ليعلم الجميع أن العملية السياسية التي تم الأخذ بها بعد الاحتلال لم تكن من مخرجات العقل العراقي ، أو على الأقل لم تكن ناتجة عن رغبة الأغلبية ، قد يقول قائل ، لقد صوت العراقيون بالايجاب على دستور عام ٢٠٠٥ بنسبة ٧٩٪ مقابل ٢١٪ بالسلب ، نرد أن الاستفتاء جاء تحت تأثير الإيحاء الطائفي ولشعب لم يكن بقادر على استيعاب الديمقراطية المستعجلة ، خاصة وأنه خارج للتو من إيحاءات الدولة الشمولية ، وان الاستفتاء جاء محققا لرغبة من جاء مع المحتل وفي إثر عجلاته العسكرية ، من الذين شكلوا ولا زالوا يشكلون مادة هذا النظام ومعالمه السياسية ، كما وان الاستفتاء جاء عابرا لكثير من من الأمور التي كانت هي بحاجة للاستفتاء قبل الدستور منها ، الفدرالية التي تم الاستفتاء عليها بشكل ملتوي ضمن الاستفتاء على الدستور ، كذلك لم يقل العراقيون رأيهم ما إذا كانوا يرغبون بالنظام الرئاسي أو البرلماني ، كذلك لم يتخذ راي المواطن في شكل النظام الاقتصادي المرغوب ، النظام الرأسمالي ، نظام الملكية العامة لوسائل الإنتاج أو النظام المختلط ، سييما وان العراقيين منذ تأسيس دولتهم هم يحبون القطاع العام ويقفون إلى جانب مخرجاته، فالعملية السياسية المنقولة حرفيا عن التجربة البريطانية العريقة ، كان يمكن أن تنجح لو أن القادة لم ينحرفوا بها عن الطريق الديمقراطي بفسادهم، والتجربة بعد التسعة عشر عاما باتت مصابة بالصدإ ولم تعد تتناسب وحاجة البلاد ، لأنها اعتمدت مفاهيم الإقطاعيات السياسية والحكومية ، وقد تراجعت نسبة المشاركة الشعبية في هذه العملية عام ٢٠٢١ لتصل إلى ٢٩٪ ، إذ شارك من اصل ٢٤,٦٠٠ مليون ممن يحق لهم التصويت, ٩,٩٠٠مليون ناخب ، وقد صوت للمستقلين ٢ مليون مواطن حسب المعلومات التي لا زالت أولية ، أي أن الكتل جميعها الشيعية والسنية والكردية حازت على ٧,٩٠٠ مليون صوت ، ولو علمنا أن منع عراقيي المنافي عن التصويت كونهم معارضة والذين لايقل عدد من يحق له التصويت عن ال ٣ ملايين صوت فإن نسبة ما حصلت عليه كل الكتل لا يتجاوز ال ٢٩٪ ، وهو رقم اعتمدناه عن المفوضية ، فإن المتداول بين الناس أن نسبة المقاطعة كانت تزيد على ال ٨٠٪ ، فعن أي عملية سياسية تتحدثون وعن أي تمثيل تتكلمون . ان العملية برمتها إذا لم تسقط من تلقاء نفسها فإن المقاطعون سيطبحون بها في الانتخابات القادمة وبنسة فوز لا تقل عن ٨٥ بالمئة ، حذار من إعادة فلسفة موترنيخ في إعادة القديم الى قدمه….