23 ديسمبر، 2024 10:40 ص

صحافة الامس واليوم!!

صحافة الامس واليوم!!

في عيد الصحافة العراقية، وبعد ان امضيت برفقتها نحو عشرين عاماً، لابد من الوقوف على متغيرات وسلوكيات جديدة، غيرت كثيرا من شكل الاعلام العراقي وطريقة التعاطي معه، وقبله تغير المفاهيم والمهنية الصحافية، على نحو مثير وخطير.. فسياسة الصوت الواحد التي انتهجها النظام السابق في نظرته للاعلام لم تكن لتسمح مع كل سلبياتها بانتشار الصحافة الصفراء التي تعتاش على الاكاذيب والاخبار المروجة للاتهامات والسباب والشتائم والتسقيطات مثلما يحصل اليوم، الكثير من الصحف والمطبوعات وحتى القنوات الفضائية التي تحمل شعار حرية الاعلام، والرأي والنقد البناء ، انما هي تنتهج سياسة مالكيها لاجل النيل من الاخر، او تبني اجندات معينة لاتضع في سلم اولوياتها خدمة المواطن وابراز وجه الحقيقة ونقل المعلومة المفيدة قدر مايهمها تعبئة خطوطها الامامية وبرامجها بالكثير من الاحزمة الناسفة بوجه منافسيها وافشال مشاريعهم او شن حملة ضدهم واطلاق اتهاماتهم على الملأ وعلى عينك ياتاجر كما يقال…والنتيجة الترويج لاعلام فاشل يسهم في خراب البلد اكثر من بناءه..

المواطن البسط اليوم و بعد ان كان يسمي مانرتبه من كلمات على الورق بـ(حجي جرايد) في تعبير شعبي عن تشكيكه بما يقرأه او بنوع مايكتب من اخبار تبدو مغلفة بالامل احياناً فيما واقعه المعاش شي مختلف، ذات المواطن صار متاكدا اليوم ان حتى (حجي الجرايد) الذي لم يكن يعجبه قبلا قد تحول الى مطبات واخبار ملفقة، وتصريحات مسؤولين قابعين داخل قصورهم الخضراء يغردون بلا حساب تماما مثلما تفعل الفضائيات..

محنة الاعلام في عالمنا اليوم ومنذ عام 2003 اسهم بتقسيم الشارع العراقي، لم تعد العائلة نفسها متفقة مع بعضها بشأن مصداقية القناة التي تشاهدها، ومازال جهاز (الريمونت كونترول) يدور بين القنوات لالتقاط خبر واحد تتفق عليه الفضائيات ولو بنحو خمسة بالمائة!، ناهيك عن البرامج المسروقة والمكررة والمخربة للذوق العام، الساحة الاعلامية غدت مزدحمة مختلطة يدور بينها الغث والسمين كل يوم بدون مراقب، اعداد الاعلاميين و الاعلاميات في تزايد مضطرد مع تسارع الاحداث الامنية والسياسية في البلاد، المعايير المهنية ركنت على الرف فيما تصدرت الواجهة الميزانية الضخمة للانتاج والوجوه الجميلة والمناشيت الاكثر ترويجاً والبرامج الاكثر تطاولاً وتسقيطا للاخر… ومن هنا تبرز الحاجة لاجل المراقبة والرصد ، وانتشال تلك الادغال التي نمت وترعرت في الجسد الصحفي العراقي، لايكفي ان نؤشر الخلل انما نحتاج الى قلعه من جذوره، لانحكي عن رقابة على الصحافة بشكل يعيد تكبيلها من جديد بقدر مانتمنى ان نصوغ نهجا اعلاميا مهنياً صادقاً يراعي حق الفرد في الحصول على المعلومة والوصول للحقيقة دون تشويه او تزييف.. نحتاج الى ميثاق شرف تنأى بواسطته وسائل الاعلام عن الخوض في صراعات السياسيين، والترويج للعنف والاكاذيب في البلاد..المهمة صعبة لكنها ليست عسيرة، خاصة مع وجود اسماء لاعلاميين وكتاب واكاديميين مهرة بامكانهم التصدي للظاهرة وتعطيل عجلتها.