23 ديسمبر، 2024 5:36 ص

صبري الربيعي … أهداني أوراقه في الصحافة والحياة – 1

صبري الربيعي … أهداني أوراقه في الصحافة والحياة – 1

ساقتني ألأقدار البهية لكي أبدي رأيا بكتاب الصحفي الرائد صبري الربيعي في كتابه (اوراقي في الصحافة والحياة ) وأنا غريب عن مهنة الصحافة المتعبة والمعشوقة والموؤدة أحيانا بقوة القوة القائدة ، فيوما تخنق ويوم تصدح ، إلا أنها كأفعى( الهيدرا) ذات الرؤوس العشرة كلما قطعت رأسا نما لها أخر …لاأنتمي الى مهنة الصحافة كوني ضابط برتبة كبيرة إستنفذت الحروب ومابين الحروب جل عمري وكنت كالصحفي الحذق الموسع بالمعرفة طالبا العلم فيها من المهد الى اللحد ولكن بشؤون القتال والتقاتل وصولا الى نصر قد يأتي أو لايأتي ، ليس في جعبتنا الا الطاعة والجود بالنفس رخيصة من أجل وطن ننتمي له جميعا نسموا به وننال الرفعة تحت سقف يغطينا جمعا وأشتاتا…أتاحت لي كما أتاحت لك التكنولوجيا الرائعة سبيلا للتواصل بين الناس حتى بدا العالم لمستخدميها قرية صغيرة  ، أحد أصدقائي العسكريين مقيم في مصر  يراسلني محبة يديم ودا وأبادله ودا  ، ودا بود من خلال تخاطب الكتروني بالايميل ، ناشدني ناصحا وقال : لما لاتكتب في المجلات والمواقع الالكترونية ماتجود به من أفكار وقصص عن مهنة الحرب ، فلك إسلوب جدير بأن يقرأ فيحدث فرقا ويغني ، شكرته لإطرائه وأمتثلت لوكزة حاثة محببة ونشرت اولى مقالاتي في مجلة الكاردينيا التي يديرها الاستاذ الاديب جلال جرمكا ، الرجل ابدى سرورا وترحيبا بإنضمامي الى كتاب مجلته ..تلقيت تعليقا على المقال نصه (أين كنت يألطاف تلطف علينا بما تجود وأثري عقولنا بروائع الادب ولاتحرمنا من أدب يطرد السمين فيه غثه ، رجائي أن تكتب وتستمر بالكتابة ) كانت هذه كلمات الصحفي الرائد صبري الربيعي ، بين مهنيتينا تباعد ومسافات ، الرجل لايعرفني ولم يحدث ان تعرفت عليه  ، من هذا المناجي من غياهب اللامعروف عندي ، في مواقع الانترنيت عرفت من يكون الربيعي ، وذاك أشعرني بدفقة واحدة بالافتخار والتأمل فذاك طلب عصي رده الى ماعداه فالمقال الاول لي أصاب كبد الصحافة ورأسها وحفر في ذاكرتي إخدودا إنفتق عن نبع من المقالات استمرت وتجاوزت المائة مقالة الكثير منها في موقع كتابات الراقي ومديرها الاديب الاستاذ الزاملي الذي تلقى إتصالا هاتفيا من الربيعي بتبني مقالاتي والثناء عليها
لعلاقة الود التي تربط الاديبين المخضرمين بعشق الكلمة  ، الربيعي متابعا لايكل وكأنه يقول (زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون) تأملت صورته السائرة في التقادم الزمني ورأيت فيه المسحة الابوية او الاخ الكبير وعاديات الزمن التي غلفت سطح وجهه بهالة من الحزن الخفيف وعدم قدرة جمال الغربة الجميل على مسحها فهو بغدادي النشأة تلاطمت الاحداث العراقية الجسيمة أمامه ، الاحداث العنيفة حديثها والقديم فيها من اليفها الى يائها وهي معروفة لمن يدخل في اتونها ، وبصفتي عسكري ، مايستهويني شيئا قدر الرغبة بالعودة الى الاماكن التي تقاتل فيها العراقيون مع اعدائهم لرؤيتها بعد تخلي الموت عنها في حالتي النصر والاخفاق  كل علاقتي عمرها شهور ثلاثة  ، كانت غنية بما يكفي ليهديني مؤلفه( اوراقي في الصحافة والحياة ) الكتاب المفخم بالاناقة وجودة الطبع والتصميم والاخراج ، وصلني الكتاب بالبريد على عنوان طلبه مني وتابع مسيرة وصوله يوما بيوم وكنت اقول له لاتقلق سيصل الكتاب، لقد أثقلني بفضله ودماثة الخلق فيه  .. قرأت عديد من كتب المذكرات العالمية ، كنت ارى فيها الرفعة في الطرح والتجرد فكاتبها يحاكي نفسه ويقول ليس بعد المذكرات مذكرات فتراه مسحوبا بقوة صراحته أحيانا لأن يبيح   اسرار شخصية تلمس ذاته او زوجته فيهوي بالجميع الى درك متسافلا متوخيا ملامسة الحقيقة وإيصالها للقارىء كما هي ليقوم القارىء الفطن بنقله من قعره الى الذرى  وليتمكن كاتبها ان ينقل للمتلقي مايريد إبقاءه حيا يحيا بعده كبذرة تخلت عن نبتة جفت وتهرت بقصدية صناعة حياة جديدة ، هدف سامي علمتنا اياه امنا الطبيعة وتأنسنت بإنسانيات تبنتها الاديان والقيم والاعراف كي تجر الانسان الى الخلود بعمله ، وصلني الكتاب الى عنواني  وتأملته قليلا قبل أن أبدأ بتصفح صفحاته ، وقلت لنفسي لقد وضعت نفسي بين القراب والسيف وضيقت على نفسي ، كضيق القبر على ضيقه وأقتضى مني أن أبدي رأيا فيه صادقا وهو فخ وقعت فيه لامنجاة منه الا إليه… تشكل الحقيقة والصدق ومحبتهما نصف جسمي تستحوذ عليه ، أعشقهما عشقا ولحديتهما عندي أتجانب  الاحتكاك بهما ، ولكن علي أن أقول رأيا فيه وليكن مايكون ، شرعت بقراءة الكتاب الضخم والمتضمن 488 صفحة ، واستذكرت قول الشاعر العربي  (وعين الرضا عن كل عيب كليلة   وعين السخط تبدي المساوىء : نحيت قول الشاعر عني فقد علمتني الحياة ان اتحصن من مثله إن لم يتجاوز قدرتي على التصريح بالحق ، فالحق حق مستحق لمن له الحق
يتبع الجزء الثاني