17 نوفمبر، 2024 1:34 م
Search
Close this search box.

صار من الضروري في بقاء الرئيس السوري

صار من الضروري في بقاء الرئيس السوري

بعد ان ادركت الدول التي كانت تدعم فصائل المعارضة السورية بمختلف انواعها و تسمياتها ان سقوط او اسقاط نظام الرئيس السوري ( بشار الأسد ) ليست بتلك السهولة التي كان عليها النظام الليبي برئاسة ( معمر القذافي ) الذي لم يستطيع الصمود سوى لبضعة اشهر بعدها انهار النظام الليبي بمقتل القذافي بعد ان استهدفته احدى طائرات حلف الناتو و طويت صفحته و انتهى عهده اما في الوضع السوري فالأمر مختلف تمامآ حتى صار عامل الوقت ليس في صالح المعارضة السورية المسلحة و الدول التي تدعمها بعد ان هجر و نزح الملايين من ابناء الشعب السوري و بعد ان دمرت تلك الحرب الهوجاء معظم البنى التحتية و الفوقية و الأخطر من هذا كله صارت الأراضي السورية بمثابة المعسكر التدريبي الكبير و المفتوح لكل المنظمات الأرهابية و منه ينطلقون الى مختلف دول العالم .
قبل بدأ الحرب السورية كان نظام الرئيس السوري يسيطر على الدولة السورية بقبضة حديدية قوية من خلال مؤسسات الدولة العسكرية و الأمنية و لم يكن يسمح لأي نشاط معاد للدول الأخرى ينطلق من الأراضي السورية الا اذا كان ذلك بموافقة الحكومة السورية و الدائرة الضيقة التي تحيط بالرئيس فحين كان ( حزب العمال الكردستاني ) يهاجم الدولة التركية انطلاقآ من الأراضي السورية كان ذلك بعلم الحكومة السورية و اجهزتها المخابراتية و الأمنية التي كانت تقدم الدعم و الأسناد للمقاتلين الكرد في كفاحهم المسلح ضد الحكومات التركية المتعاقبة و كذلك كانت الحدود السورية مع الدول الأخرى بما فيها ( اسرائيل ) مغلقة و لا يمكن اختراقها او تجاوزها بسهولة و يسر انما كانت في غاية الصعوبة و التعقيد فقد كانت القوات السورية تحيط بتلك الحدود و تمنع أي تسلل او تغلغل ان ارادت قوة ما اختراقه او عبوره .
كانت ( اسرائيل ) من اكثر الدول التي اصابها الأرتباك و الخوف من الحرب الدائرة في سوريا و التي جلبت معها القوات الأيرانية التي تدعم الحكومة السورية الى القرب من الحدود مع اسرائيل و مازال التهديد الأيراني بمحو ( الدولة اليهودية ) من الوجود ماثلآ و يثير الهلع و الفزع عند المواطنيين الأسرائيليين و ان كان الوجود العسكري الأيراني في سوريا يشكل قلقآ جديآ عند اسرائيل و قادتها كذلك فأن ( اسرائيل ) ليست متأكدة من ان سيطرة الفصائل المسلحة على الحكم في دمشق سوف يكون في صالحها و تلك الفصائل التي في اغلبها ذات توجهات اسلامية متطرفة و سوف تكون تلك الفصائل محرجة امام اعضائها و مناصريها ان هي هادنت او سالمت اسرائيل ما يفقدها المصداقية عن عدائها لليهود و حنقها عليهم و هي أي اسرائيل لا تأمن جانب تلك الفصائل و التي دائمآ ما كانت تنقلب على مموليها و مؤيديها و حتى على صانعيها .
عانت ( تركيا ) و حكوماتها المتتالية من هجمات ( حزب العمال الكردستاني ) المطالب بالحقوق المشروعة للشعب الكردي في تركيا و كانت اغلب تلك الهجمات تنطلق من الأراضي السورية الا ان تلك الهجمات و الأشتباكات خفت حدتها كثيرآ خصوصآ بعد اختطاف و اعتقال زعيم الحزب ( عبد الله اوجلان ) و اغلاق الحدود السورية امام مقاتلي حزب العمال و منعهم من مواصلة نشاطهم المسلح العابر للحدود و الموجه ضد الحكومة التركية انطلاقآ من سوريا اما بعد ام نشبت الحرب في سوريا و تراخت قبضة الحكومة السورية عن عموم مناطق البلاد و بضمنها تلك التي يقطنها الكرد عادت الروح من جديد في ( حزب العمال الكردستاني ) لكن في تسمية ( قوات حماية الشعب الكردية ) التي فرضت سيطرتها على تلك المناطق و استطاعت ان تطرد و تطارد عناصر ( داعش ) و تقضي على فلولهم الا ان هذا الأمر لم يكن محط اعجاب القادة الأتراك الذين توجسوا خيفة و حذرآ من عودة النشاط المسلح للكرد في مقارعة الحكام الأتراك .
بعد هزيمة الجيش السوفييتي و انسحابه من افغانستان رجع الكثير من المقاتلين المتطرفين الى بلدانهم الأصلية و شكلوا فيما عرف حينها ( العائدون من افغانستان ) الذين كانت لهم انشطة ارهابية طالت بلدانهم و انظمة الحكم فيها و على الرغم من البعد الجغرافي الذي يفصل بين الكثير من الدول و منها الأوربية عن سوريا الا ان شبح عودة المقاتلين المتطرفين المنخرطين في الحرب السورية و التي طالت اكثر من المفروض و من المتوقع جعل تلك الدول في حالة من التأهب و الأستنفار لأستقبال تلك القنابل البشرية الموقوتة و التي سوف يطلق عليها تسمية ( العائدون من سوريا ) الذين طالت اعمالهم الأجرامية العديد من الدول الأوربية و التي لم تستطع تلك الدول من التخلص منهم بالتغاضي عنهم حين ذهابهم الى سوريا فكان ان عادوا و هم اكثر تدريبآ و تأهيلآ عسكريآ و فكريآ و هم على أتم الأستعداد جسديآ و نفسيآ في شن هجمات ارهابية عشوائية تطال المدنيين في ساحات الأحتفالات و الأعياد دهسآ بالسيارات او طعنآ بالسكاكين او بالأثنين معآ .
اما الدول الخليجية و التي كان منها يأتي المدد المالي و البشري و الفكري فهي الأخرى في حالة سيئة من الخيبة و التوجس و الخذلان بعد ان انفقت المليارات من الدولارات في دعم الفصائل السورية المسلحة تدريبآ و تمويلآ و تسليحآ و ساهمت بشكل مباشر في امداد تلك الحرب الشرسة بكل المقومات التي من شأنها زيادة حدة الأقتتال بين ابناء الشعب السوري و تدمير بناه الأقتصادية و الأجتماعية لكنها و بعد ان استشعرت تلك الدول و بالأخص السعودية ان سقوط الحكم السوري اصبح بحكم المستحيل و درءآ للأحراج و تقربآ من الحكومة السورية ان بعثت بالرئيس السوداني ( ساعي البريد ) الذي حمل الرسائل المتملقة و المتفهمة للقيادة السورية و كذلك كان استبدال وزير الخارجية السعودي ( عادل الجبير ) المعروف بموقفه المعادي للحكومة السورية في رسالة ودية اخرى من الحكم السعودي و الخليجي ان افتتحت دولة الأمارات العربية المتحدة سفارتها المغلقة في العاصمة السورية ( دمشق ) و كذلك فعلت مملكة البحرين و هلم جرا .
أيقن الجميع ان بقاء الحكم السوري و عدم سقوطه سيكون ليس فقط امرآ مفروغآ منه بل ضروريآ خاصة و ان منطقة النفوذ الروسي لا يمكن لها ان تتخلى عن القواعد العسكرية الجوية و البحرية في سوريا و كذلك كان الأنسحاب الأمريكي من سوريا اقرارآ واضحآ بهذا الأمر و التنازل عن سوريا للروس مقابل ان يكون العراق من حصة امريكا و كذلك فأن بقاء نظام الحكم السوري ضروري و مهم في استقرار دول الأقليم كلها دون استثناء او بالأحرى كل دول العالم حيث جعلت سنوات الحرب الطويلة في سوريا من هذا البلد المكمن و المنجم الذي يحتوي على اعداد هائلة من الأرهابيين المدججين بالسلاح و المال و الأفكار و المستعدين للقتال في أي بقعة من العالم و ليس بأمكان الا الحكومة السورية الحالية القوية من لجمهم و القضاء على هذه المجاميع الأرهابية و تصفيتهم جسديآ و منع عودتهم الى البلدان التي جاءوا منها ما يعزز الأمن و الأستقرار في تلك البلدان و مع هذه المعطيات اصبح وجود الحكم السوري الحالي ضرورة ملحة و مهمة لكل الأطراف و لابد من دعمه و تقويته بدلآ من اضعافه و اسقاطه كونه صمام الأمان الوحيد و غيابه سوف يعني فوضى عارمة غير خلاقة تغرق المنطقة و تحرق الأخضر قبل اليابس .

أحدث المقالات