على قوته ام يجب ان يلوم الضعيف نفسه على ضعفه؟

تخلى العرب عن العراق، مدة ليست بالقصيرة. وعلى وفق توصيف احدهم كان العراق مصابا بجرب سياسي. الدخول للعراق، عربياً، كان يعني تزكية لـ”الاحتلال”. ولكن ذلك نصف الصورة فنظيرتها دخول العرب مجاهدين وقاعدة ومجموعات مسلحة جعلت حياة العراقيين مسلسلا دراميا طويلا (مكسيكي او تركي اختاروا ما تشاؤون) من القتل والاقتتال والتقاتل، مضافا اليه شيء من توابل مشاهد الذبح وشوربة الدماء التي تشبه “معجنة” شوارعنا حين المطر.

هكذا بغداد.. دكان توابيت، حين استذكرها شيركو بيكس .

نجح الكورد في بناء دولة. ولم ينجح العرب الذين كانوا يصنعون النكات على ما يفترض انه “غبائهم”. نجح الكورد بذكائهم في حفظ دماء ابنائهم. ولم ينجح العرب. نجح الكورد في كل شيء بامتحان بكلوريا الدولة وفشل العرب في امتحان الابتدائية.

حين دخلت الى كوردستان كان اسمي احمد المفتي. في زمن صدام. دخلت الى شقلاوة من دهوك. شفت ابو نيسان، الذي ظل صديقا اسمه مفيد الجزائري. والتقيت بالعديد من المثقفين الكرد المستقلين في اربيل والسليمانية فيرهاد بيربال وهاشم السراح وكريم دشتي وازاد وغيرهم كثر، وفي السليمانية ريبين احمد هردي ورؤوف بيكرد وشيركو بيكس وغيرهم . لحظت هناك ان المثقف الكردي حتى لو كان معارضا لسلطة الحزبين وبعضهم يوجه انتقادات حادة للسلطة هناك، ولكنه –أي المثقف الكردي- يتضامن مع مطالب الحزبين العليا في حق شعبه الكردي بالدولة وحماية المكتسبات وتعزيز المتحقق من الماضي.

ولكن ما موقف المثقف العربي العراقي.. اتساءل عن كوامن وعيه ..هل يدرك بالضبط ما موقفه من الوضع في كردستان العراق؟ هل يتضامن مع مصالح عليا حتى لو تبناها من يعارضهم من الساسة. اشك في ذلك، على عكس الموقف الواضح للمثقفين الكرد سواء كانوا من احزاب السلطة او مستقلين او معارضين لكافة الاحزاب او الحزبين الحاكمين.

انها كردستان المتحدة.. فيما يتيه العرب في مواقفهم تتنازعهم الطوائف والملل والنحل. ثم يأتون بعد ذلك لينتقدوا القوي حين يكون قويا، ينتقدون الكردي لانه تمكن وتقوى. والقوة ليست بالضرورة استقواءً، وانما تاتي منها المقدرة والاقتدار مثل الضوء الذي يسترسل منه النور لأن طبيعته وصفاته واحدة. بعبارة اخرى طبيعته وفضله واحد. القوة قوة ولا بد ان تتجسد رغما عن رافضها، يسترسل منها الاقتدار ويمتد الى الخصوم مثل استرسال النور من الضوء.

سلاما للاصدقاء في اربيل والسليمانية .

اما العرب فنقول لهم:  صدام عليكم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات