· المرحوم ناجي طالب رئيس الوزراء الأسبق : عبد الكريم قاسم لو شكل مجلس قيادة الثورة في بداية ثورته لوصل إلى مرحلة الأنبياء لما يحمله من نزاهة ووطنية صادقة .
· رواد الثورة لم يكن يمتلكون الخبرة السياسية وكيف يتعاملون مع ظروف الحياة الجديدة .
· عبدالسلام عارف كان واسطة غير نظيفة بين عبد الكريم قاسم وجمال عبد الناصر و كان ينقلمعلومات خاطئة إلى الطرفين من اجل أغاضتهما .
· 14تموز كانت انقلاب عسكري، ولكنها تحولت بعد ذلك الى ثورة شعبية عارمة مئة بالمئة
عمار منعم / زهير الفتلاوي
أقيمت في رواق امعرفه جلسه حواريه بعنوان 14 تموز ثورهام انقلاب شارك قيها الأستاذ مفيد الجزائري والاستاذ عبد الله اللامي قدمهاالدكتور حيدر الدهوي إمام حشد من الشخصيات الثقافية والفكرية والاعلاميه ومحبي الزعيمالخالد عبد الكريم قاسم وقد تخللت الجلسة الكثير من الاعترافات التاريخية ابرزهااعتراف الأستاذ عبد الله اللامي التي سوف تصدر من خلال كتاب مطبوع بعنوان اعترافاتمتاخرة لقومي متآمر الذي سعى على ان تكون هذه الاعترافات امام زوجته التي خضراتالجلسه وافقته في جميع محطات حياته أضافه الى التحليلات السياسيه والرؤى الفكريهوالاجتماعية وذلك بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين وادناه مادار في الجلسة .
الباحث مفيد الجزائري:
موضوع 14 تموز كان وما يزال موضوع فيه الكثير من الجدلوالرؤى والتحليل المختلف لها، والبعض يتطير ويتشائم من هذا الانقسام في الرأي ،ولكن هذا الامر طبيعي، فمن المستحيل ان تجد على مدى التأريخ ان يتفق المؤرخونوالباحثين على امر او موضوع معين، فلكل باحث ومؤرخ رؤيته ومنهجه في التحليلوالقراءة، ولو كانوا متفقين لاصبحت العملية مملة، ونحن لا يمكن ان نتحدث عن واقعةتاريخية معينة الا من ضمن ظروفها التي احاطت بها، فلا استطيع ان اسقط معرفتيالحالي على ما حدث قبل خمسين سنة، حيث كانت القيم والناس والتطلعات مختلفة، حيثكان الناس يعتبرون عهد نوري السعيد ظالم وقمعي وهناك شواهد كثيرة على ذلك، منهاالاعدامات التي بدأت في سنة 1941 ولم تنتهي، وكان هناك تطلع وتوق كبير للناس مناجل التغيير، وكانت الناس تريد ان يكون العراق جزء من جبهة التحرر العربية، بعد انكان يعد نفسه في ذيل الاحداث، اي جبهة مقارعة الاحلاف والجبهات العسكرية، وكانهناك شعور بان العراق مكبل وفي الداخل كان طبقة الاقطاع تسيطر على الحياة فيالعراق، على الرغم من وجود حديث عن وجود ديمقراطية، بينما انا كنت شاهد على الحملةالانتخابية التي جرت في 1954، والتي فاز فيها المعارضة بنسبة 10% تقريبا، ولكننوري السعيد حل المجلس قبل ان يعقد اول جلسة، فلم يكن يطيق رؤية معارض في المجلس،وبعدها تم شن حملة شرسة ضد المعارضين، فلم يكن هناك امل لدى الناس ولو تدريجيبالتغيير التدريجي، فلذلك تجد ان هناك تأييد غير مسبوق لثورة 14 تموز.
مبينا: انها لم تكن ثورة وانما انقلاب لتغيير نظامالحكم، ولكن قادة الحزب الشيوعي في اجتماعاتهم في سنة 1956 بحثوا كيفية تحويلالانقلاب الى ثورة والاليات اللازمة لهذا العمل، فالفرق بين الانقلاب والثورة، انالانقلاب يزيح حكومة ويأتي بحكومة جديدة مختلفة وفي الغالب لا يغير شيء مما يجريفي المجتمع، ولكن الثورة شيء مختلف، فهي تجري تغيير في القوانين والاقتصادوالاجراءات وتغير اوضاع المجتمع وتغيير سياسي وثقافي وفي بناء البلد، وبالتاليطبيعة النظام كله يتغير، ولو رأينا ما حدث بعد 14 تموز لوجدنا ان الانقلاب قد تحولشيئا فشيئا الى ثورة، حيث تم قلب الاوضاع في الريف، الذي كان يعاني من الاستغلالللفلاح من قبل الاقطاع، وكان الفلاح يعاني الفقر الشديد المدقع، فالاصلاح الزراعيغير النظام الزراعي رأسا على عقب، وهذا تطور اجتماعي جذري، واذا اتينا للتغييراتالسياسية، منها: الخروج من حلف بغداد والغاء القواعد العسكرية في الحبانيةوالشعيبة، وعلى الصعيد الاقتصادي تمثل في الخروج من الاسترليني وارجاع 99,5% منالاراضي التي لم تكن مستثمرة من قبل شركة نفط العراق الاحتكارية، وعلى الصعيدالاجتماعي كان هناك قانون الاحوال الشخصية والذي لم يسبق له مثيل في المنطقة،وتأسيس اول نقابة صحفيين واول اتحاد ادباء، وقانون جامعة بغداد وقانون الكسبالمشروع، على الرغم من ان مدة الثورة كانت اربع سنوات ونيف.
وقال: هناك توزيع الاراضي السكنية، وحول العديد منالصرائف الى بيوت، وكان يتجول في العديد من المناطق ليلا، واعمار البنية التحتيةللعديد من المناطق، والبنى العمرانية التي حصلت في بغداد وغيرها من المناطق، رغمان الدولة لم تكن مستقرة ووجود صراع بين القوى السياسية وتعرضه لمحاولات اغتيال ،وقام بتأسيس منظمة الاوبيك في بغداد تحت اشراف عبد الكريم قاسم وهي السعوديةوالكويت وايران وفنزويلا والعراق.
واضاف: ان الاجراءات التي اتخذت بعد يوم الانقلاب قدغيرت الواقع العراقي بشكل واضح وملموس ووضعت البلد على بداية طريق لو انه استمر،وكان العراقيين يطمحون ان يروا العراق يتقدم ويكون له مكان بين دول العالم. كما تموضع حجر لعدد من الاسس.
وان الانقلاب الذي حصل قد تم بمشاركة جميع القوى الوطنيةالمعارضة والتي قادها الضباط الاحرار والتي كانت جزء من جبهة الاتحاد الوطني، وقبلالثورة لم يكن الحزب الشيوعي الوحيد الذي يعلم بها، وانما كانت الكثير من القوىتعلم بما فيهم الاكراد وكامل الجادرجي وصديق شنشل وغيرهم، ولم تكن لتنجح الثورةلولا التفاف الجميع حولها، وكان هناك حماس منقطع النظير. و كان هناك امل كبير لدىالناس في الانعتاق والتحرر.
ولكن المشكلة ان رواد الثورة لم يكن يمتلكون الخبرةالسياسية وكيف يتعاملون مع ظروف الحياة الجديدة، فالحزب الشيوعي عند قيام الثورةلم يكن يمتلك اكثر من الف عضو ونصفهم كان في السجون، على الرغم من انه كان يمتلكشعبية واسعة، كما ان وضع الاحزاب الاخرى لم يكن افضل من الحزب الشيوعي.
ثم تفضل الاستاذ عبد الله اللامي:
في عام 1982 وانا كنت زائر دائم للاستاذ المرحوم ناجيطالب رئيس الوزراء الاسبق، وسألته ذات يوم عن تقييمه للزعيم عبد الكريم قاسم،فاجاب بالحرف الواحد وقال:”والله والله والله هذا الرجل لو شكل مجلس قيادةالثورة في بداية ثورته لوصل الى مرحلة الانبياء، لما يحمله من نزاهة ووطنية صادقة،وهذه حقيقة يجب ان تقال”.
وهناك نقطة احب ان اشير اليها ان السبب الرئيس في وأدثورة 14 تموز نحن الاثنان والبعثيين ( المقصود الجزب الشيوعي والحزب القومي وحزبالبعث )، لاننا رفعنا شعارات لا تترفع الى مستوى المسؤولية، وكانت شعارات فارغة ،عبارة لا تخلو عن السب والشتم ، ونحن كقاعدة لم يكن علينا الا ان ننفذ هذهالشعارات ونطبل لها، فكنا نحمل هذه الشعارات وكأننا ليس من بلد واحد، وكل حزب يمنينفسه بانه يريد السيطرة على الامور، فالحزب الشيوعي كان يرى عبد الكريم شيوعيمفصول، والقوميون ذهبوا مع عبد السلام عارف، والسبب الرئيسي حسب الوثائقوالمعلومات المؤكدة لي في النكسة والخلاف بين عبد الكريم قاسم وجمال عبد الناصر هوعبد السلام عارف، حيث كان واسطة غير نظيفة بين الطرفين، كان ينقل معلومات الىالزعيم من اجل اغاظته وكذلك يفعل مع عبد الناصر.
وكانت شعارات الحزب الشيوعي من ضمنها “ماكو مؤامرةوالحبال موجودة”، فهناك العديد من الاخطاء التي تتحملها مجتمعة قادة الاحزابالسياسية مجتمعة، والتاريخ يقول ان وزارة عبد الكريم قاسم التي شكلت بعد الثورةبيومين تعد اول حكومة عراقية نزيهة منذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا، حيث كانت تحملاسماء نزيهة، وتعد بحق حكومة الشراكة الوطنية، لان كل الاحزاب الوطنية مشاركةفيها، حتى الحزب الشيوعي من قبل ابراهيم كبة.
وهناك نقطة مهمة، ان هناك عدة انقلابات قد حصلت في عهدعبد الكريم قاسم، والسبب ان القوميين العرب جريئين ولكنهم لا يفهمون في السياسة،على العكس من الشيوعيين الذين كانوا يفتقرون الى النضال الدامي، فلم تكن هناك نقاطمشتركة او توازن بين القوى، ولم تكن الثورة قد جرت بشكل صحيح او تم التهيئة لها،وانما كانت انقلاب عسكري، ولكنها تحولت بعد ذلك الى ثورة شعبية عارمة مئة بالمئة، ولكنالحادثة الرئيسية التي اثرت على نفسية الشعب العراقي اعدام العائلة المالكة.
وانا اعتبر الحزب الشيوعي العراقي من انظف الاحزابالموجودة على الساحة، الذي استطاع ان يواصل وينتقد تجاربه باستمرار، فلم اجد ايتجربة سياسية تنتقد نفسها بنفسها.
مفيد الجزائري:
هناك كتب ودراسات وابحاث كتبت عن الثورة ، ولكن لم يجرجهد موحد للاطراف المشاركة ان تقيم سوية تعاملها وتصرفاتها وهذا مهم جدا، من اجلان نجد الحقيقة ، ونوضح للأجيال كيف كانت الامور قد جرت، وكيف يجب ان نتعامل معالامور. فنحن نريد الحقيقة كما هي عارية عن الكذب.
ولدي ملاحظتين، الاولى: ان الحزب الشيوعي العراقي كان لهسمعة وجماهيرية كبيرة لم يكن ينطلق من ضخامة العدد ووجوده، وانما كان منطلق منضخامة شعاراته وقوته السياسية، وبعد الثورة لم يكن الحزب الشيوعي مستعد لهذهالتحول والتغيير، وكذلك الاحزاب الاخرى وبدء الصراعات المبكرة، فلم يكن سهلا علىالقيادات السياسية ان تتجنب المطبات والاخطاء.
والحزب لم يتوفق في ادارة هذه الجماهيرية والشعبيةالواسعة التي احاطت به، ولم يكن له القدرة على استيعاب الاعداد الهائلة وينظمهاويرتبها ويسيطر عليها ويوجهها بالشكل الذي يراه صحيح، لذلك كثير من الامور قد حدثتخارج سيطرة الحزب.
والملاحظة الثانية: ان ابراهيم كبة لم يكن يمثل الحزبالشيوعي، واختاره الزعيم وزيرا للاقتصاد كشخصية وطنية وماركسية وربما لم يكن يريدان يرى الحزب الشيوعي ممثل في الحكومة، حيث ان الحزب الشيوعي قد استبعد منالوزارة، الى ان تم فرض نزيهة الدليمي بعد ذلك.
والنقطة الاخرى، ان حركات القوميين لم تكن تسمى جرأةوانما مغامرة ومقامرة ولا يحسبون الامور بصورة صحيحة، بينما تردد الشيوعيين نتيجةلحساباتهم الدقيقة.
بعدها فتح باب المداخلات التي طرحت اسئله اجاب عليهاالباحثان وكانت اولها للاستاذ نجاح سميسم:
هل هناك علاقة بين اجهاض ثورة تموز وبين جمال عبدالناصر؟ وماذا نستخلص من فترة عبد الكريم قاسم، وهل نستطيع ان نعكسها في هذاالوقت؟.
الدكتور رافد الخزاعي:
ان الحزب الشيوعي قد بدأ يرسم احلام الفقراء قبل الثورة،وقد طبقها بعد الثورة، وقد كان الشيوعيين هم الطبقة المثقفة لذلك استلموا المناصبالحساسة بعد ثورة 14 تموز مثل القضاء والنزاهة وغيرها، وكان هناك صراع بينالقوميين والشيوعيين، معتبرا ان غياب العدالة سبب كبير في الصراع والمشاكل. كما انالتدخلات الخارجية ايضا لعبت دورا كبير في تأجيج الاوضاع والازمات كما هو الان.
الدكتورة حنان الشمري:
انا اعتقد ان طرفي ثورة تموز الشيوعيين والقوميين لمتنصفا العراق، لان الشيوعيين كان لديها تثقيف قبل الثورة، لكنهم يفتقرون الىالالات الدبلوماسية، بينما القوميين كان لديهم جرأة واندفاع، وكانت في وقتهاالحماسة والاندفاع له مأخذ كبير بسبب الثورات العديدة التي حصلت وقتها في العالم،ومنها ثورة 1952 في مصر.وكانت مرحلة اندفاع الشقاوات، والشيوعيين استغلوا ضعف عبدالكريم قاسم امامهم عندما كان معهم في احدى الفترات على الرغم من انه لم يكن يريدهذا التوجه.فاستغلوه اسوأ استغلال.
ناصر الياسري:
انا احمل الحزب الشيوعي مسؤولية تحريض الزعيم علىالقوميين وعلى عبد الناصر، وقد اسفر هذا عن مجازر في الموصل وكركوك، وما قضية قطارالسلام الا الشرارة الاولى التي قدحها الحزب الشيوعي مع كل الاسف.
الاستاذ شاكر كتاب:
القائمين على الثورة او الانقلاب كان في تخطيطهم ان تكونثورة بكل معنى الكلمة، لان اول اجراء اتخذ في 14 تموز هو الغاء النظام الملكيواقامة جمهورية، وهذا التغيير اعقبه امتدادات في البنية التحتية والاجتماعيةوالاقتصادية بشكل فوري، فهناك قانون النفط والاحوال الشخصية والاصلاح الزراعي. ولكنالثورة قد حرفت فيما بعد وظهرت الصراعات والخلافات.
فارس حرام من النجف الاشرف:
نحن بحاجة الى الحل الثقافي في العراق، حل مشكلة القيموالاحداث وحل تقويم الشخصيات التي صنعت الاحداث في العراق، وفتح النقاش امامالناس، وهو الحل الامثل بدل من صرف مليارات على حلول امنية للعراق.
وقد ختمت الجلسة بالتقاط الصور التذكارية بين الباحثين والحضور وتبادل التحيات والاماني السعيدة لجميع الحاضرين وللشعب العراقي الكريم
وعلى هامش هذه الحواريه تم تكريم صالون رواق المعرفة من قبل الاتحاد العام للأدباء وذلك لدور الرواق المتميز في اغناء الحركة الثقافية في العراق