23 ديسمبر، 2024 12:02 م

لا تخلو معاملة ، بل لاتنجز، مالم تتضمن كتاباً واحداً في الأقل تحت عنوان صحة صدور، والا سيل المخاطبات والمكاتبات بين الدوائر الحكومية يفرض أكثر من كتاب لصحة الصدور، فيما تجتهد بعض المؤسسات، ومن باب الحرص على أموال الدولة والممتلكات العامة والخاصة بعدم الإكتفاء بكتاب صحة الصدور، وتطالب بكتاب لاحق يؤكد صحة صحة الصدور، وعلى المراجع المتضرر، والبريء من تهمة الفساد والتزوير الصبر والسلوان.
لاشك، أن التشديد جاء كرد فعل لتفشي الفساد الحكومي، وظاهرة التزوير في الشهادات العلمية، والأوراق الرسمية عموماً بما فيها تلك المتعلقة بإثبات الشخصية، وتكشفت فضائح كثيرة عن بعض العناوين العلمية، والرموز السياسية التي أثبت التدقيق أنها تحمل شهادتها العليا من سوق مريدي، أو كوچه مروي، أو غيرهما، لكن هل يمكن بهذا الإجراء وهو “صحة الصدور” أن أقطع الطريق أمام المفسدين، أم أن تعقيدات الإجراءات الإدارية سيتحملها المراجع الذي يحمل مستمسكات أصولية، فيما يسلك المفسد الطرق الأخرى التي تجعله في مأمن من المساءلة، كما تمكنه من إنجاز معاملته بوقت وجهد يسير.
لا أحد يستطيع أن يتخذ قراراً بشأن الروتين القاتل في إجراءات سير المعاملات الحكومية، ولايمكن لمواطن أن يسأل : لماذا طلب صحة الصدور، مع أن الكتاب الأصلي جاء عن طريق البريد الحكومي وليس بشكل شخصي؟، ثم لماذا أقتنع بسلامة مسار الكتاب الذي يؤيد صحة صدور الكتاب الأول، فيما لاأثق ولا أصدق بمسار الكتاب الأصلي الذي سلك الطريق نفسه، وربما المعتمد الرسمي نفسه هو من أوصله من هذه الدائرة الى تلك وبالعكس؟.
يبدو أن الخطوة لاعلاقة لها بالكشف والتحري عن فرضية التزوير، بقدرماهو التخلص من المسؤولية القانونية، مع أن من يستطيع أن يزور شهادة ” أصولية”، لايغلب أن يزور صحة صدورها بكتاب “أصولي” أيضاً من داخل المؤسسة المعنية نفسها، فيما يتحمل المراجع الطبيعي، والمسكين، إنتظار إنجاز معاملته بين كتابنا وكتابكم، والذي يسير في البريد الحكومي سير السلحفاة، ما يضطره الى أن يقدم الرشى للمعتمدين للتسريع في إيصالها، وبهذا الأجراء إنفتح باب جديد للفساد، بدلاً من إغلاق الأبواب السابقة.مقترح نقدمه في نهاية المطاف، لقد دوختم رؤوسنا بالحوكمة الإلكترونية، فلماذا لا يتم إستخدامها الآن في المخاطبات الرسمية بين الدوائر المختلفة من دون الحاجة الى البريد ” أبو الماطور”، والتأكد من صحة الصدور بأسرع وقت، ومن دون تدخل شخص ثالث، وكفى المواطن شر المراجعات.