23 ديسمبر، 2024 9:56 ص

صحون و” مواعين ” وطائرات سومر…أخطر مما تتصور !!

صحون و” مواعين ” وطائرات سومر…أخطر مما تتصور !!

في منتصف الثمانينات كانت تسكن الى جوارنا امرأة ألمانية كاثوليكية متزوجة بعراقي ، هذه المرأة كانت تؤمن الى حد  اللعنة  بأسطورة  الأطباق الطائرة وسكان الفضاء الخارجي والباراسايكولوجي ، نجحت بنقل عدوى ما تؤمن به  الي لفترة من الزمن مع اختلاف نوايا وأهداف كل منا لمتابعة هذه المواضيع العجيبة وزاوية النظر اليها ، ذهبت الى المعهد البريطاني للاستزادة فوجدت مكتبته تغص بكتب الـ UFO او الأطباق والصحون  الطائرة ، أشباح القصور ، وحش بحيرة نيس ، الرجل الثلجي ، الشجرة آكلة لحوم البشر ، أمطار الضفادع ، التنويم المغناطيسي ، أسرار اليوغا ، ما يسمى بتحضير الأرواح ، الكراكن ووحوش الأعماق ،  أسرار المايا والأنكا والأزتك والموش ، لعنة الفراعنة ، مثلث برمودا ، قارة أطلنطس المفقودة ، رسومات كهوف الصحراء الليبية  ، لتأتي كتب كولن ولسون (الإنسان وقواه الخفية) و( موسوعة الألغاز المستعصية) و( الحاسة السادسة) فتجسد اللامنتمي  والبوهيمي وما بعده في اسواق بغداد والموصل والبصرة ، ومن ثم كتب ، انيس منصور ، المنتحلة عن بكرة ابيها ،  ( الذين هبطوا من السماء ) و(الذين عادوا الى السماء) خلاصتها أن الإنسان ليس هو الكائن الوحيد العاقل في هذا الكون فهناك كائنات أعقل وأذكى تعيش على كواكب أخرى كثيرة اسهمت في بناء الاهرامات ومعالم اخرى وما حملته من أسرار عجز العلم والعلماء عن تفسيرها ، اما كتابه الثالث ( ارواح واشباح ) فعبارة عن حزمة من الأساطير ذات البعد السياحي بريطانيا !!
جاءت ” دار المأمون ” بعد ذلك لتترجم لنا ومن دون مقدمات ملحمتي الهند ” الرامايانا والمهابهاراتا” واعادة نشر ” الألياذة والأوديسا ” ومن ثم سلسلة “الباراسايكولوجي ” وكيف تم توظيف طاقاتها  وقدراتها  وشخوصها  في صراع المخابرات اثناء الحرب الباردة بين اميركا والاتحاد السوفييتي .هذه الخبطة العجيبة من ” الماورائيات والتيوصوفيات ” التي راجت حينئذ والتي انتهت بكتاب ( حوار صحفي مع جني مسلم ) واقراص  استخراج الجن  المدمجة – تصووور-  وانتشار كتب طرد العين والحسد وان لم نخترع او نكتشف ما نستحق ان نحسد عليه ، اضافة الى كتب الطبخ  والأمراض الجنسية بطبيعة الحال  كوننا أمة تأكل وتنام  وتتناسل ووبس وصولا الى كتاب ( بدائع الزهور في وقائع الدهور ) المليء بالأكاذيب والذي طبع عشرات المرات بالتزامن مع انتشار كتب السحر والتنجيم والأبراج وقراءة الطالع ، كانت تهدف بمجملها  للوصول الى شيء ما ، ربما لتغييب العقل وتخديره وإبعاده عن واقعه المدلهم بالخطوب والحروب والنكبات اسوة بالملاهي والكباريهات والبارات التي انتشرت بالمئات وقتئذ في كل حارة وشارع ، تبعها انتشار الطرق الصوفية – النائمة والمنومة – بشكل غير مسبوق من جهة والسكارى فكريا وجسديا من جهة اخرى ،  انتهت  بإحتلال العراق وسقوط بغداد 2003  ، اليوم يبدو جليا ان السيناريو قد عاود الظهور مجددا وبقوة اذ ان فن التجهيل بات سمة بارزة تمارسها الأحزاب والوعاظ والروزخونيون بل وحتى – التكنو قراط – ولعل مركبات سومر الفضائية  التي انطلقت من ذي قار قبل خمسة الاف عام ق.م  تأتي في مقدمتها ،  علما ان مطلق ” الأسطورة ” ، كاظم فنجان الحمامي ، كاتب جهبذ قبل ان يكون وزيرا للنقل وله اكثر من 500 مقال منشور وهو اقدم خبير بحري في العراق – يعني مو طك عطية – إلا ان ما قاله له ابعاد خطيرة  ربما تهدف للترويج الى أفكار  ما – قد يكون اطلقها عمدا او سهوا – وبالأخص ان من استند الى طروحاتهم هم من اشد المؤمنين بهذا الفكر السوداوي  ومن المروجين له .
ولنأخذ الاسم الأهم الذي طرحه – الحمامي – للتأكيد على  صحة نظريته التي اطلق عليها بعضهم تهكما –  نظرية الأفيال و البعران  الطائرة – ونعني به المؤرخ هربرت جورج ويلز، فهو  اول   من اسس  لأدب الخيال العلمي  ومن أشهر أعماله ، موجز تأريخ الزمن ، الرجل الخفي، حرب العوالم ، الذي يتحدث عن غزو  سكان المريخ   للأرض ، أوائل الرجال على القمر، طعام الآلهة وكيف أتى إلى الأرض ، آلة الزمن .الشخصية الثانية  التي اشار اليها ، وزير النقل  لا تقل غموضا  عن سابقتها ونعني به   المؤرخ اليهودي الأوكراني المقيم في اميركا وهو  نجل  مؤسس لمدرسة متخصصة بتعليم اللغة العبرية ”  صموئيل نوح كريمر” واهم مؤلفاته (التاريخ  يبدأ في سومر) و(أنانا.. ملكة السماء والأرض) و(الأساطير السومرية ) وقد دعي الى العراق عام 1945 ، فألقى محاضرة عن السومريين واشرف على ترجمة النصوص المسمارية المكتشفة في المواقع الآثارية  – ترجمها صح خطأ  ، الله اعلم – ومن ابرزها ما اكتشف في عقرقوف وتل حرمل .
اما الشخصية الثالثة فهو اليهودي المولود في  الأتحاد السوفيتي ،  المقيم في اميركا ، زكريا سيتشن ، وهذا  من  اشد أنصار النظرية  القائلة بان الحياة على الأرض  انما ظهرت بفعل كائنات فضائية تدعى (انانوكي) وعددهم 50  انانوكيا هبطوا على الأرض قادمين  من كوكب يدعى ( نيبيرو او ( Nibiru    وتزاوجوا مع نساء الأرض وقرروا خلق البشر على حد زعمه في العراق وهم الذين بنوا الأهرام واتخذوها قاعدة لهبوطهم ، تخصص  ستشن بعلم ” سومرولوجي”  واشار في واحدة من تصريحاته المثيرة للجدل الى ان”  من  أسباب  احتلال العراق  اميركيا عام 2003 هو محاولة الامريكان كشف اسرار وردت في حضارة سومر ” على حد وصفه .ولعل الحمامي قد تأثر  فيما ذهب اليه اكثر من هؤلاء  وان لم يأت على ذكره بمؤلفات  السويسري المتهم بالاحتيال  ، إريك انطون دانكن ، وكتبه التي  ترجمت  إلى 32 لغة وبيعت منها أكثر من 63 مليون نسخة ،والتي دارت بمجملها حول  كائنات فضائية مزعومة  هبطت على لأرض قديما وبنت الأهرامات وبقية المعالم الكبرى  لوجود  اعمال  فنية قديمة تصور فضائيين ومركبات فضائية وطائرات وتقنيات  يفترض ان لاوجود لها آنذاك والأدهى ان دانكن يفترض ان تلك المخلوقات هي التي اسهمت  بوضع الأسس والشعائر الدينية  لاحقا ” ومن ابرز هذه الكتب  المثيرة للجدل ” عربات الآلهة”، “الآلهة من الفضاء الخارجي” البحث عن ألهه الأقدمين”  ،” أحدث أدلة الإتصال بمخلوقات كونية”  ، ” دليل زيارات كائنات كونية،  ” كان الآلهة  رواد فضاء  ، ” أوديسة الآلهة.. تاريخ الكائنات الفضائية للإغريق، ” وآخرها ” عودة  الكائنات الفضائية” عام  2010 .  ما نوهنا اليه آنفا يثير تساؤلات عديدة بعضها اغرب من بعض ، اولاها ان تصريح – فنجان –  الصادم جاء  بعد ساعات من زيارة  مفاجأة وغير معهودة للمرجع الديني فرقد  الحسيني القزويني  وادائه  صلاة الجماعة  امام  زقورتها الشهيرة والتقاط العديد من الصور التي توثق الرحلة او السفرة او النزهة ،  الأمر الذي ضجت به  مواقع التواصل ووكالات الأنباء المحلية ونشرت اخبارا سرعان ما كذبها – القزويني  – بنفسه مفادها انه   ادعى  بأن  ،  اور هي (بكة  او مكة )  المذكورة في القرآن الكريم  والتي ارسى قواعدها ابراهيم الخليل عليه السلام ، نقلا عن  مواقع ادعت انها تابعة للحسيني شخصيا ، لافتا الى ، انها “ مجرد زيارة اعتيادية للتعرف على اثار العراق في بلدي الذي افتخر به خصوصا وان هذه البقعة من الارض شهدت ولادة ابراهيم الخليل وان القبلة  التي صلينا  اليها هي قبلة المسلمين  التي  تتوافق و إتجاه الزقورة في محافظة ذي قار  ” على حد وصفه  ،   الأمر الآخر ان تصريح  الحمامي  في هذا التوقيت بالذات ،يأتي قبل ايام من ذكرى  إقامة  قداس وصلوات مسيحية في مدينة اور الاثارية في بيت النبي ابراهيم ، ضمن بروتوكول تعاون وقعته ادارة  المحافظة مع مؤسسة الحجيج العالمية التابعة للفاتيكان منذ عام 2013 لتفويج الحجاج  المسيحيين  الى هناك سنويا ،  ثالثا ان التصريح جاء  خلال  افتتاح مطار المحافظة واسهم في صرف الانتباه عن التلكؤ الحاصل  في بناء المطار بعد ان كان من المقرر  له ان يفتتح  اواخر العام الماضي 2015 مامن  شأنه تشجيع السياحة الى المحافظة التي تمتاز بالمواقع الآثارية والاهوار التي ادرجت على قائمة التراث العالمي  مؤخرا .
افتتاح المطار مصحوبا بدعاية الأطباق  او – المواعين-  الطائرة من شأنه ان يفتح شهية  اتباع منظمات  منحرفة يسيل لعابها لمثل هذه الأخبار  نحو ، منظمة عبدة الشيطان ، الساينتولوجي ، الويكا ، الروتاري ، الليونز ، بناي بيرث ، بوابة السماء ، هار كريشنا ، كنيسة مون ،  وأخطرها الرائيلية  التي اسسها  الدجال الفرنسي كلود فوريلون ، في باريس عام 1974 واتباعها الاف مؤلفة حول العالم ، والتي توصف  بأنها أكبر ديانة كائنات فضائية في العالم، كونها تزعم ان من هبطوا يسمون ” كائنات الإلوهيم ” وهي كائنات  تشبه  الإنسان هم من خلقوا كل  اشكال الحياة  على سطح الأرض وانهم يتحولون بهيئتهم الأرضية الى مخلوقات آدمية تسمى الزواحف ومن اشهر اشكالهم الزاحفة ” هيلاري كلينتون “باراك أوباما وفلاديمير بوتين والعائلة المالكة البريطانية، وجون كينيدي وقد شاهد بعض الأشخاص هيلاري كلينتون أثناء تحولها كما ادعى  ذلك ” الفلكي المصري الممخرق  أحمد شاهين، الذي يفوق ابو علي الشيباني  شعوذة ودجلا !!الأمر الآخر وكما اشار متابعون الى  ان نظرية ” المطار والملائكة السومريين  المخالفة لصريح القرآن الكريم  ستعيد الى الواجهة  مجددا الدعوات السابقة  المطالبة بإقامة جمهورية سومر  للنهوض  بواقع ابناء الجنوب على حد زعم مطلقيها والتي رافقها اطلاق حملة  لجمع مليوني توقيع  عام 2014 على الفيس بوك ليصار بعدها  الى ارسال  طلب للأمم المتحدة لغرض إدراجها  ضمن لوائحها” ، المشروع الذي  توقف وعلى مايبدو بضغط  كبير من الكتل النافذة فيما ظل نارا مستعرة تحت الرماد بإنتظار من ينفخ فيها ثانية ، ارى ان  الطائرات السومرية قبل 7 الاف عام  اكبر منفاخ لها ونافخ  فيها حاليا .ومن وجهة نظري الشخصية فأن   نظرية الطائرات والمطارات السومرية قد وضعت – التكنو قراط – برمتهم على كف عفريت بعد ان كانت الجماهير تأمل فيهم خيرا لطوي صفحة الخطابات المليئة بالأساطيروالعصبيات  والمغالطات العلمية  والتأريخية احيانا وبالشحن الطائفي احيانا اخرى ، فجاءت لتؤكد ان لامهرب من – الخزعبلات – على مستوى العراق ولو كانت عن طريق الطب والهندسة والصيدلة   والفلك والفضاء والآثار هذه المرة فبمجانبة الصواب وحده يحيى  الأنسان العراقي ، مؤملا نفسه بغد افضل بأنتظار الخلاص الذي لم يأت بعد ولو على “عربانة لبلبي !! ” . اودعناكم اغاتي