حالة الغليان الشعبي التي تشهدها بغداد ومدن عراقية أخرى، هي في الاساس ضد الفساد المستشري في سائر أرجاء العراق وبشکل خاص في بغداد وفي الوقت الذي يشعر ويرى فيه الشعب العراقي بأن نخبا کثيرة من الوجوه التي برزت بفضل الاحتلال الامريکي للعراق وتنامي نفوذ النظام الايراني فيه، صارت تعيش في حالة نعيم وتزداد ثراءا في وقت أن شبهات الفساد تحوم على رٶوس هذه النخب بحيث يشعر بها الانسان بکل بساطة.
مع إزدياد ثراء الفاسدين”وماأکثرهم”، فإن الشعب العراقي يزداد فقرا وحرمانا وتزداد معاناته والذي زاد من سخط وغضب الشعب العراقي ودفعه للخروج الى الساحات، هو المماطلة والتسويف في تحسين أحواله ولاسيما المعيشية منها، وإن تعاقب الحکومات وبقاء الاوضاع السلبية على حالها دونما تغيير، أثبت للشعب العراقي بأن خيراته وأمواله تتبعثر وتتبدد يمنة ويسرة وعلى مرئى ومسمع منه، ولذلك فإنه نزل الى الشوارع والساحات مطالبا بالتغيير والذي يعول عليه من أجل إسترداد حقوقه وتحسين أحواله وأوضاعه المختلفة.
إزتفاع عدد قتلى التظاهرات في العراق إلى 44 ومئات المصابين، بحسب ما نقلت وكالة رويترز. وأضافت أن أكبر عدد من القتلى وقع في مدينة الناصرية بجنوب البلاد، حيث لقي 18 حتفهم، بينما قتل 16 في العاصمة بغداد. فإن ذلك يدل على إن الشعب العراقي جاد تماما في هبته هذه من أجل القضاء على الفساد الذي فتح الطريق لنهب وسرقة المال العام، ولکن، من أين جاء الفساد وکيف إنتشر بهذا الشکل الرهيب؟ ومن هم “الحيتان والجرذان” الکبار الذين يقفون کعصابات مافيا خلف الفساد والفاسدين؟
العودة الى حقبة سئ الصيت نوري المالکي تحديدا وماجرى فيه من أحداث وتطورات کانت معظمها مخطط لها من أجل تحقيق مصالح وغايات، وأسفرت تلك الحقبة المظلمة التي ذاق فيها الشعب العراقي الامرين عن تحقق أمرين؛ الاول ترسخ وتوسع نفوذ النظام الايراني في العراق والثاني تهيأة الارضية والاجواء ليس لإنتشار الفساد فقط وإنما لترسخه أيضا وصيرورته أمرا واقعا، علما بأن شبهات الفساد وکما أعلنت الکثير من الاوساط السياسية والاعلامية حامت وتحوم حول نوري المالکي نفسه الذي يريد الان أن يرکب موجة التظاهرات بإيعاز من النظام الايراني، ومن دون أدنى شك فإن هناك حالة ترابط جدلية بين النفوذ الايراني في العراق وبين إنتشار الفساد، إذ لايمکن لأي دور ونفوذ أجنبي أن ينتشر ويترسخ في ظل وجود إرادة وطنية، وإن النظام الايراني ومن خلال صناعته لأحزاب وأذرع لاهم لها إلا المحافظة على هيمته ونفوذه، قد خلقوا الاجواء المناسبة جدا للفساد وماتفعله هذه الاحزاب والميليشيات ولاسيما”الحزب القائد” للفاسد الاکبر في العراق، هو تماما مثل الذي فعله ويفعله الحرس الثوري في إيران من جانب والحاکمين هناك من جانب آخر، ولو تجشم البعض من المختصين بقضايا الفساد ونهب المال العام بإجراء دراسة دقيقة للفساد في إيران، فعندئذ ستتوضح الصورة کليا ويتبين من هو الغول والتنين والجرذ الاکبر الذي يقف خلف الفساد والفاسدين في العراق!