23 ديسمبر، 2024 7:03 ص

صالح الكويتي ( العود والفرهود خلف الحدود )

صالح الكويتي ( العود والفرهود خلف الحدود )

في كتاب صدر لي قبل اعوام عنوانه ( عراق رومي شنايدر ) أفردت فيه فصلا مهما عن الفنان العراقي ــ اليهودي الديانة ( صالح الكويتي ) تحدثتُ فيه عن خواطر حزن سدارة الرجل الذي ادخل الحداثة للموسيقى العراقية المعاصرة من أجمل وأوسع ابوابها عبر الشجن الاسطوري للمطربة سليمة مراد صاحبة الاغنية الساحرة ( قلبكْ صخر جلمود ما حَنْ عليه ).
وتلك الاغنية التي سكنت أفئدة العراقيين في مقاهي الذكريات واراجيل الذكريات وخنادق الحرب هي من ظلت باقية في وجدان الرجل وجسده وكانت هي من بعض مناجاة الشوق للبلد الذي هُجرَ منه قسرا بعدما أن اعتقد الباشا نوري السعيد ان صالح واخيه داود اكملا مهمتما الفنية وعليهما صعود الباخرة من العقبة الى حيفا.
كان من بين اهم ما حمل معه صالح الكويتي هو آلة الذي الذي صنع من خلال اوتاره اعذب اغنيات الحناجر اليهودية والمسيحية والمسلمة واغلبهن من النساء ، هذا العود هو والسدارة و3 بدلات رجالية وعدة الحلاقة ومسبحة وحاجيات خاصة ومن بعضها دفاتر لنوتات تلك الاغاني الخالدة هو كل ما نجا من الفرهود الذي عم البيئة الاجتماعية الساذجة التي ربما فرحت بقرار تهجير اليهود العراقيين الى فلسطين . وهو ذاته الفرهود عاش في متشابهات اخرى عندما نهب ميناء المحمرة في بداية ثمانيات القرن الماضي وفي التسيعينيات نهبت الكويت التي ينتمي اليها صالح الكوتي بأسم الولادة واللقب الفني .
عاش صالح الكويتي خارج الحدود يحمل الكثير من اسئلة الاسى لما حدث في هذا الفرهود ـ وبالرغم من انه شعر بوجود اغنيه تبث من الاذاعة والحفلات أنه لم يسلب منه شيئا إلا أنه شعر بأمتعاض هائل عندما اخبره قادمون من العراق عبر لندن بأن اوامر رئاسية صدرت بأخفاء واتلاف الارشيف والوثائق الموةسيقية والادارية التي تهم جميع انشطة الاخوين ( الكويتي ) قي الاذاعة والتلفزيون العراقية . وقتها شعر صالح الكويتي ان الفرهود شمله الآن ، فعاش في ازمنة نفسية اخرى لم تمكنه من انتاج لحنا جديدا وكل ما كان يقدمه في الاماسي والمنتسبات الكثيرة التي يحتفي فيها يهود حيفا من العراقيين أنه يعيد وبحنجرة دامعة انشاد اغنيته ( الهجر مو عادة غريبة ) وكانه يريد أن يذكر التأريخ العراقي منذ السبي البابلي والى سنوات تهجير اليهود بأنه كان يعيش فورة الاسى التي يصنعها الولاة والمستعمرون مع الاقليات وهذا ما تكرر في العصر المغولي والتركي والعصور الاخرى ليس مع اليهود فقط بل مع الصابئة والارمن والتركمان والمسيح والافيلية والايزيدين وغيرهم.
لكن الفرق مع اليهود أنهم نالوا القسوة بطريقة التهجير ومصادرة الممتلكات او جعلها وقفا لواحدة من اجمل امكنة البناء المعماري العراقي الذي زخرت به محلات التوراة في المدن العراقية وهي بيوت الشناشيل الخشبية.
صورة صالح الكويتي ( 1910 ــ 1986 ) لاتنطبق في جمالية مشاعرها من خواطر الفرهود المتكرر في الحياة العراقية ، والذي نراه ملتصقا بوجه لصوص الساسية ومقاولي الغفلة ، وحتما في بلد متنوع كالعراق تتنوع اشكال التعامل مع الوجه النقي والطيب والبرئ للذات العراق التي قد تستغفل ويتم سلب مواردها ونطها وموازنتها .
فعليه سنشعر بالفخر أن البعض بالرفم من انهم فرعدوا منه كل شيء الجنسية وطابو البيت والجلاابية والكنتور التسكام والاوراق الثبوتية الاخرى إلا أنه بقي يعيش بهاجس الانتماء الى الليل البابلي الساحر وانه استطاع ان يبقي قلبه نابضا قرب ظلال بساتين ميزوبوتاميا بفضل انه ابقى عوده سالما حين عبر الحدود بعيدا عن فوضى الفرهود الفرهود .