23 ديسمبر، 2024 6:23 ص

صحتكم من بيئتكم…فحافظوا عليهما

صحتكم من بيئتكم…فحافظوا عليهما

لمن لم يقرأ لي مسبقًا من القراء الكرام، أود أن تعلموا أني أكتب في مجالات تخصصي العلمية التي نلتها من خبرات عملي لأكثر من 30 سنة في دول الغرب المتحضر، ناهيك عن عملي كخبير دولي في الصحة البيئة التي عملت خلالها في 56 عاصمة حول العالم، من مشرق الأرض لمغربها، نالت إعجاب وثناء المسؤولين في تلك الدول من رؤساء ولأصغر شخص تعاملت معه في هذا الجانب، إلا في بلدي العراق….وهذا هو الألم الذي لم أستطع، ولا يمكنني، تحمله.

البيئة يا أصدقائي هي غرفة النوم التي تنامون فيها، والمنزل الذي تسكنوه والشارع الذي تسيرون فيه والقرية والمدينة التي تعيشون فيها، وكذلك الهواء الذي تتنفسوه والتربة التي تنتج لكم الفواكه والخضروات التي تتناولوها أنتم وعوائلكم والماء الذي تشربوه.

أي تغيير أو خلل في طبيعة ومكونات الهواء والتربة والماء يسمى إخلالا في النظام البيئي الذي يحيط بكم وهو ما يسبب لكم المرض بأشكال متعددة. وبهذا فإن البيئة والصحة موضوعان متلازمان يكمل أحدهما الآخر، يؤثر ويتأثر به.

الجريمة الكبرى التي غضت النظر عنها جميع الحكومات المتعاقبة على العراق منذ 2003 ولحد الآن والتي حدثت ولا زالت تحدث هي حدوث الخلل الخطير في الأنظمة الصحية والبيئية في العراق. وبهذا فإن دمار البيئة وتخلف الصحة في العراق تتحمل مسؤوليته الحكومة ومن دون أدنى شك، ولا أنكر هنا مشاركة المواطن في تدمير البيئة والتي يجب أن يعاقب عليها لو كانت هناك قوانين نافذة بهذا الشأن.

لا أريد هنا أن أتحدث عن الصحة والبيئة قبل 2003، فهي بكل تأكيد كانت أفضل بكثير عما هي عليه الآن، ولكني أود أن تعلموا أن مجلس النواب العراقي قد شرع قانون إسمه “قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009”. فلا هم حموا البيئة ولا هم حسّنوها… بل على العكس فقد دمروا البيئة بكل عناوينها…دمروا الماء والتربة وأفضع ما فعلوه أنهم دمروا هواء العراق.

العراق عضو في منظمة الصحة العالمية والبرنامج البيئي للأمم المتحدة، وعليه مسؤوليات الإلتزام بشكل دقيق بكل الضوابط والتعليمات التي تحددها تلك المنظمات. فبرنامج الأمم المتحدة للبيئة هو الصوت المناصر لقضايا البيئة في منظومة الأمم المتحدة. ويقوم البرنامج بدور المحفِّز، والمناصر، والمثقِّف والميسّر لتشجيع الاستخدام الرشيد والتنمية المستدامة للبيئة العالمية. ويساهم برنامج الأمم المتحدة للبيئة في الأحداث والأنشطة الرامية إلى بسط سيادة القانون البيئي وتعزيزه، بما في ذلك تطوير قوانين البيئة، وحماية حقوق الإنسان والبيئة، والتصدي للجرائم البيئية، وتعزيز الاحتكام إلى القضاء في المسائل البيئية، وبناء القدرات العامة لأصحاب المصلحة ذوي الصلة.

رغم جميع ما يقدمه هذا البرنامج الدولي من مساعدة للدول الأعضاء، إلا أن العراق بقي لم يستفد أبداً من ذلك، بل بالعكس إنه يسير عكس الضوابط والتعليمات التي حددها البرنامج المذكور، وما نراه من تدمير للبيئة في العراق أفضل مثال على ذلك. وباعتقادي فإن العراق هو الدولة الوحيدة في العالم التي لا تلتزم بجميع الضوابط والتعليمات التي حددتها تلك المنظمة العالمية للبيئة، وإلا لكنا رأينا العراق وقد أصبحت بيئته ما يتمناها المرء.

وللحديث بقية، وكفاكم الله شر الخلل البيئي والصحي في بلدنا العراق الحبيب…