خلال يومين غرد صبي ايران مقتدى الصدر ثلاث مرات. في الاولى حمل الثوار مسؤولية احداث كربلاء وهدد بمعاقبتهم. وفي الثانية دعا العشائر العراقية لتاديب ابنائها المشاركين في الثورة. لكن الرد الشعبي والعشائري كان صاعقا،حيث اعتبروا تغريداته تجاوزا على الثوار واشارة واضحة للشروع في قتلهم واساءة بالغة لدماء الشهداء. خاصة وان هذا الصبي قد فعلها في الامس القريب، وقتل عشرات الثوار في ساحة التحرير والسنك والخلاني بدم بارد. الامر الذي دعاه لكتابة تغريدة ثالثة اكثر وقاحة وقلة ادب. حيث ضمنها عددا من الشروط ،على الثوار الالتزام بها اذا ارادوا التظاهر في المستقبل. والا سيعتبرهم مدسوسين وبعثيين وداعشيين، وسيتكفل هو وكلابه المسعورة بالقضاء عليهم.
لا اجد في هذه التغريدة التي تنطوي على الهذيان والاختلال العقلي ما يستحق الرد. فصبي ايران قد وجد نفسه، على ما يبدو، منبوذا دفعة واحدة من قبل عموم العراقيين، جراء تقلباته وانتهازيته وغطرسته وتصرفاته الرعناء. والا ما معنى ان يكون من بين الشروط السخيفة، تحديد فترة زمنية للتظاهر واختيار ساحات معينة وعدم الارتباط بجهات اجنبية. وفرض شعارات تدعو للسخرية والتندر مثل “لا شرقية ولا غربية انتخابات عراقية”. وكان اكثر ما يثير السخرية شرطه “بان لا تصب الشعارت في خدمة مصالح شخصية”. ونسي هذا الصبي بان شعارات الثورة من الفها الى يائها شعارات سياسية، جوهرها اسقاط العملية السياسية برمتها، واستعادة الوطن المنهوب منه ومن امثاله الفاسدين واللصوص والقتلة، ومن اسيادة المحتلين، امريكا ووصيفتها ايران وكل من دنس ارض العراق الطاهرة. هل نسيت يا صبي ايران خارطة طريق الثوار التي رسموها لتحقيق هدف اسقاط العملية السياسية؟ اليست تشكيل حكومة وطنية مستقلة من خارج العملية السياسية، مهمتها حل البرلمان واجراء انتخابات حرة ونزيهة على ان تسبقها تعديل قانون الانتخابات وتشكيل مفوضية مستقلة واشراف اممي؟ الم يرفض الثوار حكومة الكاظمي لانها تخالف مواصفات الثوار؟، الم يرفضوا اصلاحات الكاظمي الترقيعية؟ هل تعبر يا صبي ايران هذه الشعارات عن مصالح شخصية؟ ام ان الاناء ينضح بما فيه؟
يبدو ان الاشرار في العملية السياسية قد اوكلوا لهذا الصبي وتياره وعصاباته المسلحة وكلابه المسعورة، مهمة القضاء على ثورة تشرين، التي بدات ملامح موجتها الثالثة تثير الخوف والفزع في نفوسهم، بعد ان عجزوا عن تنفيذ هذه المهمة القذرة. ولان صبي ايران قد اختل توازنه، فقد صدق نفسه بانه شمشون الجبار الذي يستطيع بتغريداته الوقحة ادخال الخوف والفزع في قلوب الثوار ليتراجعوا عن مواصلة ثورتهم، وتتحقق له زعامة هؤلاء الاشرار دون منازع باعتباره المنقذ والمخلص. متناسيا ان ثوار تشرين قد كسروا حاجز الخوف منذ اللحظة الاولى التي واجهوا فيها رصاص المليشيات المسلحة والحرس الثوري
الايراني، بصدور عارية حاملين بيد العلم العراقي وبالاخرى شعار نريد وطن. وكلما سقط شهيد زاد الثوار اصرارا وعزيمة. الم يخبرنا التاريخ وتجارب الشعوب بانها تصنع المعجزات اذا كسرت حاجز الخوف وثارت في وجه الظلم والطغيان، وان مصير الحكام والخونة واللصوص الهزيمة والخذلان، والتخلي عن اصرارهم وتمسكهم بالسلطة وصولا الى البحث عن طرق امنة للنجاة بجلودهم؟. هذا ما اخبرنا به تاريخ الشعوب وهذا ما سطره شعب العراق في الماضي، وما يسطره اليوم ثوار تشرين من ملاحم وبطولات عظيمة. وحين ياتي اليوم الموعود يا صبي ايران وتتوجه الجماهير الثائرة نحو اوكاركم وتشق شعارات الثورة واهازيجها الشعبية عنان السماء حينها ستلجاون الى لبس عباءات النساء لضمان النجاة بجلودكم، كما لبسها من قبلكم حكام الاحتلال البريطاني امام ثوار تموز عام 1958.
قد يبدو ذلك نوعا من المثالية الثورية او الاماني البعيدة، حيث انجاز الثوار لمهمة من هذا الوزن الثقيل، في ظل حكومة عميلة وميليشيات مسلحة من الراس حتى اخمص القدمية، ودعم امريكا اكبر قوة عسكرية في التاريخ، ونفوذ ايراني في جميع مفاصل الدولة، ومرجعيات دينية تساند الفساد والفاسدين، لن تكون مهمة سهلة، لكن صمود قيادة الثورة واصرارها على تحقيق اهدافها والوفاء بالعهود التي قطعتها على نفسها امام دماء الشهداء، سيجعل هذه المهمة النبيلة امكانية قابلة للتحقيق. خاصة وان عموم العراقيين وجميع القوى والاحزاب والشخصيات الوطنية، والكتاب والمثقفين والشعراء والفنانين الملتزمين بالخط الوطني والداعمين للثورة، يعملون بجد واخلاص لتقديم كل انواع الدعم والاسناد لهذه الثورة. ولا اذيع سرا ان هذا الجمع الخير يضاعف اليوم من جهده السياسي بكل جوانبه الفعالة، ادراكا منه لما لهذا الفعل من دور هام للغاية. بمعنى اخر ان هذا الفعل السياسي، ليس صورة محسنة، من تلك التي الفناها من قبل، والمتعلقة بالنشاط السياسي ضد الحكومة واظهار عمالتها واصرارها على خدمة المحتل، فهذه قد فضحت نفسها بنفسها، وانما نعني به تعبئة الناس وتهيئتها وتشجيعها على خوض معركة الشرف والكرامة، وفي نفس الوقت، نشر خطاب الثورة السياسي وتوضيح اهدافها وتاكيد مشروعيتها، مقابل دحض محاولات النيل منها، او تشويه سمعتها او تقزيمها. اضافة الى حمايتها من الانتهازيين والوصوليين الذي يحاولون ركوب موجتها لتحقيق مكاسب فئوية او حزبية ضيقة. بكلمة أخرى لقد اصبح عموم العراقيين مسؤولين امام هذه الثورة، سواء من حيث العمل بين صفوفها، او من خلال تعبئة الناس للالتفاف حولها أو تقديم الدعم والاسناد لها، حتى تحقيق الانتصار النهائي.
ومما يزيد من فرص الانتصار اكتشاف الثوار الاعيب حكومة الكاظمي وزيف وعوده الاصلاحية، على الاقل في تجاهله الكامل لوعده بتقديم قتلة الثوار الى المحاكم. بل ان اصلاحاته الترقيعية حول تحديد موعد للانتخابات المبكرة قد لاقت الرفض القاطع لعدم توفر شروطها، ومنها كتابة قانون جديد للانتخابات واخر
للاحزاب يمنع هؤلاء الاشرار من الترشح لها، وتشكيل مفوضية مستقلة. فالانتخابات في ظل غياب هذه الشروط لن تفرز سوى ذات الوجوه الكالحة، لما تمتلكه من سلاح ومال ودعم المرجعيات الدينية.اما محاولات مجلس الوزراء ومجلس النواب ورئيس الجمهورية اي الرئاسات الثلاثة، لارضاء الثوار من قبيل “وضع جدول زمني لتلبية مطالب المتظاهرين”، او “وضع خارطة طريق وتحديد مدد زمنية للاصلاحات” فهذه هي الاخرى قوبلت بالسخرية والاستهجان. خاصة وان المجرم عادل عبد المهدي رئيس الحكومة حينها قد تنصل من ادعاءاته التي اطلقها من منصة البرلمان، وبحضور رئيس الجمهورية بالوقوف الى جانب مطالب الثوار، بل انه اصدر اوامره الى الاجهزة الامنية، والمليشيات المسلحة، وما سمي بالطرف الثالث بقتل الثوار بمختلف انواع الاسلحة والقنابل المسيلة للدموع وبنادق الصيد وغيرها.
يروج البعض، وخاصة اعداء الثورة، بان مقتدى الصدر عدو للعملية السياسية ويعتبر اطرافها ثلة فاسدة وطائفية، ويضربون الامثال بمواقفه الخيالية ضد الفساد والفاسدين. هؤلاء لا يجانبون الحقيقة فحسب، وانما يدلسون على الناس، بل وعلى انفسهم. فاذا كان هذا الصبي المختل يعتبر هؤلاء ثلة فاسدة وهي فاسدة فعلا؟ فلماذا قبل على نفسه التحالف مع احزابها الطائفية الفاسدة؟ اليس لانه فاسد مثلهم؟ واذا وصفهم بعبيد الشهوات وهم فعلا كذلك؟ اليس هو عبدا مثلهم؟ الم يشارك معهم في حكم العراق وهو تحت الاحتلال؟ واذا كان الامر غير ذلك، بماذا يفسر لنا صبي ايران العيش الرغيد الذي ينعم فيه؟ الم يصبح من اغنى اغنياء العراق بامتلاكه مئات الملايين من الدولارات في بنوك لبنان وايران، واساطيل من السيارات وطائرات خاصة؟ الا ينحدر هذا الصبي من عائلة متوسطة الحال لا تملك قبل الاحتلال سوى بيت وسيارة قديمة؟ ثم اذا كان هذا الصبي بريئا من هؤلاء؟ فبماذا يفسر لنا تحالفاته مع هادي العامري، عميل ايران المعتمد في العراق، وعمارالحكيم الذي يصفه العراقيون بابشع الصور ويقذفونه باسوأ الكلمات؟ لقد فشلت يا مقتدى وظهرت صورتك الحقيقة امام العراقيين كانسان دجال ومجرم واداة رخيصة بيد الولي السفيه الايراني علي خامنئي، ومن قبله المقبور قاسم سليماني.
ولكي لا نطيل اكثر، فان مهمة هؤلاء الاشرار ليس الاصلاح، وانما تنفيذ مشروع الاحتلال لتدمير العراق دولة ومجتمعا. وبما ان الثورة تقف بالضد من هذا المشروع وتسعى لانقاذ العراق منه، فان مهمة هولاء الاشرار، وفي مقدمتهم صبي ايران تنحصر بالقضاء على الثورة. وبما ان مخطط تدمير العراق لم يكتمل بعد، فان هذا الصبي سيواصل معاداته للثورة ومحاربتها بكل ما يملك من عصابات وكلاب مسعورة ودعم ايراني ومباركة امريكية. هؤلاء لن يغمض لهم جفن قبل تحقيق حلمهم المريض في القضاء على الثورة. لكن هيهات ان يتحقق حلمهم المريض، فثوار تشرين قد عقدوا العزم على مواصلة الثورة حتى هزيمة هؤلاء الاشرار، مهما طال الزمن وغلت التضحيات.
اقول لصبي ايران، طاح حظك حين صدقت الكذبة بانك الزعيم الاوحد والرجل الاقوى في العراق. وطاح حظك لانك لم تر جموع الناس تنتظم للالتحاق بصفوف الثورة، وهي تخاطبك بكثير من الاشمئزاز، وبصوتها الهادر”ذيل لوكي انعل ابو ايران لابو امريكا”. وطاح حظ حلفائك الاشرار الذين لم يستوعبوا قوة الثورة واصرارها على الحاق الهزيمة بهم. وطاح حظ سيدك خامنئي الذي حرق له الثوار في ست ساعات ما بناه في العراق من نفوذ خلال ستة عشر عاما، وطاح حظ امريكا التي عقد هدنة معها ليصبح تابعا ذليلا لها. هذه الثورة المعمدة بدم ابنائها الطاهر، لن تتنازل عن قطرة دم واحدة سالت بسببكم. سلموا انفسكم للثوار عسى ان يخففوا من وطاة العقاب الذي ينتظركم، لان الشعب العراقي لن يغفر لكم حتى لو تعلقتم باستار الكعبة. وان غدا لناظره قريب.