( الشعوب كالنساء، المرأة تحب الرجل الذي ينهي ويأمر وليس الرجل الذي يرجو ويطلب) هذه كلمات هتلر يوم كان يقود المانيا الى المجد، ويوم كان الشعب الالماني يهتف له ( شخن بخن عفتر لوي) ومعناها بالعامية العراقية ( تقدم وحنه وياك ثنين جيشين لصدام حسين) وبعد ان مالت الدنيا وتغير الحال، (وهتلر دولب المانيا ادولب، وخلاهم ينكسون عكلهم)، توقف الالمان عن الهتاف، وقرروا ان لاهتاف لاحد بعده ، وان من يتولى سدة الحكم ماهو الا موظف عليه تقديم خدماته بوضوح وبشرف وبنزاهة والا فمصيره العزل والمحاسبة، حتى العمة ميركل التي تقود اليوم المانيا الى التقدم المستمر، لم تجد شاعرا المانيا، مع انهم كثيرون جدا، ينشد لها ( اذا قالت ميركل قالت المانيا).. تذكرت مقولة هتلر هذه ساعة نمى الى مسمعي ان زوجة مسؤول عراقي كبير بريطانية الجنسية كزوجها تحدثت الى صاحبتها وهي ايضا زوجة مسؤول كبير بريطاني الجنسية كزوجته ليلة سقوط البرلمان وماتبقى من هيبة الدولة قائلة لها: ( خية كون اكعّد ابو عداي من الكبر واكله ارجع عمي صفيها، اشو ذوله ربعي ما بيهم خير لاهده ولاسده) ولم تعلم هاتان السيدتان البريطانيتان ان هذا هو حوار كل ام عراقية فقدت زوجها او ابنها او اخيها، وحوار كل رجل اهانته الحاجة وسلبت كرامته الميليشيات والعصابات، وكل معتقل لايعرف لاي ذنب أُخذ، وكل مريض لايجد حبة دواء تشفيه..
حوار هاتان السيدتان، يؤكد صحة ماذهب اليه هتلر في توصيفه للشعوب، ولعل الاهم في حوارهما هو ان كلا منهما كانت تتمنى في ليلة سقوط البرلمان، وربما في ليالي عديدة اخرى ان يتمتع زوجها ببعض صفات صدام حسين، وقد يستغرب البعض ذلك، ولكن علينا ان نعلم ان اكثر الناس حبا لصدام حسين هم ساكنوا المنطقة الغبراء، نساءا ورجالا عراقيين وغير عراقيين، فهم يعرفون ويقدرون تماما ان لولا صدام لما تمكنوا مما هم فيه من مناصب وامتيازات واموال وسلطة وسطوة، ولكن نساء المنطقة الغبراء والعراقيات منهن بشكل خاص، هن الاكثر احتراما لصدام، فبالاضافة الى انه السبب في سكنهن في قصور لم يكن يحلمن بزيارتها قط، الا انهن يجدن فيه دائما ما يفتقده رجالهن، وكلهن حين يرين ازواجهن على شاشة التلفزيون تقفز الى ذهنهن مباشرة مقارنة دائمة بين صورة رجل الدولة ذاك، وصورة ازواجهن الباهتة المائعة التي لاتكاد تحظى بمشاهد واحد غير مخرج القناة ومصورها ومذيعها ربما، احدى سيدات المنطقة الخضراء شاهدت زوجها وهو يقف امام القنفة التي مثلت هيبة الدولة المنكسرة، وانتبهت الى أحد القادة العسكريين الذي وقف الى جانبه واضعا يديه على خصره بصورة تدل على عدم الاحترام وعدم الشعور اساسا بوجود مسؤول للدولة الى جانبه، وعلى انعدام اي انضباط حتى وان كان رسميا او بروتوكوليا لاغراض الاعلام، باعتبار ان الصورة ستنشر، فتمنت لو انها كانت مكان زوجها هناك لامرت باحالة هذا القائد على التقاعد فورا، ولكنها للاسف ممنوع عليها التدخل في هذه الشؤون باعتبارها ناقصة عقل ودين كما يقول لها زوجها العتيد..
حوارات اخرى عديدة جرت بين هاتين السيدتين وهي حوارات متطابقة مع الكثير من احاديث العراقيين وهم يشاهدون مثلا رئيس وزرائهم والقائد العام للقوات المسلحة الذي انتفض اخيرا لهيبة الدولة المسفوحة على القنفة ، وهو يتحول الى سلة لالتقاط قناني الماء في قبة البرلمان..
ولكن ابرز واهم حوار كان بين تلك السيدتين هو قول احداهن للاخرى ( شوفي ملخص الحجي هذا الشعب بعد مايقتنع باحد، الا يجيهم واحد مشورب اخو اخيته يدك بيهم زين حتى يصفكوله يفلان اسمك هز امريكا، اما اذا على ربعنا السالفة تعبانة ويومية تره راح تسمعين اجاك الذيب اجاك الواوي).. هذا الحوار يلخص حقائق بمنتهى الاهمية اولها مستوى اليأس لدى الطبقة الحاكمة من استمرارها وبقائها في السلطة، وثانيها ان مشكلة الشعب الاساسية ليست الاصلاح مثلما يتوهم الجميع، ابتداءا من اميركا وايران وانتهاء بالناشطين المدنيين الثائرين منذ آب الماضي، فالشعب ببسطائه ومثقفيه يعلم ان لا اصلاح يمكن ان يخرج من عباءة المحتالين واللصوص والفاسدين والمجرمين وقادة الميليشيات ورجال الدين الدجالين المشعوذين، وان المشكلة الاساسية الان هي بين الشعب ككيان مظلوم مسلوب الارادة والكرامة وبين شرذمة من المشعوذين العملاء الذين استغل الاحتلال غبائهم وجهلهم وفسادهم لتمرير مخططاته لتدمير البلاد واستعباد العباد.. وبما ان الثابت للجميع ان لامجال لفناء الشعوب، فان فناء الطغمة الفاسدة المجرمة هو الاقرب وان غد لناظره قريب.. [email protected]